شباب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يقودون التحول المناخي في تنزانيا
كتب : أحمد عبد الحليم
في أكبر تجمع سنوي عالمي من نوعه، يُعقد “مُخيم العدالة المناخية” بنسخته الثالثة في تنزانيا، بمشاركة أكثر من 300 قائد/ة مجتمعي/ة فعال/ة في مجال المناخ من أكثر من 100 دولة، من 8 إلى 12 أكتوبر/تشرين الأول. يمثل المشاركون، بينهم شباب وشابات من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حوالي 25% من الحضور، من دول مثل تونس ومصر والمغرب، وكذلك لبنان الغائب قسرا بسبب الحرب الإسرائيلية المدمرة عليه، والتي هي بلدان تواجه تحديات مناخية مثل إرتفاع درجات الحرارة وندرة المياه والجفاف.
يهدف المُخيم، إلى جمع القادة الشباب لإبتكار إستراتيجيات جريئة ومطالب حيوية لدفع العمل المناخي على الصعيدين الإقليمي والدولي، وذلك قبل إنعقاد مؤتمر الأطراف COP29، الذي يمثل مرحلة هامة في المُفاوضات المناخية العالمية. وتعتبر مشاركة هذا العدد الكبير من الشباب من منطقتنا في هذا التجمع، فرصة تاريخية وغير مسبوقة للتعبير عن مطالبهم، وطرح حلولهم الجريئة لمُواجهة الأزمة البيئية التي لا تهدد مستقبلهم فحسب، بل أيضًا إستقرار وإزدهار بلدانهم، والتشبيك وبناء شبكات إقليمية ودولية عابرة للقطاعات والحدود، يمكنها المساعدة في دفع التغيير السياسي المطلوب على المدى الطويل، وتقديم حلول واقعية ومُستدامة للمشاكل البيئية.
ويتضمن برنامج المُخيم، ورش عمل حول قضايا مُتعددة، بما في ذلك النزاعات ونزع السلاح، الطريق إلى مؤتمر الأطراف 29، والتحول في مجال الطاقة، والتكيف مع آثار التغير المناخي، إلى جانب التصدي لتلوث البلاستيك، وتسليط الضوء على قضايا التنوع الإجتماعي والمناخ.
شددت كنزي عزمي، مسئولة الحملات في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على ضرورة رفع أصوات الشباب في مُواجهة التحديات المناخية العالمية، مُؤكدة أن مُخيم العدالة المناخية يهدف إلى تمكين الشباب من مختلف دول الجنوب العالمي بقدرات وأدوات تساعدهم على التأثير الفعّال في مُفاوضات المناخ، مُشيرة إلى أن الشباب في المنطقة كانوا دائمًا في طَليعة العمل المناخي من خلال تقديم حلول مُبتكرة.
وأضافت: “هذا المُخيم يُسهم في بناء القدرات، وتعزيز التعاون بين الشباب، ومواءمة الإستراتيجيات لمُواجهة أزمة المناخ بشكل شامل ومؤثر”.
كما أكدت كنزي عزمي، على ضرورة توفير مساحات آمنة للحركات المناخية، مُشيرة إلى نجاح غرينبيس في تنظيم المُخيم في ثلاث دول مختلفة على مدار ثلاث سنوات، بدءًا من تونس في عام 2022، ومرورًا بلبنان في 2023، ووصولاً إلى تنزانيا هذا العام. مُوضحة أن المُخيم يُعتبر مِنصة لتوحيد الحركات الشبابية لمُواصلة النضال من أجل مستقبل عادل ومُستدام، حيث تتقاطع العدالة المناخية مع قضايا أساسية مثل العدالة الإجتماعية و الجندرة وإنهاء الإستعمار. وخلصت إلى القول: “إن هذا المُخيم لا يدعو فقط إلى الوحدة في العمل المناخي، بل يُمثل نداءً لتفكيك الأنظمة التي تُفاقم التدهور البيئي والمُعاناة الإنسانية، مُؤكدة أن العدالة المناخية هي الطريق نحو السلام والتحرر”.
وختمت: “ورغم الأهمية الكبيرة لهذا التجمع، فإن العقبات الكبيرة التي تعيق الشباب من المُشاركة تأتي في مُقدمتها النزاعات والحروب المُستمرة وعدم الإستقرار في بعض دول المنطقة. في حين يسعى الشباب إلى أن يكونوا جزءًا من الحلول المناخية، فإن الحروب المُتواصلة في دول مثل لبنان وفلسطين وغيرها، تشكل حاجزًا يمنعهم من الوصول إلى المحافل العالمية.”
وقد علّقتا يارا عبد الخالق وتالا علاء الدين، ناشطتان شابتان من لبنان، لم تتمكنا من حضور المُخيم بسبب الحرب الإسرائيلية القائمة على لبنان. على هذا الموقف بقولهما: “كنا كما العديد من الناشطين/ات مُتحمّسات للمشاركة في مُخيم العدالة المناخية، ولكنّ الحرب الإسرائيلية على لبنان والمنطقة جعلت تمثيل بلدنا مُستحيلاً. وللمُفارقة، في العام الماضي، نُظّم هذا المُخيم بنسخته الثانية في لبنان، وكان فرصةً لحشد قوة الشباب، وخصوصًا من دول الجنوب، في مُواجهة التحديات العالمية. لقد كان هذا المُخيم مساحةً إجتمعنا فيها لتبادل المعرفة وتعزيز العمل المناخي وبناء الشبكات الإقليمية. وكان موضوع إزالة الإستعمار والإحتلال حاضرًا دائمًا في نقاشاتنا ومقاربتنا كأساس لتحقيق العدالة المناخية في المنطقة. إنّ هذا الكيان وما يسبّبه من حروب في المنطقة يمنعنا هذا العام بشكل مباشر من المشاركة ويُسكت أصواتنا ويهمّشنا كشباب ويعزلنا عن المناقشات العالمية حول المناخ.”
وإختتمتا “قد نكون مغيّبات قسرًا هذا العام، ولكن أصواتنا حاضرة عبر مشاركة رفاقنا، وليكن هذا المُخيم الذي يجمع الشباب من جميع أنحاء بلدان الجنوب العالمي دعوة للوحدة في العمل المناخي والتضامن بوجه كل أفعال القوى الإستعمارية والأنظمة التي تفاقم التدهور البيئي والمُعاناة الإنسانية. لنسمي الأفعال ومُرتكبيها بأسمائهم ولنقاوم سويًا نحو تحرير فكرنا أراضينا لعلّنا نصل إلى تحقيق عدالة مناخية حقيقية.”
تجدر الإشارة، إلى أن مُخيم العدالة المناخية، هو أكبر منصة حضورية فريدة من نوعها تتيح للشباب من الجنوب العالمي الفرصة للتواصل والتعلم والمُساهمة الفعالة في النقاشات المناخية العالمية. حضر المُخيم بنسخه السابقة ما يقرب من 1000 شاب و شابة من بلدان الجنوب العالمي التي تعاني من آثار تغير المناخ، مما أدى إلى إطلاق مُبادرات مناخية جديدة في جميع أنحاء العالم، وتعزيز تمثيل الشباب من المناطق المُتضررة في مُفاوضات الأمم المتحدة لمؤتمرات الأطراف. عُقد مُخيم العدالة المناخية في العام الماضي في لبنان، وفي عام 2022 في تونس، وقد لعب المُخيم دورًا حاسمًا في تعزيز تمثيل الشباب من مناطق الجنوب العالمي في مُفاوضات الأمم المتحدة لمؤتمرات الأطراف، حيث وفر مِنصة لهم لرفع أصواتهم وتقديم رؤاهم وأفكارهم حول أفضل السُبل للتعامل مع تغير المناخ. وتتعاون اليوم أكثر من 30 منظمة شريكة ، محلية ودولية، في تنظيم وتصميم البرنامج لهذا العام، وذلك في سبيل تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المعنية وتحقيق نتائج ملموسة تعزز من حضور الشباب في قضايا المناخ.