فى مؤتمر حماية التراث الفلسطينى.. بالغردقة: العلماء يرفضون تزييف الوعى وتزوير التاريخ
كتب / مصطفى ياسين
حذر العلماء والخبراء من تزييف الوعى العربي والإسلامي بل الإنسانى فيما يتعلق بالتراث الفلسطيني، من خلال حملات تزوير التاريخ والتراث وطمس الهوية الإسلامية والعربية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، مشيرين إلى وضوح ذلك جليا من الهدم المتعمد والممنهج للمساجد والكنائس فى العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة.
جاء ذلك خلال المؤتمر الدولى الثانى عشر للأبحاث والدراسات المتقدمة فى مجال التراث والعلوم الإنسانية والبحوث العلنية بالغردقة، الذى نظمه المعهد الثقافى الإيطالى و مؤسسة مصر المستقبل وأكاديمية روما للفنون، بالتعاون مع عدد من الجامعات والمؤسسات البحثية المصرية والجامعات الأوروبية فى الفترة من ١٩- ٢٢ أكتوبر الجارى بخصوص حماية التراث الثقافى الفلسطينى كجزء من آليات الدفاع عن فلسطين ومقاومة الاحتلال الصهيونى
أكد د. محمود الشنديدي مدير عام مركز التراث الثقافى والعالمى بمؤسسة مصر المستقبل، استشارى إدارة التراث الثقافي والعالمي، أن قضية حماية التراث الثقافى المادى واللامادى فى فلسطين بالغة الأهمية فى نضال الشعب الفلسطينى، حيث إن التراث الفلسطينى سواءً العربى الإسلامى أو المسيحى أو التراث القديم يشكل أحد أهم الأسلحة التى تثبت حق الشعب الفلسطينى فى أرضه ومقاومة كل محاولات طمس ومحو الهوية الفلسطينية وتزييف وعى العالم من خلال عمليات السطو الممنهج على المبانى والمواقع التراثية الفلسطينية و محاولة تقديمها على أنها تراث يهودى.
وقال: لا شك أن اعتراف المؤسسات الثقافية والتراثية فى العالم بالكيان الصهيونى، ومن ثم التعامل مع التراث الثقافى والآثار فى الأراضى المحتلة عام ١٩٤٨ و ١٩٦٧على أنها تشكل تراثا يهوديا وليس تراثا لشعب واقع تحت الاحتلال ،هو أمر مخالف لكل المواثيق الدولية المنظمة لقضايا التراث ومنها القضايا المتعلقة بالتراث والآثار فى الدول الواقعة تحت الاحتلال ومنها التراث المادى واللامادى لكل مكونات وعناصر التراث الفلسطينى.
أضاف د. الشنديدي: أن إدراج منظمة اليونسكو لمواقع أثرية فلسطينية على قائمة التراث العالمى على أنها تراث اسرائيلى يعد أمرًا مخالفًا لكل القيم والمعايير التى تتضمنها رسالة اليونسكو ومنها مشروعات حفظ الذاكرة والهوية للأمم والشعوب وهو يعد تزييف و تزوير علمى للحقائق التى أثبتتها نتائج البحوث الأثرية و العلمية حول طبيعة وملكية التراث الثقافى والمبانى التاريخية و الأثرية فى فلسطين خلال مراحلها المختلفة على مدار العصور قبل الوجود غير القانونى للكيان المحتل، وان تم ذلك طبقًا لقرارات من الأمم المتحدة والتى أضفت شرعية على واقع مفروض بقوة السلاح والدعم الغربى لهذا الكيان، ومن المفترض طبقًا لرسالة اليونسكو العالمية والتى ينظمها الميثاق العام لليونسكو أن تنأى بنفسها عن المشاركة فى تزييف الوعى وتغيير الحقائق التاريخية و استلاب حق أحد الشعوب الإنسانية بقبول وترسيخ ما يقوم به المحتل من عمليات ممنهجة لمحو وطمس هوية الشعب الفلسطينى
ولأن الكيان الصهيونى يعرف أهمية المحاولات لإثبات اى وجود تاريخى فى فلسطين فى عصور سابقة فقد أنشأ مراكز الآثار والدراسات الثقافية والتاريخية والتى تعمل بلا كلل على سرقة المواقع التراثية والآثار فى كل فلسطين و فى القدس خاصة ونسبة ذلك إلى اليهود و من ثم تسجيل هذه المواقع و عناصر التراث اللامادى باسم دولة الكيان و التى احتلت الأراضى الفلسطينية منذ ١٩٤٨ و بالتالى فان تقدم دولة الاحتلال لتسجيل مواقع أثرية و تراثية عربية وإسلامية و مسيحية على قائمة التراث العالمى يعد تغييرا وتزييفا و محوا للهوية التاريخية الأصلية لهذه المواقع و لعل من أبرز ما تحاول دولة الاحتلال طمسه و تغييره هو ما يتعلق بالقدس والمسجد الأقصى المبارك
وطالب د. الشنديدى، المؤسسات والهيئات العربية والاسلامية بوقف وإفشال هذه المخططات الصهيونية، ومن هذه الأعمال ما يجرى حاليًا فى غزة والضفة الغربية من هدم الكنائس والمساجد فى غياب المؤسسات المعنية بالتراث الذى يجب أن تتدخل لتطبيق مواثيق ومعايير حماية التراث و المواقع الأثرية أثناء النزاعات المسلحة مع العلم أن ما يحدث فى غزة ليس نزاعًا مسلحًا بل عدوان قوة الاحتلال على الشعب الفلسطينى وأرضه و تراثه بدعم غير مسبوق من دول ومؤسسات غربية فى انتهاك صريح لكل معايير القانونى الإنسانى الدولى العام و لكل المواثيق الدولية المنظمة لحماية التراث الثقافى للشعوب والأمم المختلفة
واقترح د.الشنديدى أن تتولى جهة عربية و إسلامية متخصصة عملية توثيق التراث الثقافى فى كل فلسطين والتوجه إلى الجهات المعنية الدولية لسحب تسجيل المواقع الأثرية والتراث اللامادى الفلسطينى باسم دولة الاحتلال لمخالفة ذلك للمواثيق الدولية و للمعايير العلمية والتاريخية حيث يؤدى إهمال ذلك إلى طمس الهوية الفلسطينية وتضييع حقوق الشعب الفلسطينى كما يؤدى إلى تزييف قيم التراث وتزييف الوعى العالمى فيما يتعلق بالتراث الأممى للشعوب، ويبدى استعداده للمساهمة فى هذا العمل مع مختلف الهيئات والمؤسسات لضمان حماية قيم التراث الثقافى والعالمى للإنسانية.