
بقلم / نسرين عبد المجيد
تتسلل لخبايا الذاكرة بعض من تفاصيل الماضي السحيق …. كانت تتجنبه زمنا طويلا … وتحاول الإبتعاد عن تفاصيله الدفينة ..فتظهر ما بين الفينة والأخرى …وسأخرجها من كبتها المؤلم قصه طويلة … عنوانها /متاهة الحياة….الجزء الأخير
قصة مستوحاة من الواقع
بعض الأحداث بمسيرة الأيام تفرض عليك نفسها …. فما يحدث بين زوايا الحياة من فرح وحزن وإنكسارات وأحداث …يسيره القدر حسب ما يمليه عليك بأحداث متسلسلة …. لا تختار أي تفصيل بعمق حياتك وهذا ما حدث حتى هذه اللحظه وأنا أخط إختصارا لحياتي على إصفرار المسارات والأوراق….
بدأت الأحداث تأخذ شكلا ومنحنا آخر تماما ….
بدأت المجموعات الظلا*مية تقترب من بعض المدن التي كنا بين أحيائها وبدأت أصوات المدافع تشق عباب الصمت معلنةً عن فصل جديد برحلة المو*ت المتربص ….
اتذكر جيدا وبدقة ذلك اليوم الكئيب الذي وجدت فيه نفسي حاملا بندقيتي راكضا مع رفاقي متجنبا رصا*ص الغدر … كانت الأرض والسماء قد ملئها الجنون …
وبدأت الأقدار تسرق مني رفاقي الذين كنت معهم جنبا الى جنب بين خنادق الدفاع الأخيره …عن آخر المدن ..
كانت أوقات مفصلية فإما تكون خسارة لكل الأمل أو نصرًا نستعيد بتبعاته باقي الأرض التي إشتاقت إلى أصحابها الحقيقين…… هناك سر أبدي كان يحوم فوق رؤسنا مع الأحجار المتساقطة وأعمدة الدخان والغبار …. لماذا يختار القدر من تكون ملاصقا معه كتفا بكتف … وتخرج أنت حاملا رفات أصدقائك لتودعهم لمثواهم الاخير ..
وإستمرت تلك الحرب النتنه أيام طويلة وليالي متعاقبه لم نكن نعرف معها طعم النوم … فإن أغمضت عينيك فستكون قد ودعت آخر نور سرقته عيناك …..
لا أكاد أتذكر كيف وجدت نفسي مستلقيا بإحدى الشوارع الطويلة … مصابا مخضبا بالجراح …وبعض الرفاق يحاولون الوصول لسحبي لبر الامان …
وكان بينهم صديق وجدت فيه الأخ قبل الرفيق والصديق …جاء بإتجاهي غير آبه بأزيز الرصا*ص المتطاير يمنى ويسرى …وعندما كادت يدي أن تلامس يديه سقط بجانبي مصابا أيضا …وكان وجهه الجميل آخر ما أتذكر …
فقدت وعيي بعدها …وعندما إستيقظت وجدت نفسي ممدًا على سرير أبيض … بمشفى يبدو أنه أقيم على عجل ….ولكن ما سرني كان صديقي على السرير المجاور ينظر اليّ مبتسما …
من رحلة التعافي أصبحت تواقا لما آلت إليه الأمور ..وبدأت تتسلل إلى مسامعي …أخبار النصر وأفراحه … وبدأ العدو ينسحب من أراضينا الطاهره متقهقرا … وبدأ الامان يعود لربوع الوطن من جديد ….وبعد أن هدأت الأمور قررت الإستقرار بمكاني …لأسس لحياة جديده بعيده عن الأوجاع والآهات … وها أنا هنا الآن على مشارف الربيع الاربعين من…. متاهه الحياه ….
وحيدا لم يستطع أهلي الرجوع ولم أستطع ان أذهب إليهم ….
ليست كل النهايات سعيدة …. فهذه قصة واقعية لا يجب ان ندنسها بباطل الكلام ..أو نشوه مسار أحداثها ….
هذه هي متاهة الحياة التي ضعنا ذاتنا وأنفسنا بين جنباتها … قصة مستوحاة من الواقع
تمت بعون الله تعالى.










