نميرة نجم تعقد مؤتمر دولي بطنجة
يبحث سُبل حماية الأطفال المُهاجرين من المخاطر المُتزايدة
كتب : أحمد عبد الحليم
في مؤتمر دولي عُقد بمدينة بطنجة لحماية هجرة الأطفال الأفارقة، سلطت السفيرة د. نميرة نجم الضوء خبير القانون الدولي و الهجرة ومديرة المرصد الإفريقي للهجرة AMO، على الأزمة الإنسانية التي يُعاني منها الأطفال المُهاجرون في إفريقيا، وأهمية تبادل البيانات والخبرات لوضع حلول عملية لحمايتهم، والتحذير من المخاطر المُتزايدة التي يتعرض لها الأطفال المُهاجرون، مثل الإتجار والإستغلال والعنف والموت.
أكدت السفيرة د. نميرة نجم، خبير القانون الدولي و الهجرة ومديرة المرصد الإفريقي للهجرة AMO، أن إحدى الفئات الأكثر تضررًا من الهجرة هي الأطفال، الذين يهاجرون غالبًا في ظل ظروف محفوفة بالمخاطر، فطبقًا لتقديرات منظمة اليونيسف فأن واحد من كل أربعة مُهاجرين دوليين في إفريقيا هم من الأطفال، بالإضافة إلى أنه طبقًا لتقارير مُفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين فأن الأطفال يُشكلون نسبة كبيرة من السكان النازحين، وغالبًا ما يُواجهون مخاطر مُتزايدة عند إنفصالهم عن أسرهم، مثل الإتجار والإستغلال والعنف والموت، وهو ما يؤكد على الحاجة المُلحة إلى بيانات دقيقة وشاملة عن هجرة الأطفال، وهو أمر ضروري لإنشاء سياسات تحمي حقوقهم وتكييف الأنظمة مع المخاطر المُتزايدة التي يواجهها هؤلاء المُهاجرون من الأطفال و الشباب.
جاء ذلك في كلمتها الإفتتاحية بمؤتمر دولي حول البيانات المُتعلقة بهجرة الأطفال وحمايتهم ودور المراصد الوطنية في حوكمة الهجرة في إفريقيا و التي نظمها المرصد الإفريقي للهجرة بمنظمة الإتحاد الإفريقي بالشراكة مع منظمة الهجرة الدولية، و الوكالة السويسرية للتنمية، وبالتعاون مع وزارة الخارجية المغربية بمدينة طنجة بالمغرب .
و أشارت السفيرة نجم في كلمتها الإفتتاحية للمؤتمر، إلى أهمية البيانات المُتعلقة بالهجرة، وخاصة تلك المُتعلقة بالأطفال المُهاجرين، لفهم الإتجاهات الهجرة بشكل أفضل وتعزيز المعرفة والمُساهمة في وضع إستراتيجيات أفضل لحماية الأطفال، منوهة على أن البيانات المُتعلقة بهجرة الأطفال لا تنطبق على الأطفال فحسب، بل إنها ستلقي الضوء على حماية ودعم الفئات الأخرى في المواقف الضعيفة مثل النساء وكبار السن، و إن الهجرة هي إشراقة لحياة أفضل وليست إستمرار مُتصل ودائم للمعاناة.
وقالت لورا بالاتيني، رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في المغرب IOMO، في كلمتها الرئيسية، إن أهمية المؤتمر تنبع من أنه يتناول الحاجة إلى ببيانات شاملة و موثوقة عن هجرة الأطفال وحمايتهم والتي لا تزال تُمثل تحديًا عالميًا، بما في ذلك في إفريقيا.
وهنئت لورا بالاتيني المرصد الإفريقي للهجرة على هذه المُبادرة و التي تعكس إلتزام المنظمة الدولية للهجرة منذ فترة طويلة بتوفير الحماية للأطفال المُهاجرين وتعزيز إنتاج وجمع وإستخدام بيانات الهجرة لتوجيه صنع السياسات في هذا الإتجاه. مُنوهة على أن هناك طفل في حالة تنقل، ربما يكون مُنفصل عن أسرته، ويواجه مخاطر وعدم يقين، وهو ما لا ينبغي لأي طفل أن يُواجهه ذلك على الإطلاق، و إن حجم هذا الواقع صادم، حيث في عام 2020، شهدنا أعلى عدد مسجل على الإطلاق من المُهاجرين الأطفال الدوليين على مستوى العالم يبلغ 35.5 مليون طفل يعيشون خارج البلاد التي ولدوا فيها ما يعني أن ما يقرب من واحد من كل 66 طفلاً في جميع أنحاء العالم هو مُهاجر دولي، ومنذ عام 2018، حددت المنظمة الدولية للهجرة في المغرب أكثر من 9000 طفل غير مصحوبين بذويهم ومُنفصلين عنهم في حالة تنقل، بما في ذلك مُواطنون وغير مُواطنين، و يُمثل كل من هذه الأرقام طفلاً لديه أحلام ومخاوف وحقوق أساسية يجب أن نحميها.
و شددت على أن الهجرة ليست مُجرد ظاهرة يُمكن قياسها، بل إنها تُشكل عنصرًا أساسيًا في التنمية الإقتصادية والإجتماعية والسياسية لكل بلد، وهي تقدم فرصًا وتحديات لا يُمكننا مُعالجتها بفعالية إلا من خلال إتخاذ القرارات القائمة على الأدلة، وهنا يأتي الدور الحاسم لحَوكمة البيانات، وخاصة من خلال المراصد الوطنية للهجرة، التي تقدم لنا الإطار المُخصص الذي نحتاجه لفهم ومُعالجة الديناميكيات المُعقدة للهجرة، مع التركيز بشكل خاص على المُهاجرين الأطفال الأكثر ضعفًا.
وأشارت إلى أن المراصد الوطنية للهجرة تعمل كحجر الأساس لتطوير التدخلات المُستهدفة وضمان أن سياساتنا ليست مُجرد حسنة النية، بل ومُستنيرة، و البيانات لا تتعلق بالأرقام فقط، بل تتعلق بالرؤية والحماية والحقوق، و عندما نحسن قدرتنا على جمع وتحليل بيانات الهجرة، فإننا نعزز قدرتنا على حماية الأطفال من الإستغلال والإتجار، و نصبح مُجهزين بشكل أفضل لضمان وصولهم إلى الخدمات الأساسية والوفاء بإلتزاماتنا بموجب إتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.
وأضافت أن هذا المؤتمر لا يمثل مُجرد تجمع للخبراء، بل إنه خطوة حاسمة نحو ضمان رؤية كل طفل مُتنقل، سواء كان مصحوبًا أو غير مصحوب، وسماع صوته وحمايته، ولن تفيد المنهجيات والأطر التي سيتم مناقشتها بالمؤتمر للأطفال فحسب، بل ستساهم في تحسين حَوكمة الهجرة لجميع الفئات الضعيفة، بما في ذلك النساء واللاجئين وطالبي اللجوء.
ودعت لورا إلى إستغلال المؤتمر لمشاركة أفضل المُمارسات، وتطوير منهجيات قابلة للتكرار، وإقامة شراكات أقوى معً المشاركين، وتحويل البيانات إلى رؤى قابلة للتنفيذ من شأنها أن تحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الأطفال المُهاجرين في جميع أنحاء إفريقيا.
وشدد فابريزيو بوريتي، مدير شمال إفريقيا في الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، في كلمته على أهمية تنفيذ الأطر التشغيلية من خلال ترجمة الإتفاقيات المُوقعة ومذكرات التفاهم بشأن الهجرة إلى خطط قابلة للتنفيذ بالنسبة وهو ما سيعزز بيانات البلدان لتطوير سياسات تؤثر على حياة وآمال الناس .
وألقي ريبيت ديجات فرانسوا، مُمثل المُفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين في المغرب، كلمة رئيسية قدم فيها نظرة شاملة على هجرة الأطفال عبر إفريقيا، وأكد على الحاجة إلى أنظمة بيانات قوية لتوجيه تدابير الحماية الفعالة والمُستدامة.
وتضمن جدول المؤتمر ثلاثة جلسات رئيسية، الندوة الأولى، بعنوان “نطاق بيانات هجرة الأطفال: عدسة إفريقية”، العوامل الدافعة وإتجاهات هجرة الأطفال، و الندوة الثانية، بعنوان “التحديات في هجرة الأطفال – منظور العمل الميداني”، وندوة الثالثة، “المنظمات الدولية والحماية القانونية للأطفال المُهاجرين من خلال السياسات القائمة على البيانات”.
وشملت توصيات المؤتمر، على أهمية تعزيز الإستراتيجيات القائمة على الأدلة في مُعالجة تحديات هجرة الأطفال، وأكد إلتزام المرصد الإفريقي للهجرة بتعزيز حَوكمة الهجرة من خلال أطر البيانات المُصممة خصيصًا، وتعزيز مراصد الهجرة الوطنية، التعاون الإقليمي، وضمان عدم تخلف أي شخص عن الركب في خطاب الهجرة في إفريقيا.
وقد شارك في المؤتمر مُمثلون لمنظمات دولية وعدة دول إفريقية مثل المغرب كينيا والكاميرون و الرأس الأخضر و كوت ديفوار و توجو.