تحقيقات و تقارير

أبناء النوبة وصناعة النصر في حرب أكتوبر

كتب: حمدي حسن عبدالسيد

معركة العبور في السادس من أكتوبر 1973 لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت لوحة وطنية شارك في رسمها أبناء مصر جميعًا، ومن بينهم أبناء النوبة الذين تركوا بصمة خالدة في سجل البطولة والفداء.

أحمد إدريس.. صاحب الفكرة الشفرة العبقرية
الحاج أحمد إدريس، أحد أبناء النوبة من قرية عافية المخلصين، كتب اسمه بحروف من ذهب في تاريخ المخابرات والحرب. كان يعمل ضمن القوات المسلحة، وحين واجهت القيادة صعوبة في تأمين سرية الاتصالات بعيدًا عن أعين أجهزة التنصت الإسرائيلية، اقترح إدريس استخدام اللغة النوبية كوسيلة للتواصل المشفر بين الجنود.

وبالفعل، تحولت النوبية إلى “شفرة حرب أكتوبر”، لم يستطع العدو فكها أو تفسيرها، فكانت سلاحًا صامتًا لكنه فعال في إدارة المعارك وتأمين الخطط، وساهم في تحقيق عنصر المفاجأة والانتصار. ولم يكن أبناء النوبة بعيدين عن الصفوف الأولى في الميدان. ويبرز اسم المشير محمد حسين طنطاوي، أحد أبناء النوبة وابن قرية أبو سمبل والذي قاد كتيبة مشاة في الحرب.

أظهر طنطاوي شجاعة وبسالة خلال العمليات، وكان من الضباط الذين أثبتوا قدرة الجندي المصري على كسر أسطورة الجيش الذي لا يُقهر. واستمر بعد الحرب في مسيرة عسكرية وسياسية طويلة حتى تولى وزارة الدفاع ورئاسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

أبناء النوبة.. نماذج من التضحية
لم يكن أحمد إدريس وطنطاوي وحدهما، بل شارك آلاف النوبيين في الحرب، كجنود وضباط ومهندسين، بعضهم استشهد على الجبهة، والبعض الآخر عاد يحمل وسام الفخر. فقد اشتهر النوبيون بالانضباط والشجاعة والصبر، وهي صفات جعلتهم ركيزة مهمة في الجيش المصري.

كما لعبت الجغرافيا دورًا في تشكيل شخصيتهم القوية، حيث نشأوا على ضفاف النيل بين القرى القديمة، فحملوا في قلوبهم حب الوطن واستعداد التضحية من أجله.

تكريم يستحقه الأبطال
اليوم، ونحن نحتفل بذكرى النصر العظيم، يبقى من الواجب أن نذكر أسماء هؤلاء الأبطال وأن نُعلِّم أبناءنا أن النصر لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة تضحيات رجال ونساء من كل ربوع مصر، ومن بينهم أبناء النوبة الذين قدموا للوطن رجالًا أوفياء، جعلوا من لغتهم تراثًا وسلاحًا، ومن شجاعتهم رمزًا للنصروالكرامة.

ستظل ذكرى الحج أحمد إدريس والمشير طنطاوي وجميع أبناء النوبة المشاركين في حرب أكتوبر، شاهدًا على أن النصر كان حصيلة وحدة المصريين بكل أطيافهم، وأن النوبة ستظل جزءًا أصيلًا من قلب مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى