فى حضن “بيت العرب”: الثقافة الإعلامية والمعلوماتية.. سبيل التفاهم والسلام العالمى
أبو الغيط: الأزهر والكنيسة.. ركائز السلام فى مصر.. البابا تواضروس: العالم جائع للمحبّة.. د. الضوينى: السلام والتسامح ضمانة لاستقرار الأمم والشعوب
كتب / مصطفى ياسين
احتضن “بيت العرب” الجلسة الافتتاحية- أمس الاثنين- لمؤتمر “الثقافة الإعلامية والمعلوماتية من أجل التفاهم والسلام العالمي” بمقر جامعة الدول العربية، والذي يُنظِّمه “تحالف اليونسكو للثقافة الإعلامية”، بالتعاون مع الأكاديمية العربية، وجامعة أوتونوما برشلونة بإسبانيا، برعاية السيد أحمد أبو الغيط- الأمين العام للجامعة العربية- ورئاسة د. إسماعيل عبدالغفار- رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري- بالتعاون مع تحالف اليونسكو للثقافة الإعلامية والمعلوماتية وجامعة (اوتونوما) برشلونة بإسبانيا، والمعهد الدولي للثقافة الإعلامية والمعلوماتية، بحضور سفير إسبانيا بالقاهرة، والمشاركين من الخبراء وأساتذة الجامعات والإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني من: مصر والدول العربية والولايات المتحدة وكندا والبرازيل وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفنلندا والهند والصين وروسيا الاتحادية ونيجيريا، علاوة على ممثّلي مكاتب اليونسكو بالمنطقة العربية والمدير العام المساعد لمنظمة اليونسكو لقطاع الاتصال والمعلومات من المقر الرئيسي لمنظمة اليونسكو بباريس، وقد بدأ المؤتمر بعرض فيلم وثائقي عن الأكاديمية البحرية، وكلية الإعلام، ويختتم أعماله غدا الأربعاء بزيارة إلى مقرّ الأكاديمية بمدينة العَلَمين.
أشار السيد أحمد أبو الغيط- الأمين العام للجامعة العربية- إلى أن الثقافة الإعلامية ضرورية لنشر السلام، فقد سهَّلت وسائل الإعلام المختلفة، وصول تدفُّق معلوماتي يحتاج للتمكّن من التمييز بين الغثِّ والثمين، لتشكيل عقل ناقِد بنّاء، والتمييز بين التضليل والحقيقة الموثَّقة، ومواجهة الكراهية والبغضاء وكشف الرسائل المتطرّفة لتحقيق التعايش السلمي بين الثقافات والحضارات وقبول الآخر، وهذا يزدهر بالمعرفة، مشدّدا على دور المؤسسات الدينية باعتبار أن الدين عماد الثقافة القيمية، وعلى عاتق المؤسسات الدينية والإعلامية إشاعة ثقافة التسامح، ودحض خطاب الكراهية، حتى لا يصل المجتمع إلى التطرف الذي يقود للعنف، لافتا إلى أن التراث الديني في الأزهر والكنيسة هو تراث متسامح لا يحقِّر الآخر، بل ينفتح على الثقافات والحضارات، وهو تراث نادر في التعايش الممتد لمئات السنين، مطالبا بضرورة احترام الآخر، لمنع التطرّف والعنف، مؤكّدا أن الأزهر والكنيسة هما ركائز السلام فى المجتمع المصرى، يمثّلان تراثًا نفخر به، وأن تمكين الشباب هو أفضل استثمار لمستقبل الأمّة، ولابد من تنمية التفكير النقدى البنّاء، وتكوين الكفاءات الوطنية العربية، والتصدّى لكافة أشكال التمييز العنصرى، والاستخدام الأمثل للطاقات البشرية، وتسليط الضوء على القضية الفلسطينية التى تحولت إلى ذروة تجسيد العنصرية العصرية، وترسيخ ثقافة السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة والعدل.
ونوَّه الى أن التعليم الجيّد يساعد على كشف المعلومات المغلوطة والمضلّلة، والتي أصبحت أمرا خطيرا، وبالتالي يظل التعليم حائط الصد للشائعات وكشفها، لأن كشف الرسائل المتطرّفة وتعزيز التسامح، يساهم في تطوّر الشعوب والدول، فإذا كان التطرّف يتغذّى علي الجهل فالتسامح يتغذّى علي المعرفة، واصفا العلاقات العربية- الإسبانية بأن لها مكانة خاصة، فقد وقَّعت الجامعة العربية مذكرة تفاهم مع أسبانيا، من أجل تعزيز التعاون.
ضمانة الاستقرار
واستشهد د. محمد الضوينى- وكيل الأزهر، نائبا عن الإمام الأكبر- على أهمية السلام بأن الله تعالى سَمَّى نفسه السلام، ونبي الإسلام جاء بالسلام، وقد اجتمع أطياف الشعب المصري والعالم في هذا المؤتمر، لأنهم دعاة السلام على أرض السلام، وهو غاية الوجود، وقد عرفت مصرُ السلام والإيمان منذ القِدَم، وورثناه وأصبحنا نموذجاً يُحتذى يضمن الحياة الكريمة المستقِرّة، وحثّ عليه الإسلام، وحظى السلام والتسامح بقسط وافر فى الأديان، لكن الواقع يفتقد الأمن والسلام، بالرغم من أن السلام والتسامح ضمانة لاستقرار الأمم والشعوب، فالله هو من شَرَع قيم السلام والتسامح، فهو مطلب دينى وإنسانى، ولا يختلف عن ذلك إلا مِلَّة مِعوَجَّة منحرفة، وجاءت وثيقة المدينة ونظّمت المواطنة الكاملة، ومن حق بلدنا الحبيب ترجمة هذا السلام والتسامح إلى واقع عملى، ولكن للأسف هناك دول لديها عِدَّة مكاييل تأباها القيم والفطرة السليمة، فالسلام والتسامح لا يعنى الاعتداء على الغير أو التفريط فى الحقوق وانتهاك حقوق المُستضْعَفِين، نحتاج لعالَم يرى بعينين وليست واحدة.
العالم جائع للمحبّة
وأكد قداسة البابا تواضروس الثانى- بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية بالعباسية- أنه بالرغم من التحديات والمصاعب التى تواجهنا إلا أننا نؤمن بقوّتنا ودورنا فى زرع الأمل وتنمية قُدرات الشعوب، فالحياة هى المحبّة والحب، وأعظمها “محبّة الخير والغير”، وهى تربط الإنسان بالله وأخيه الإنسان، فتحيّتنا يومياً ولكل الناس هى السلام، مشدِّدا على أن الإعلام جزء أساسي من المجتمع، فقد هَدَم الجدران والحواجز فأصبحنا نستطيع التواصل الأسرع، وجميعنا نتحمّل مسئولية استخدامه للتقدّم الإنسانى، فكل تعامل وتعاون مع الآخر هو المحبّة، وعلينا أن نتوحّد لمواجهة التحديات، ودورنا خدمة الآخر كأحد صور المحبّة والسلام، وكذا المبادرات الإنسانية، لوقف الحروب والنزاعات، فمن عاش بالمحبّة عاش للحياة، ودورنا أن نَعْلَمَها ونُعَلِّمَها لغيرنا، فالعالم جائع للمحبّة.
جسور التواصل
وأشار د. اسماعيل عبدالغفار فرج- رئيس الأكاديمية البحرية- إلى أن هدفنا هو بناء جسور التواصل والتعارف بين شعوب العالم، من خلال ثقافة تحقِّق مصلحة الشعوب بنشر وترسيخ ثقافة السلام والتسامح وقبول الآخر، عَبْر وسائل الإعلام باعتباره أداة أساسية لتحقيق هذه الأهداف المرجوّة، للتمييز بين المعلومات الصحيحة والخاطئة فى عالم يموج بالتحديات، من أجل ذلك قُمنا بإنشاء كلية الذكاء الاصطناعي بالعَلَمين، لمجارَاة التقدّم التكنولوجي، ولبناء قُدرات الشباب المسئول عن انطلاقنا للمستقبل، ورفع مستوى الوعى لما فيه الخير والصلاح للإنسانية جمعاء.
وأعلن قرار مجلس الأكاديمية بمنح الدكتوراه الفخرية لفضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب- شيخ الأزهر- ولقداسة البابا تواضروس الثانى، لدورهما فى خدمة الإنسانية ورفع وترسيخ قيم السلام والتسامح العالمى.
التوعية الإعلامية
وقال د. سامى طايع- رئيس الفرع العربي لاتحاد اليونسكو للثقافة الإعلامية-: انعقاد مؤتمر “الثقافة الإعلامية والمعلوماتية من أجل التفاهم والسلام العالمي” يأتي في ظل عالم مليئ بالصراعات والحروب، ودورنا العمل على الحدّ من الحرب المعلوماتية والتضليل الإعلامي الذي يعيشه العالم، وهذا ما أقرّته الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة بضرورة التوعية الإعلامية للأفراد، ونشر الثقافة الإعلامية، من أجل التصدّي للشائعات التي تعتبر نواة لكل الحروب الحالية، فالصراعات الجديدة قائمة على المعلوماتية والأخبار المغلوطة والزائفة بما يشبه “تسونامى معلوماتى”، ما يعنى ضرورة التثقيف الإعلامى لتجنّب الآثار السلبية وخاصة لدى صغار السنّ، ومواجهة الإرهاب والتطرّف، ومواجهة الانتشار الواسع والسريع لوسائل التواصل الاجتماعى.
الدور الإعلامى
وأكد د. محمد النشار- عميد كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية- أن العالم يموج بالتحديات الخطيرة، ودور الإعلام مهم جدا فى مواجهة الأخبار الزائفة والمغلوطة لحماية المجتمع وترسيخ ثقافة السلام والتسامح.