القوانين السارية في سلطنة عُمان تكفل حرية الرأي وحرية التعبير
خبراء الإعلام: حرية الرأي والتعبير في عُمان مرهونة بالمسؤولية والتوازن القانوني
كتب / رأفت حسونة
في الوقت الذي نالت فيه سلطنة عمان عن جدارة واستحقاق، استضافة اجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد الدولي للصحفيين “الكونجرس” في الدورة الحادية والثلاثين، أصدرت مؤسسة “مراسلون بلا حدود” تقريرها لعام 2022 بخصوص حرية الصحافة، والذي وضعت فيه سلطنة عمان في المرتبة 163 من أصل 180 دولة شملها التقرير، وطرحت فيه بعض المغالطات.
وبعيدًا عن كل الالتباسات العالمية التي تحيط بمصطلح «حرية الرأي» و«حرية التعبير» التي يسهل تمييزها في هذا المنعطف الخطير الذي يمر به العالم اليوم، فإن القوانين السارية في سلطنة عُمان تكفل حرية الرأي وحرية التعبير وفق القانون، ويمارس الناس تلك الحرية في حياتهم اليومية دون أي فوبيا سياسية أو عقد تاريخية.. فعُمان تأسست على مبدأ الحرية والكرامة الإنسانية.
سلطان عُمان: كرامة الأفراد وحقوقهم وحرياتهم مُصانة
أكد السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، في خطابه الأول في فبراير 2020 على «حرية الرأي» و«حرية التعبير” عندما قال: «إن مما نفخر به، أن المواطنين والمقيمين على أرض عُمان العزيزة يعيشون بفضل الله في ظل دولة القانون والمؤسسات، دولة تقوم على مبادئ الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، قوامها العدل، كرامة الأفراد وحقوقهم وحرياتهم فيها مصانة، بما في ذلك حرية التعبير التي كفلها النظام الأساسي للدولة».
ومن اللافت أن يسبق سلطان عُمان حديثه عن دولة القانون، ودولة الحرية والمساواة وحرية التعبير بقوله «إن مما نفخر به» ما يعني أن هذه الحرية هي جزء مما تفخر سلطنة عمان. وهذا الفخر له ما يدعمه ويكرسه فسلطنة عمان دولة بلا سجناء رأي سواء كانوا صحفيين أو غيرهم ممن يصدحون برأيهم في كل المنابر الواقعية والافتراضية.
وقد جاء تحليل وضع الصحافة في سلطنة عُمان متحاملا بشكل كبير، في ظل ما تشهده السلطنة من سياسات إعلامية جديدة، وقد قسم تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود” التحليل الذي ينبني عليه ترتيب سلطنة عُمان إلى عدة محاور مثل: “المشهد الإعلامي، السياق السياسي، الإطار القانوني، السياق الاقتصادي، السياق الاجتماعي والثقافي، السياق الأمني”.
النظام الأساسي في عُمان يكفل حرية التعبير والرأي
وكفل النظام الأساسي لسلطنة عُمان حرية التعبير عن الرأي، ونصت المادة 35 على أن: “حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون”.
ووفق هذه المادة، فإن المؤسسات الصحفية لها الحق في النشر والتعبير عن الرأي بمختلف المجالات، بشرط ألا يتعارض مع ما أقره قانون المطبوعات والنشر، حيث أن المادة رقم 37 التي تنص على أن: “حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقا للشروط التي يبينها القانون، ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة والكراهية أو يمس بأمن الدولة أو يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه”.
كما نصت المادة 48 من النظام الأساسي للدولة على أن: “السلطان رئيس الدولة، والممثل الأسمى لها، والقائد الأعلى، ذاته مصونة لا تمس، واحترامه واجب، وأمره مطاع، وهو رمز الوحدة الوطنية، والساهر على رعايتها وحمايتها”.
فضلاً عن أن هناك أمورا أخرى نظمها القانون وحظر النشر فيها ومن بينها على سبيل المثال ما يتعلق بـ:”الترويج لما يتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي، أو نشر ما يضر بسلامة الدولة وبأجهزتها العسكرية والأمنية أو التحري على ارتكاب جرائم أو نشر تحقيقات متعلقة بالأحوال الشخصية، أو نشر معلومات عن أمر صدر فيه قرار بعدم النشر”.
ولعل المدقق في هذه الضوابط، سيجدها مشابهة للكثير من القوانين المنظمة لطبيعة عمل مختلف المؤسسات الحكومية في معظم دول العالم، حتى الدول المتقدمة منها، وكذلك تلك التي تعمل على تنظيم عمليات النشر الصحفي للحفاظ على الدولة ورموزها.
وبعكس الاتهامات والمغالطات التي ساقها تقرير “مراسلون بلا حدود” أن هناك مشكلة في حرية الصحفيين في الخروج عن المألوف أو انتقاد الموروثات الثقافية والاجتماعية، فإن من تعامل مع الشخصية العُمانية واقترب منها يكتشف حرصهم الشديد على الحفاظ على موروثاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، باعتبارها من القيم الراسخة التي تجذرت عبر التاريخ التليد، وأي مجتمع بدون قيم فهو مجتمع غوغائي.
تقدير عالمي لعُمان
ولا جدال أن قبول الاتحاد الدولي للصحفيين لاستضافة السلطنة هذا الاجتماع، والذي يشارك فيه 300 مشارك من 178 من ممثلي الاتحادات والجمعيات والنقابات والهيئات الصحفية يمثلون 148 دولة حول العالم ينتمون إليها 600 ألف صحفي حول العالم. يأتي تقديرًا للجهود التي بذلت في تحقيق السلطنة خلال الأعوام الأخيرة مراكز متقدمة في سلم معايير المؤشرات العالمية ودعمًا لجهود الجمعية خلال الـ 17 عامًا الماضية على المستويين الداخلي والعالمي.
ووفقاً لخبراء الإعلام، فإن الفهم الثابت عند الجميع في العالم أنه لا يمكن لأي حرية أن تقفز فوق القانون، فالقانون أولًا ومن ثم تأتي جميع الحريات الأخرى تاليًا. وأن مستويات الحرية متباينة في دول العالم وفقًا للثقافة السائدة في تلك الدول ووفقًا لاختلاف طبيعة المجتمعات فيها وتباين تجربتها ووعيها وتنوع مرجعياتها القانونية والأخلاقية.
وأكد الخبراء أن حرية الصحافة والنشر والإعلام، مرتبطة بالمسؤولية وتحقيق التوازن فى النظام القانونى، وحماية المصالح الأجدر بالرعاية فى المجتمع، فالحق فى التعبير لا تجوز ممارسته بصورة مطلقة مساساً بمقومات المجتمع واخلالاً بمبادئه العليا، أو المساس بالحياة الخاصة للمواطنين.