مقالات

رجال الحديبية (٢)

بقلم / د. محمد كامل الباز

(هكذا الحب يا فتى)
خرج علينا منذ أيام رئيس وزراء الهند المدعو مودى لينتقض إمام النبيين وخاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.. ويبدو أن الأمر أصبح معتاد فكما ذكرنا فى المقال الماضى شتان بين السلف والخلف ، رمز وقدوة مالا يقل عن اتنين مليار بنى آدم يُنال منه كل فترة ولا يتحرك ساكن لأحد ، اللهم إلا بعض الاستنكارات المعتادة التى لا تسمن ولا تغنى من جوع ، جلست مع نفسى أتخيل ماذا لو كان مودى هذا موجود إبان صلح الحديبية وقال ما قيل ، لا أريدك أن تحير نفسك وتتخيل فقد أجاب على بعض السؤال عروة بن مسعود عند لقاؤه بسيد الخلق وأصحابه عند الحديبية لعقد اتفاق للطرفين.. ذكرنا آنفاً حديثه عن نخامة النبى ووضوءة وإقتتال الصحابة على ذلك ، جلس عروة أثناء إندهاشه بما يحدث أمامه حيث أراد أن يستفز المسلمين قبل التفاوض ويظهر قوة قريش قائلا ( لو تكن الحرب فأنى والله لأرى وجوها وارى اخلاطا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك ) يريد أن يوضح للرسول أن الحرب إذا اشتدت وحمى الوطيس سيفر الجميع ويتركك يا محمد …. ماذا رد الصحابة ماذا فعل الرجال .. رد الصديق غاضباً وسابا إياه بافظع الألفاظ الخادشة .. الصديق رجل الرحمة واللين ، رجل الرفق والحكمة غابت الحكمة واللين وتحول لاسد جسور عند ماذا …؟ هل سُب النبى ؟ هل نال من قدر زوجاته ؟ لا والله بل اُتهم أصحابه بإمكانية فرارهم من أرض المعركة والتخلى عنه…. اندهش عروة من السباب وتساءل من القائل أجابه النبى أبو بكر … وعاد فى الحديث ثانياً وأثناء الكلام كان يداعب لحية النبى صلى الله عليه وسلم ( من عادات العرب قديما) فوجد من مسك يده قائلاً أخّر يدك عن لحية رسول الله قبل ألا تصل إليك تهديد صريح بقطع يده إذا امتدت للحية رسول الله حتى لو من باب المداعبة ، ليس هذه المشكلة المهم فى الأمر أن عروة تساءل من هذا فالكل ملثم.. جاوبه النبى إبن اخيك ( المغيره بن شعبة ) متخيل …يهدد عمه بالقتل لأنه لايحتمل أن تُمس شعرة حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم ولو على سبيل المداعبة … أين نحن من هؤلاء بالطبع معظمنا يعرف الإجابة
عروة بن مسعود فى ذهول تام مما رأى فقد قدم للتفاوض وفرض شروط الصلح واستعراض العضلات ولكنه عاد لقريش وقد استوعب الرسالة التى رآها فى الحديبية وأخبر قومه قائلاً كنت أرمق أصحابه بعيني ، ماتنخم محمد نخامة إلا وقعت على كف رجل منهم فدلك بها وجه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده ، ومايحدون إليه النظر تعظيماً له.. عروة ينقل الصورة كاملة لقريش لتكون على بينة مما هو آت بل أضاف قائلا لقد جلست الملوك رأيت قيصر وكسري والنجاشى والله مارأيت ملكا يعظمه أصحابه كما رأيت أصحاب محمدِ يعظمون محمدَ وقد جاءكم بخطة رشد فاقبلوها
عندما وجد نوع جديد من الحب لم يعرفه ولن يعرفه أدرك أنه أمام خصم ليس بالسهل ونصح قريش بالتفاوض مع النبى صلى الله عليه وسلم ، لقد وجد معه رجال يحبونه أكثر من أولادهم بل من أنفسهم وقد عاين ذلك بنفسه ، فتح الله على المسلمين بذلك الصلح الذى ساهم فى امتداد رقعة الدعوة وزيادة قوة الدولة الإسلامية والذى كان تمهيدا لفتح مكة وفرض المسلمين كلمتهم على سائر الجزيرة العربية ،بل امتدت الدعوة بكتاب الرسول لملوك الشرق والغرب ، أحب الصحابة الرسول بصدق والتزموا أوامره فحق لهم نصر الله وتمكينه ، لم يحتمل الرجال لمس لحية النبى صلى الله عليه وسلم حتى لو على سبيل المداعبة الأمر الذى جعل أحدهم يهدد عمه علنى وينسى رابطة القرابة والدم فهو مشغول برابط واحد هو حب النبى وطاعته ، لذا عاش هؤلاء الرجال اعزاء وملوك لم يجروء أحد على اهانتهم بينما نعيش نحن الأن حياة الضد تماما ، حيث يخرج من بين جلدتنا الأن من يبرر لرئيس وزراء الهند فعلته قائلاً ، ( ألم نطالب بتنقية كتب التراث من البخارى وأمثاله حتى لا يتهمنا العالم بمثل تلك التهم ) والله لا أدرى هل هؤلاء يجرى فى عروقهم دماء ، أتساءل والله ما هى الذنوب التى اقترفناها فى حياتنا حتى يبتلينا الله بهؤلاء المرجفين المهزومين نفسياً ، يُشتم الرسول علنى ولا يهز لهم ساكناً بل تتحرك أقلامهم ليكتبوا ضد البخارى والتراث .
لن تصل درجة حب النبى لأحد مثلما وصلت مع الصحابة فهم بجدارة أطهر الخلق بعد الأنبياء ولكن الأمة الآن أمام اختبار واضح فى إظهار محبتها لأفضل الخلق وسيدهم فلنرِى هذا المسئول الذى تغافل عن معابد الفئران والابقار المنتشرة فى بلاده وأخذ يتكلم عن سيده وسيد اباءه ، فليعرف أن الكلام عن خاتم النبيين لن يمر بسهولة وليكن موقف الشعوب هى المقاطعة الكاملة لأى منتج هندى ، نريد أن يعرفوا مقدار مافعلوه فهؤلاء لا يخافون إلا على جيوبهم وأموالهم ولتكن بضاعة الهند محرمة على أى أحد نصرة لسيد الخلق وهذا أقل مايُقدم لحبيب الله وشفيعنا يوم القيامة لكى نقابله على الحوض وقد أدينا ولو نسبة قليلة من واجبه علينا .
طبت حياً أو ميتاً يا حبيبي يا رسول الله ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى