رسالة الدوحة – شريف سعيد
تعمل صانعات الأفلام في مهرجان أجيال السينمائي 2024، من تنظيم مؤسسة الدوحة للأفلام، على كسر الحواجز في عالم صناعة الأفلام من خلال ثلاث قصص مؤثرة تستكشف مواضيع ذات صدى عالمي. وبدعم من مؤسسة الدوحة للأفلام، شاركت ثلاثة صانعات أفلام رحلاتهن الإبداعية وتحدثن عن أهمية السينما في تحقيق التغيير.
ومن بين صانعات الأفلام المشاركات في أجيال 2024، تقول هند المدب، مخرجة الفيلم الافتتاحي لمهرجان أجيال ” سودان يا غالي” (فرنسا، تونس، قطر/2024)، إنه تكريم للروح الشعرية للثورة السودانية. “لقد حضرت الحراك في السودان منذ البداية، ولم أشعر بالخوف لأنني وجدت نفسي في وسطه” ، صرّحت المدب للصحفيين خلال مشاركتها في لقاء صحفي للمهرجان. “لقد شهدت الثورات في تونس ومصر، لكن أجمل ثورة كانت الثورة السودانية. كانت ثورة قوية لأن الفنّ انفجر معها، واستطاع الشباب التحدث إلى العالم من خلال كاميرتي”.
وقالت إن السودانيين تعرضوا للكبت لسنوات عديدة فيها انعزلوا عن العالم. “رأيت السودانيون يستخدمون الشعر في احتجاجاتهم ضد عنف الشرطة الفرنسية في باريس، وعندما ذهبت إلى السودان، اكتشفت أن الشعر ظاهرة منتشرة في السودان. الشعر مسألة حياة أو موت بالنسبة للسودانيين اليوم”.
وأشارت المدب إلى أنّ القصة وراء الفيلم بدأت مع فيلمها “باريس ستالينجراد” الذي ظهر فيه شاعر سوداني شاب جاء إلى باريس كلاجئ. “كان مركز اللاجئين تحت منزلي في باريس. لقد صدمت من العنصرية الفرنسية تجاههم، وأصبحت صديقة مقربة لهم. شجعني أصدقائي السودانيون على الذهاب إلى السودان وتوثيق ثورتهم لأنهم لا يستطيعون العودة إلى بلادهم”.
وتقول المدب إن ما يميز الثورة السودانية هو طابعها التقدمي الواضح. “رأيت النساء في الصفوف الأمامية للاعتصامات. السودان هو مجتمع ما بعد إسلامي. لقد أعادوا الانتماء لهويتهم العربية الأفريقية مع احترام اختلافاتهم الثقافية واللغوية والقبلية”.
وأشارت المدب إلى “عزّة” وهو الاسم الآخر للسودان، وتعتبر “عزة” رمز قوي في الشعر السوداني يأتي من قصة امرأة اعتادت إلقاء الشعر لزوجها القومي المسجون عند المستعمر البريطاني من خلال نافذة سجنه – وهي شهادة على العلاقة طويلة الأمد بين الشعر والمقاومة في الثقافة السودانية.
بدورها أوضحت المخرجة مارجان خسروي، أنّ فيلمها “صلوات من أجل القبيلة” (إيران وإسبانيا وقطر) يروي قصة امرأة في إيران تتعرض لضغوط للاستقرار في المدينة. استوحت خسروي قصة الفيلم من الحياة الواقعية، “قابلت امرأة تبكي على أولادها الذين انتقلوا من مسقط رأسهم في الجبال إلى المدينة. أحبّت هذه المرأة تراثها وثقافتها وفنونها وكانت مستاءة من أن التكنولوجيا أعاقت المجتمعات الرحالة من ممارسة فنونهم”.
مريم جعبر، مخرجة فيلم آخر مدعوم من مؤسسة الدوحة للأفلام بعنوان “ماء العين” (تونس، فرنسا، كندا، النرويج، المملكة العربية السعودية، قطر)، أكّدت أنه من المهم النظر للعنف وفهمه بعيداَ عن الجانب الجيوسياسي. “إنه عالمي، ويحدث في كل مكان، لذلك إذا كنت تريد تغيير العالم، يجب أن تبدأ بنفسك.”
ولفتت إلى إنه بعد الثورة التونسية، خلق التغيير شعوراً بالخوف من المجهول. “كان هناك تحرر متطرف ومقابله من التدين المتطرف. لا تزال هناك أسئلة، لكنني أعتقد أن الوضع أصبح أكثر توازناً. في حالة التغيير والارتباك، يتمكّن شعور الخوف من الناس، لذلك يحتاجون إلى البحث عن الوضوح والتمسك به”.
رُشّح هذا الفيلم لجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي 2024، وتدور أحداثه في قرية تونسية نائية، ويروي قصة عائشة التي تحطمت حياتها الهادئة مع زوجها وابنها الأصغر عندما عاد ابنها الأكبر مهدي إلى المنزل من الحرب.