900
900
تحقيقات و تقارير

الدبلوماسية السعودية تنتصر للقضية الفلسطينية

تحركات سعودية منذ اللحظة الأولى لوقف التصعيد في غزة ومحيطها ومنع اتساعه في المنطقة .. تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لفتح ممرات آمنة للمساعدات ورفع الحصار ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية .. إدانة شديدة لاستهداف المدنيين والبنى التحتية والتهجير القسري .. دعوة المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته وتفعيل عملية سلمية تفضي إلى حل الدولتين .. عقد قمة طارئة بالرياض 11 نوفمبر الجاري لبحث العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني

900
900

كتب /محمد فتحي

منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كانت المملكة العربية السعودية حاضرة بكل ثقلها السياسي والدبلوماسي في المشهد، من أجل دعم ومساندة الشعب الفلسطيني، وذلك من منطلق إيمان المملكة الصادق بأن ما تقوم به من جهود تجاه القضية الفلسطينية إنما هو واجب يمليه عليها عقيدتها وضميرها وانتماؤها لأمتيها العربية والإسلامية.

ومؤخرًا أعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، تلقي طلباً رسمياً من كل من فلسطين والمملكة العربية السعودية لعقد دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة برئاسة المملكة التي ترأس الدورة الحالية (32) في العاصمة السعودية الرياض يوم 11 نوفمبر المقبل.
تحذيرات مبكرة
في اليوم الأول لاندلاع الأحداث في 7 أكتوبر 2023، وعبر بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية، دعت المملكة للوقف الفوري للتصعيد بين الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الاسرائيلي، وحماية المدنيين، وضبط النفس، مذكرة “بتحذيراتها المتكررة من مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته”.
وجددت المملكة دعوتها “المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته وتفعيل عملية سلمية ذات مصداقية تفضي إلى حل الدولتين بما يحقق الأمن والسلم في المنطقة ويحمي المدنيين”.

اتصالات دولية
وفي العاشر من أكتوبر أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، خلال اتصال هاتفي تلقاه من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن المملكة تبذل كل الجهود الممكنة بالتواصل مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية لوقف أعمال التصعيد الجاري ومنع اتساعه في المنطقة، والتأكيد على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وعدم استهداف المدنيين.
كما أكد – حفظه الله – أن المملكة مستمرة في وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة في حياة كريمة وتحقيق آماله وطموحاته وتحقيق السلام العادل والدائم.

من جهته قدم الرئيس الفلسطيني جزيل الشكر لقيادة المملكة مقدرًا مواقفها الثابتة والجهود التي تبذلها للوقوف مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

كما أجرى في نفس اليوم العاشر من أكتوبر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، اتصالاً هاتفياً بالرئيس عبدالفتاح السيسي، تم خلاله الاتفاق على ضرورة تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لوقف التصعيد في غزة ومحيطها ومنع اتساعه في المنطقة، مجددا وقوف المملكة إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة وتحقيق آماله وطموحاته وتحقيق السلام العادل والدائم.

وعلى الصعيد الدولي، تلقى سمو ولي العهد اتصالاً هاتفياً، من الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، بحثا خلاله التصعيد العسكري الذي تشهده غزة. وفي هذا الاتصال، أكد سمو ولي العهد على ضرورة العمل بشكل فوري لبحث سبل وقف العمليات العسكرية التي راح ضحيتها الأبرياء، ورفض استهداف المدنيين بأي شكل أو استهداف البنى التحتية والمصالح الحيوية التي تمس حياتهم اليومية أو التهجير القسري، مشدداً سموه على ضرورة التهدئة ووقف التصعيد وعدم انفلات الأوضاع بما يؤثر على أمن واستقرار المنطقة وضرورة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني ورفع الحصار عن غزة والحفاظ على الخدمات الأساسية والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية.

كما أوضح ـ حفظه الله ـ أهمية العمل لاستعادة مسار السلام بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وتحقيق السلام العادل والشامل.

من جهته أعرب الرئيس الأمريكي، عن شكره لسمو ولي العهد على ما يبذله سموه من جهود لخفض وتيرة التصعيد وعدم اتساعه في المنطقة.

وفي سياق متصل تبادل صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية العديد من الاتصالات الهاتفية مع عدد من نظرائه حول العالم، لبحث آخر التطورات الخطيرة في قطاع غزة ومحيطها، بالإضافة إلى مناقشة أهمية أن يضطلع المجتمع الدولي بدوره لتحقيق وقف إطلاق النار بشكل فوري بما يحقق الحماية الكاملة للمدنيين، وإيجاد حلٍ عادل وشامل للقضية الفلسطينية بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق.

رفض التهجير القسري
تلبية لدعوة الشقيقة مصر للمشاركة في قمة ” القاهرة للسلام”، ونيابةً عن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، ترأس صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، وفد المملكة المشارك في القمة التي عقدت في 21 أكتوبر الماضي.

وألقى سمو وزير الخارجية كلمة في القمة أكد خلالها رفض المملكة القاطع لمحاولات التهجير القسري للفلسطينيين من جانب إسرائيل، مطالباً بالفتح الفوري لممرات إنسانية آمنة، والسماح بإجلاء المصابين، وتمكين إيصال المساعدات الإغاثية والمعدات الطبية دون قيود، للتخفيف من الكارثة الإنسانية والحيلولة دون تفاقمها.

وأكد سموه على تمسّك المملكة بالسلام خياراً استراتيجياً، عبر الوقوف مع الشعب الفلسطيني الشقيق لاستعادة حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية بحدود عام 1967م، وفق قرارات الشرعية الدولية.

وشدد سمو وزير الخارجية على حرص المملكة منذ اندلاع هذه الأزمة على التشاور والتنسيق مع أشقائها وشركائها في المجتمع الدولي، معبراً عن أمله أن تسهم هذه القمة في تحفيز تحرّك حاسم من المجتمع الدولي لإيجاد حلّ ينهي هذه الأزمة، ويسمح بالخروج من نفق المعاناة، ويفسح المجال لحوار جادّ حول مستقبل القضية الفلسطينية، وبحث سبل دعم المجتمع الدولي لسلام عادل ودائم في المنطقة يحقق الأمن والازدهار للجميع، مؤكداً استمرار المملكة في مساعيها مع كافة الشركاء للوصول إلى هذه الغاية.

بيان مشترك
في أعقاب “قمة القاهرة للسلام”، وفي ضوء استمرار التصعيد الذي بدأ يوم السبت 7 أكتوبر 2023 في كل من إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة خاصة في قطاع غزة، واستمرار سقوط الضحايا المدنيين الأبرياء، والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؛ أصدر وزراء خارجية كل من المملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين، وسلطنة عمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية العراق والمملكة المغربية، وجمهورية موريتانيا، وجمهورية القمر المتحدة بياناً تضمن عدد من العناصر من بينها إدانة ورفض استهداف المدنيين، وكافة أعمال العنف والإرهاب ضدهم، وجميع الانتهاكات والتجاوزات للقانون الدولي بما فيه القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان من قبل أي طرف، بما في ذلك استهداف البنية التحتية المدنية، وإدانة التهجير القسري والفردي أو الجماعي، وكذلك سياسة العقاب الجماعي، ومطالبة مجلس الأمن بإلزام الأطراف بالوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار، والتأكيد على أن غياب الحل السياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أدى إلى تكرار أعمال العنف والمعاناة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وشعوب المنطقة، وتأكيد أهمية قيام المجتمع الدولي، لاسيما مجلس الأمن، بتحمل مسئولياته من أجل السعي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وبذل جهود سريعة وحقيقية وجماعية لحل الصراع وإنفاذ حل الدولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وبما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة ومتواصلة الأراضي وقابلة للحياة على خطوط ما قبل الرابع من يونيو لعام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية.

تجنب توسيع الصراع
كما شارك سمو وزير الخارجية، في جلسة المناقشة رفيعة المستوى لمجلس الأمن التي عُقدت في الخامس والعشرون من أكتوبر 2023 حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيه قضية فلسطين، وذلك بدعوةٍ من وزير خارجية البرازيل ماورو فييرا، حيث تتولى البرازيل رئاسة مجلس الأمن لشهر أكتوبر.

ومجددا أكد سمو وزير الخارجية في كلمته إدانة المملكة بشكلٍ واضح استهداف المدنيين من أيّ طرفٍ كان، وقال:” دعت المملكة لضرورة وقف التصعيد والقتل، وإطلاق سراح الرهائن، والالتزام بما تقتضيه المواثيق والقوانين الدولية”، وأضاف:” بذلت القيادة في المملكة جهوداً مكثّفة في التواصل مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل إيجاد حلّ عاجل وعمليّ يوقف التصعيد، ويضع نهاية لدورات العنف الدامية “.

وأشار سمو وزير الخارجية، إلى أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعاني من الحصار والتصعيد المستمر لآلة الحرب الإسرائيلية، والاستهداف المتواصل لمنشآته المدنية ومرافق حياته اليومية، من مدارس ومستشفيات وبنى تحتية، الذي أودى بحياة الآلاف من الأبرياء بما في ذلك النساء والأطفال والشيوخ، وتسبّب في جرح الآلاف من المدنيين.

وأضاف:” ما نشهده من تراخي المجتمع الدولي حتى الآن في العمل على الوقف الفوري لما تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية من عقابٍ جماعي بحقّ سكان غزة، ومحاولات تهجير قسري، لن يقرّبنا من الأمن والاستقرار الذي ننشده جميعاً “.

وشدّد سموه، على أنه قد آن الأوان لأن يضطلع مجلس الأمن بالمسؤوليات التي أُنشِئ من أجلها، وأن يتّخذ المجتمع الدولي موقفاً حازماً وجاداً لإيقاف الانتهاكات الإسرائيلية، بما يضمن حماية المدنيين، وإنهاء الحصار، ويكفل سرعة دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية، من غذاء وماء ودواء، للحيلولة دون حدوث كارثة إنسانية، ويمنع توسيع دائرة الصراع وتعريض الأمن الإقليمي والدولي للخطر.

جهود إقليمية مكثفة
وفي 17 أكتوبر، وبناء على طلب سلطنة عمان، الرئيس الحالي لمجلس التعاون، أعلن المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، تقديم دعم فوري للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة بقيمة 100 مليون دولار، داعيا في الوقت ذاته إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والعمليات العسكرية الإسرائيلية.

وأكد المجلس على “ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه والتحذير من أي محاولات لتهجيره”، مطالبا بإنهاء الحصار الإسرائيلي “غير القانوني” والسماح بدخول الدواء والغذاء لسكان غزة. كما دعا المجلس جميع أطراف النزاع إلى حماية المدنيين، وطالب بإطلاق سراح المحتجزين من النساء والأطفال والمرضى وكبار السن وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

بيان منظمة التعاون الإسلامي
قادت المملكة جهود مكثفة في منظمة التعاون الإسلامي وصدر البيان الختامي للاجتماع الاستثنائي العاجل مفتوح العضوية للجنة التنفيذية على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي في 18 أكتوبر 2023 والذي عقد بجدة، لبحث العدوان العسكري الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني بناء على دعوة مشتركة من كل من المملكة رئيس الدورة الحالية لمؤتمر القمة الإسلامي رئيس اللجنة التنفيذية وجمهورية باكستان الإسلامية، ليؤكد على المبادئ والأهداف الواردة في ميثاق منظمة التعاون الإسلامي، بشأن قضية فلسطين ومدينة القدس الشريف، والتي تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية للأمة الإسلامية جمعاء، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير وعودة اللاجئين الفلسطينيين، وحقه في الاستقلال، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف، وكذلك حقه المشروع في الدفاع عن النفس؛ لمواجهة العدوان الإسرائيلي الذي يستهدف حياته ومقدساته وممتلكاته، وعلى ضوء العدوان الإسرائيلي السافر غير المسبوق في الأرض الفلسطينية المحتلة والمجازر البشعة التي ترتكب بحق المدنيين في قطاع غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي أدت لسقوط مئات الضحايا المدنيين الابرياء وجرح الآلاف وتشريد مئات الآلاف بتدمير منازلهم.

وأكد البيان على عدد من النقاط من بينها: تكليف الأمين العام للمنظمة بالتواصل مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، والأمين العام للأُمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان ورئيس الاتحاد الأُوروبي، ومواصلة التنسيق مع المنظمات الإقليمية والدولية بما في ذلك جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأفريقي وحركة عدم الانحياز، من أجل اتخاذ الخطوات اللازمة لإرغام إسرائيل على وقف جميع انتهاكاتها واعتداءاتها وجرائمها، والعمل على توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

ختاماً، تجدر الإشارة إلى أن التحركات السعودية خلال الأزمة الراهنة ما هي إلا حلقة واحدة من سلسلة حلقات طويلة للتاريخ السعودي الثابت مع دعم القضية الفلسطينية، ومساعي المملكة الدؤوبة للحفاظ على أرواح الفلسطينيين وعلى قضيتهم، حيث تُعد قضية فلسطين من الثوابت الرئيسية للسياسة السعودية، وذلك منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود الذي كان المؤيد والمناصر الأول للشعب الفلسطيني، واستمرت تلك المواقف السعودية المشرفة تجاه القضية الفلسطينية حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -يحفظهما الله- لتنضم إلى ذلك السجل المضيء من المبادرات والمواقف التاريخية التي قدمتها المملكة العربية السعودية، تجاه القضية الفلسطينية.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى