نميرة نجم: غياب الإرادة السياسية والبيانات يعيق التعاون الإقليمي
كتب / أحمد عبد الحليم
قالت السفيرة د. نميرة نجم مديرة المرصد الإفريقي للهجرة بالرباط و المحام و الخبير الدولي أن القضايا البيئية الأكثر تحديا التي تواجهها القارة الإفريقية اليوم هو تزايد مخاطر تغير المناخ العابرة للحدود الوطنية، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بالغابات و لأسباب أخري مُتعددة كصراعات والحروب الداخلية و الخارجية، وعدم السيطرة على الموارد الطبيعية مما يخلق التبعية، و آثار تغير المناخ من الهجرة القسرية والنزوح، و الحركة الريفية الحضرية تؤدي إلى مزيد من إنعدام الأمن الغذائي والأضرار البيئية، و إستدامة صناعة صيد الأسماك المُهددة بسبب إنعدام الأمن المائي، و التصحر و الأضرار التي لحقت بالأراضي بسبب الأمطار الغزيرة، وإختفاء الأنواع المُهددة بالانقراض والتي سيكون لها تأثير على النظم البيئية، و إرتفاع مستويات الصراع الطائفي بين الرعاة والمزارعين، و صراعات الموارد عبر الحدود، و الإستغلال غير المُستدام للموارد، بالإضافة إلى التحديات الكبيرة التي تواجه التعاون الإقليمي في المسائل البيئية ومنها وجود إرادة السياسية حقيقية في النشاط البيئي و التوسع في المشاريع بجدية والإستماع إلى الدول وما تريد، وليس ما نعتقد أنهم يريدونه، بال الإضافة إلى مزيد من البيانات و فهم ما لدينا، وإستيعاب ما هي التحديات على أرض الواقع، جاء ذلك أثناء كلمة السفيرة في الندوة الإفتراضية علي الإنترنت عبر برنامج “زووم ” التي نظمتها الجمعية الإفريقية للقانون الدولي في باريس مع الجمعية الأمريكية للقانون الدولي بواشنطن أمس لمناقشة كتاب السفيرة ” مُقدمة للمعاهدات البيئية للإتحاد الإفريقي” الصادر باللغة الإنجليزية عن دار بريل العالمية للنشر بهولندا.
وعن أسباب ظهور فكرة هذا الكتاب أشارت السفيرة أنه يجب أن يكون للإتحاد الإفريقي نظامًا أكاديميا مثل قانون الإتحاد الأوروبي، وأنه أثناء عملها في الإتحاد الإفريقي، رأت أن هناك العديد من الطلبات من الباحثين و الأكاديميين حول وثائقً و ترتيبات و معاهدات الإتحاد الإفريقي لا يمكن الوصول إليها بسهولة.
و أضافت انه حتى يومنا هذا، لا يمكن تحليل القضايا المُتعلقة بالسياق الإفريقي بمعزل عن التاريخ الإستعماري للقارة، فالإتفاقيات القديمة المُتعلقة بالموارد الطبيعية بشأن محميات الصيد كان المنظور لها مختلفًا تمامًا، فكانت القوى الإستعمارية أكثر تركيزًا على الإدارة بدلاً من الحفاظ عليها، وتركيزها كان منصبًا على إستغلال الموارد، و التأثيرات الإستعمارية لا تزال موجودة بالقارةً، و لا تزال لا توجد سيطرة كاملة على الموارد الطبيعية بالقارة و مازال هناك تأثيرًا للإستعمار على كافة السرديات المحيطة بالأفارقة وقدراتهم، و لا نستطيع فهم التأثيرات اليوم دون فهم تاريخنا، فلقد نما المنظور الإقليمي مع تطور الإتحاد الإفريقي وكان التركيز حتى السبعينيات منصبًا على الإستقلال، ومع الإنتقال من هذا المنظور إلى التنمية والتكامل، تغيرت أهداف الإتحاد الإفريقي مع مرور الوقت من إنهاء الإستعمار إلى التنمية المُستدامة.
و أوضحت السفيرة، أن مُعاهدات الإتحاد الإفريقي للبيئة بدأت باتفاقيات الموارد الطبيعية، فالإتفاقيات السابقة كانت متفرقة وركزت على فكرة إدارة الموارد.
وأشارت السفيرة، إلى أن المُعاهدات هي إحدى وسائل تعزيز التعاون البيئي، و الطرق الأخرى التي يسعى الإتحاد الإفريقي إلى تعزيز التعاون الإقليمي في مجال حماية البيئة تكمل معاهداته، ومن هذه الجهود كثرة البرامج التي تنفذها إدارات الزراعة والبيئة مع الإدارات الأخرى، و الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية، و التأكد من أن التعاون الإفريقي هو إفريقي حقًا حتى يكون هناك المزيد من الخبرة في القارة، فيمكن للبلدان المتوسطة الدخل أن تستفيد أو تقدم الخبرات إلى البلدان الأقل نموًا.
وأكدت نجم، أن بعض صكوك حقوق الإنسان مثل الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الطفل، تعمل على تعزيز وترسيخ المعايير القانونية البيئية في المنطقة, فالميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب له أهمية خاصة لأنه يناقش الحق في بيئة صحية، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توضيح هذا الحق في مُعاهدة إفريقية، في السابق كان الأمر مجرد تصريحات، وهذه المرة الأولى التي تم تدوينه في قانون صارم.
وعلقت نجم، أن أحد أهم الإتفاقيات الإقليمية التي إبرامت في إفريقيا في السنوات الأخيرة هي إتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية سنةً 2018، فتعد منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية أكبر منطقة تجارة حرة منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية، و لها تأثير على القواعد القانونية البيئية في القارة، فالصناعة والزراعة وغيرها كل هذا مرتبط بالبيئة، فينبغي أن تتضمن قواعد التجارة المعايير البيئية وحظر الإضرار بالبيئة، فنحن بحاجة إلى التفكير في التجارة مع نهج شمولي.
و أضافت نجم، أن موضوع المؤتمر السنوي للجمعية الأمريكية للقانون الدولي ASIL هذا العام كان “القانون الدولي في عالم مترابط”، وما يمكنه أن يقدمه نموذج الإتحاد الإفريقي لبناء القواعد القانونية البيئية لتعليم المناطق والكتل الإقليمية الأخرى حول كيفية التعامل مع التعاون في قضايا القانون البيئي، ويوضح أهمية تبادل الدروس المُستفادة، و يعد نموذج الإتحاد الأوروبي نموذجًا مثاليًا، ومن المهم أن نفهم كيف وصلوا إلى هذا المستوى في شئون المُتعلقة بالبيئة.
قام بإدارة الحوار المحامية رومبيدزاي ماويني من الجمعية الأمريكية للقانون الدولي و مساعد أول في ممارسة التقاضي والتحكيم الدولي لدى شركة Foley Hoag LLP، وقدم الندوة كريم مزياني نائب الأمين العام للجمعية الإفريقية للقانون الدولي و المحامي في شركة الأمريكية فولي هوج إل إل بي للاستشارات القانونية الدولية.