الملكية الفكرية بوابة للتنمية الاقتصادية ورفع معدَّلات العوائد الإستثماريَّة في سلطنة عُمان
رأفت حسونة – مسقط خاص
أضحت حقوق الملكيَّة الفِكريَّة تؤدِّي أهميَّة كبرى في تحفيز النُّمو الاقتصاديِّ؛ لما تُمثِّله من ثقة تجذب رؤوس الأموال المستثمرة، وضمانة لحقوق الشركات على الصعيدَيْنِ المحلِّي والدوليِّ، وباتت الدوَل تحرص على تطبيق معايير وقوانين صارمة لحماية حقوق الملكيَّة الفِكريَّة للمؤسَّسات التجاريَّة والصناعيَّة والخدميَّة العاملة لدَيْها؛ وذلك بهدف حماية أفكارهم وإيصال منتجاتهم المبتكرة بجودة عالية إلى مختلف الأسواق العالميَّة. بل أضحى الانضمام للاتفاقيَّات الدوليَّة المنظِّمة لحقوق الملكيَّة الفِكريَّة مِثل اتِّفاق «لشبونة» الذي يعمل على حماية تسميات المنشأ وتسجيلها على الصعيد الدوليِّ، إحدى الأدوات المحفِّزة والجاذبة للاستثمارات المحلِّية والدوليَّة؛ كونها تحمي حقوق الشركات والمؤسَّسات، خصوصًا الصغيرة والمتوسِّطة في علاماتها التجاريَّة، ويشجِّعها على الابتكار والتطوير والجودة.
وتُعدُّ سلطنة عُمان من أكثر الدوَل اهتمامًا بمنظومة حماية الملكيَّة الفِكريَّة؛ وذلك لإدراكها لِمَا تسهم به تلك المنظومة المنضبطة في التنمية الاقتصاديَّة ورفع معدَّلات العوائد الاستثماريَّة وتوفير الحماية من الاستغلال وتعزيز الصورة التجاريَّة للمنتج الوطنيِّ، والتشجيع على القيام بمزيد من الابتكارات، وذلك حرصًا على مصالح كافَّة المنتجين داخل البلاد، وعملت بكافَّة الطُّرق على نشر تلك الثقافة بَيْنَ المؤسَّسات العاملة لدَيْها، وكانت من أوائل الدوَل العربيَّة التي انضمت إلى اتفاق «لشبونة»؛ إيمانًا منها بأهميَّة حماية الحقوق الفِكريَّة للمؤسَّسات والشركات العاملة لدَيْها، ليس على الصعيد المحليِّ وحسب، بل على الصعيد الدوليِّ أيضًا، فحماية الملكيَّة الفِكريَّة إحدى الأدوات المحفِّزة لتوفير الفرص الوظيفيَّة وجذب الاستثمارات ودعم أصحاب الابتكارات على أرض الواقع.
إنَّ تلك الجهود العُمانية في حماية حقوق الملكيَّة الفِكريَّة شهدت بها كافَّة المؤسَّسات المتخصِّصة على مستوى العالم، ومنها إشادة سعادة دارين تانج المدير العام للمنظمة العالميَّة للملكيَّة الفِكريَّة (الوايبو) باهتمام سلطنة عُمان بحقوق الملكيَّة الفِكريَّة باعتبارها أداة محفِّزة للنُّمو الاقتصاديِّ، معبِّرًا عن إعجابه بـ»رؤية عُمان 2040» التي تهدف إلى التنويع الاقتصاديِّ، وبناء مجتمعات تلبِّي طموحات الشباب العُماني، خصوصًا وأنَّ سلطنة عُمان تمتلك تركيبة سكانيَّة حيويَّة تصل إلى أكثر من 60 بالمائة من فئة الشَّباب، وأصبح العديد منهم روَّاد أعمال وباحثين ومبتكرين، وهم بحاجة إلى الاستعانة بحقوق الملكيَّة الفِكريَّة، مؤكدًا أهميَّة تلك الحقوق، خصوصًا لحماية مختلف أشكال التراث العُمانيِّ، وبشكلٍ خاصٍّ منتجات اللبان العُمانيِّ الذي يتمُّ تجميعه بطريقة فريدة طوَّرها العُمانيون كأسلوب حياة لمئات السنين وتوارثتها الأجيال، ما يستدعي حمايتها لتصبحَ منتجات ذات جودة عالية في الأسواق العالميَّة.
وتأتي هذه الزيارة التي يقوم بها المدير العام للمنظمة العالميَّة للملكيَّة الفِكريَّة (الوايبو) للبلاد؛ بهدف تطوير صناعة اللبان العُمانيِّ، حيث ستقوم المنظمة بتدريب 10 من روَّاد الأعمال من منتجي اللبان العُمانيِّ حَوْلَ كيفيَّة استخدام حقوق الملكيَّة الفِكريَّة كجزء مُهمٍّ من استراتيجيَّة أعمالهم التجاريَّة، بدءًا من حماية هذا المنتج وتغليفه، وتسويقه وإيصاله لمختلف الأسواق بجودة عالية، وبالتالي رفع المستوى المعيشيِّ للمجتمعات المحليَّة القائمة على مثل هذه المنتجات، ما يؤكِّد أنَّ اعتماد حقوق الملكيَّة الفِكريَّة؛ يُشكِّل في حدِّ ذاته دعمًا للشَّباب في المجتمعات المحليَّة لمواصلة مختلف الأنماط التراثيَّة، وتوفير الوظائف المرتبطة بهذه الأنماط، ليكتسب التراث العُمانيُّ بُعدًا عالميًّا، يُسهم في إقامة مشاريع حرفيَّة قادرة على التنافس، لذا يجب تعميم التجربة مع كافَّة الصناعات التراثيَّة الأخرى التي تتميَّز بها السَّلطنة.