أمين مجمع البحوث الإسلامية: محاور المؤتمر متكاملة متناغمة جامعة بين التّراث والحداثة في موضوعاتها ومضامينها
كتب-اسامة زايد
افتتح الدكتور نظير عيّاد، الأمينُ العام لمجمع البحوث الإسلامية، رئيس المؤتمر الذي تعقده #كلية_اللغة_العربية_بالقاهرة بالمشاركة مع المجمع كلمته خلال الجلسة الافتتاحية قائلًا: إن هذا المؤتمر يأتي بأهدافه الساعية إلى إيجاد توافقيّةٍ منهجيّةٍ معتبرةٍ بين التّراث والحداثة؛ فجاءت محاوره متكاملة متناغمة، جامعة بين التّراث والحداثة في موضوعاتها ومضامينها، مؤكدًا على أهميّة هذه المؤتمرات التي تقيمها كليات جامعة الأزهر المتخصصة في الوقت الرّاهن؛ ومن خلالها نتمكن من تصحيح المفاهيم المغلوطة، والحدّ من أفكار الغلوّ والشّطط، وحمل النّاس على المعهود الوسط، والمشاركة في التنمية المستدامة التي تنشدها الدولة المصرية بقيادة فخامة السيّد الرئيس عبد الفتّاح السيسي حفظه الله ورعاه.
وأضاف الدكتور عياد أن عادة الإنسان منذ القدم أن يتولّى ما تركه الآباء والأجداد من تراثٍ فكريٍّ أو ماديٍّ بالرعاية والعناية والاهتمام، ويكون ذلك بالنسبة له مفخرة حضاريّة يتغنّى بها ويستعيد أمجادها في كلّ وقتٍ وحينٍ، ولم يشذّ المسلمون عن هذه القاعدة أبدا في كلّ عصرٍ ومصرٍ؛ إذ بدا الاهتمام بالتراث الإسلاميّ واضحًا في إعادة إحيائه مرّة أخرى، ودراسته دراسة جادّة ومتأنّية، ناهيك عن طباعته ونشره، ووضع المسارات المتعدّدة الجادّة للإفادة منه في كلّ المجالات المناسبة.
كما أوضح فضيلته أن مواقف الباحثين والدارسين حول التعامل مع التراث العربي – بشكلٍ عامٍّ – والإسلاميّ – بشكلٍ خاصٍّ قد تباينت اليوم؛ فمنهم من ذهب إلى ضرورة الذّوبان في التّراث، والتمسّك بكلّ ما جاء فيه، وعدِّه مقدّسا لا يقبل النّقد أو التقويم، وهذا الموقف قد تبنّاه بعض المعنيّين بالإسلام، ومنهم من وقف موقف الجاحدين والمعاندين له، يرفضون كلّ ما ورد فيه، وقد تبنّى هذا كثير من المستشرقين والعلمانيّين والملحدين والتغريبيّن، وأخذوا يطعنون فيه، ويشوّهون صورته، ويتعاملون معه دون إنصافٍ أو موضوعيّةٍ، وفريق ثالث وقف موقفا انتقائيًّا وسطًا، وهذا التيّار الوسطيُّ هو المؤهّل لحمل الأمانة، وقد مثّل ذلك الأزهر الشريف جامعا وجامعة، وكثير من المفكّرين المسلمين؛ حيث رأوا سلوك السّبيل المعتدلة المتوسطة بين الذين ذابوا في التّراث، وبين الذين يريدون الخلاص منه ودفنه.
وأشار إلى أن التعامل مع التراث لابد أن يكون على أساسين؛ هما: الحفاظ على الأصول والثوابت المنبثقة من النّصوص القطعيّة، مع الوعي التامّ بما يستجدّ من الأحداث والنوازل، والاجتهاد الملتزم بضوابط النّقل والعقل دون تبديدٍ للثّوابت القطعيّة للتّراث وأصوله.
كما أكد الأمين العام على أن التجديد الذي ننتظره – كما يقول فضيلة الإمام الأكبر – ينبغي أن يسير في خطّين متوازيين؛ الأول: خطّ ينطلق فيه من القرآن والسّنة أولا وبشكلٍ أساسٍ، ثم ممّا يتناسب ومفاهيم العصر من كنوز التّراث بعد ذلك، والثاني: خطّ موازٍ ننفتح فيه على الآخر، بهدف استكشاف عناصر التقاءٍ يمكن توظيفها في تشكيل إطارٍ ثقافيٍّ عام.
وفي نهاية كلمته أكد الأمينُ العامُّ على إمكانية إحياء التراث وإيجاد الجسور بينه وبين الجيل الحاضر والأجيال التالية إذا استطعنا أن نتعامل معه وفق هذه الضوابط، ومن ثمّ نحقّق معنى التواصل الإنسانيّ في مسيرة الأمّة، ونجعل من نهضتها بناءً متماسكًا، ومتناسقًا ومتمازجًا، كلّ حلقةٍ تفضي لما يليها، وكلّ عطاءٍ فيه ركيزة لما فوقه، ومثل هذا الترابط في بنية الأمّة يجعلها مستعصية على شتى محاولات الاختراق الهدّام، ويمنحها حصانة ذاتيّة، تحول بينها وبين أيّة عمليّة تسلّلٍ غريبةٍ إلى كيانها، فتفسد تواصله وتمزّق روابطه، وتستطيع الأمّة من خلاله أن تنهض من كبوتها مرّة ثانية، وأن تتولّى زمام الحضارة الإنسانيّة كما كانت من قبل.
