طلب إحاطة للنائبة فاطمة سليم بشأن إزالة مقابر أثرية لمواصلة جهود البنية التحتية
كتب / عبد الرحمن مصطفى
تقدمت النائبة فاطمة سليم عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء ، ووزير السياحة والآثار فى شأن شروع الحكومة فى إزالة عدد من المقابر الأثرية لمواصلة جهود البنية التحتية .
وأكدت النائبة فاطمة سليم أنه لابد من مراعاة اهمية وخصوصية بعض الأماكن فى مصر بالتزامن مع أى تحركات لإنشاء طرق أو محاور أو مشروعات قومية، ومثال على ذلك ما حدث مؤخرًا بعد الإعلان عن بدء تنفيذ محور الفردوس بالقاهرة ومساره الذى يتداخل مع عدد كبير من المقابر والذى تمت مطالبة أصحابها بنقل رفاتها لمناطق أخرى من أجل إزالتها خاصة أنها ستكون بمسار المحور الجديد وقام بالفعل عدد من المواطنين بنقل رفاة موتاهم إلى مقابر أخرى.
وأضافت عضو مجلس النواب بأن المشكلة ليست في نقل قبور المواطنين، بل إن المنطقة التى يمر منها المحور هي منطقة تراثية ذات طبيعة فريدة، فمنذ بداية تواجد المصريين القدماء في منطقة القاهرة وما حولها، وتحديدًا عند تأسيس مدينة الفسطاط على يد عمرو بن العاص، كان يطلق عليها “مدينة الموتى”، أو مقابر القاهرة وكان لها خصوصية خاصة للغاية وبها طبقات تاريخية أقدم من مدينة القاهرة ذاتها، فالقرافة الكبرى تعود إلى عصر الفتح العربي الإسلامي وتتزامن مع تأسيس الفسطاط، أي قبل تأسيس القاهرة ذاتها بما يزيد عن ثلاثة قرون، وتشكل كل منطقة مقابر طبقة تعبر عن ازدهار المدينة وتطور تاريخها العمراني، بداية من القرافة الكبرى مدفن الصحابة، ثم مع تطور الفسطاط شمالًا كان ظهور القرافة الصغرى التي دشنت مكانتها باستقبال جثمان الشافعي، ثم تحولت المنطقة الواقعة شمالها إلى منطقة دفن نموذجية بعد دفن آل البيت خصوصا السيدة نفيسة.
ولفتت إلى أن مقابر باب النصر عبرت عن رغبة أهالي الأحياء الشمالية في إيجاد مدافن قريبة منهم، فكانت البداية بقبة بدر الجمالي ثم تكالب الناس على دفن موتاهم في هذه المنطقة ، بينما عبرت المساحة الشرقية خارج باب البرقية عن رغبة السلاطين والأمراء في مساحة خلاء يبنون فيها منشآت تخلد ذكراهم وبطبيعة الحال أعيد استخدام مساحات من مدن الموتى مرارًا وتكرارًا، فزاد الرصيد الحضاري، فلا تخلو مقبرة من تاريخ متراكم يحكي قصة ألف عام من تقلبات العصور والبشر، فمن مقابر الخلفاء والسلاطين مرورا بالأمراء والحرافيش إلى الأسرة العلوية والباشوات والبكوات وليس انتهاء بآل البيت والمتصوفين، نجد التاريخ الحي على مستوى البشر والحجر، فشواهد القبور تنطق بالكثير من التفاصيل التي لا نجدها في بطون الكتب، بل قد نجد تصحيح معلومة في كتاب عبر استنطاق شاهد قبر، ناهيك عن الطرز المعمارية المختلفة التي تحتويها مقابر القاهرة، ما يجعل وضعها على مسارات السياحة أمرا سهلا لو توفرت العقلية المناسبة التي تقدر قيمة ما تملكه القاهرة من تراث غير مسبوق. وفى السياق ذاته قالت بأن المصريين قد حافظوا على عادات وتقاليد خاصة جدا بالمقابر، فأصبحت تزار في الأعياد، ومكانا ومتنفس لأهل القاهرة، ولذلك اختلط فيها الحياة والموت، وعلى ذلك يقول الشاعر: إن القرافة قد حوت الضدين.. من دنيا وأخرى فهي نعم المنزل..إذن فمقابر القاهرة ليست مجرد مقابر عادية، بل هي طبقة هامة جدا من التاريخ.. وفى عصور الأسرة العلوية امتازت مقابر القاهرة بميزة هامة، فقد تفنن أفراد الأسرة العلوية والمقربين منهم، والباشوات، في إقامة مقابرهم على طراز شديد الخصوصية، وتفننوا في زخرفتها، حتى أنهم استوردوا خصيصا لبنائها الفنانين والخطاطين الذين لا مثيل لهم في العالم كله لإعمار المقابر، فهي إذن ليست قبور عادية بل هي قطع فنية فريدة من نوعها..وعلى ذلك فقد أصبحت مقابر القاهرة أيضا بمثابة متاحف مفتوحة لقادة مصر..
وأختتمت حديثها بأننا اليوم نجد أن هناك مقابر لشخصيات شديدة الأهمية في تاريخ مصر ضمن الإزالة، فعلى سبيل الحصر، مقرر إزالة عدد من مقابر الشخصيات شديدة الأهمية في تاريخ مصر، مثل قبر محمد راتب باشا، قبر قاسم باشا محمد، قبر اسماعيل باشا سليم، قبر الأمير يوسف كمال ولي عهد مصر الأسبق، قبر شاعر السيف والقلم محمود سامي البارودي، قبر احمد باشا شفيق رئيس وزراء مصر الأسبق، قبر الهلباوي باشا مؤسس نقابة المحامين ومحامي قضية دنشاوي، قبر محمد باشا محمود رئيس الوزراء الأسبق ووزير الداخلية، الإمام ورش بن نافع صاحب القراءة الشهيرة، شاعر النيل حافظ إبراهيم وغيرهم…
وبالتالى فإن إزالة مثل هذه القبور، دون مراعاة لبعدها التراثي والفني والمعماري، يأتي بمثابة اعتداء مباشر على جزء هام من تاريخ مصر وتراثها.