مُوشحُ العِيد لِلأحِبه
للشاعرة الدكتورة/ نادية حلمى.. الخبيرة فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ مساعد العلوم السياسية جامعة بنى سويف
ونهضتُ فجرَ العيِدِ أحترِفُ الهِدُوءَ بِكُلِ صمتٍ فِى جِوارِكْ… أعطيتُك مُفتاحَ السعادةِ قابِعاً بينَ عينيكَ، فتركته فِى شِرُودْ
كتبتُ فيكَ شِعراً كُلَ عِيدٍ مُباركٍ، فتماديتَ فِى سِكُوتْ… وكأنكَ تظُنُ أننِى صِرتُ أسيرة بينَ يديكَ فِى قِيُودْ
أشعلتُ فِى صلاةِ العيدِ مُوشحاً يهدِى الأحِبة… وإبتسمتُ وأنا أُحيكُ جرحاً قد مسه القلبِ مِنكْ فِى صِمُودْ
وكأنكَ كُنتَ تُخطِط لِلرحِيلِ دُونَ إذنٍ أوِ شِعُورٍ بِالألمْ… رُغمّ إِنفِتاحِ أُفقِكَ، وما كُنتَ تجودُ بِهِ على الملأِ مِنْ عطايَا فِى تودُدْ
وبِسببِكَ صِرتُ أكتُبُ أشعاراً فِى كُلِ عيدٍ، أُذّكِرُكْ… بِأنكَ قدِ إنتويتَ الرحيلَ بِكُلِ حزمٍ، دُونّ لِينٍ فِى جِمُودْ
وأبتهلتُ فِى صلاتِى كُلَ عيدِ أضحى بِدمعةٍ تُريحُ قلبِى… أُضئُ بِها شُعلةٌ تُنيرُ دربِى إِليكَ يومَ الوداعِ فِى صِعُودْ
وطفقتُ أطوفُ فِى دلالٍ مِثلَ أطفالٍ صِغارْ… أُهنِئُ الجِيرانَ بِعيدِهمْ، ثُمّ أُدقِقُ نظراتِى نحوَ بابِكَ علىّ أراكَ فِى خِمُودْ
ولمحتُ طيفِكَ هذا الصباحُ بعدَ الصلاةِ، مُودِعاً رِفاقَ الصلاةِ… تُوزِعُ الأضاحِى على فُقراءِ قومُكَ فِى فضلٍ وجُودْ
وأنتَ كما عرِفتُكَ مُنذُ ألتقينا مِنْ أهلِ كرمٍ وزُودْ… فوثقتُ بِكْ، أرى الهِلالَ فِى السماءِ، وأدنُو مِنه رُغمّ المسافةِ والحِدُودْ
ولكِننِى رُغم البِعاد قد زاد إعجابِى بِمنْ يطلُبْ سُؤالِكْ… وأنتَ تُجيبُ سائِلك فِى كُلِ أضحى مُبارك دُونَ صدٍ، هل تبغَى المزِيدْ؟
فتذكرتُ أيامَ الطِفُولة فِى خُطبِ الصلاةِ وراءَ الإِمامِ… ونحنُ نُردِدُ بِغيرِ فِهمٍ مِننا، ندعُو الإلهَ رِزقاً حلالاً، وبِأن نُضحِى فِى كُلِ عيدٍ بِما نُرِيدْ
كُنا نلوذُ فِى خِشُوع، بِأنْ يتقبلُ المولى الدُعاءْ… وبِأنٌ يمُنُ علينا بِفضلهِ بِلا حِسابٍ، فنُكرِمُ ما يشاءُ مِنْ العِبادْ
ويومُ عرفاتِ المهيبْ، صِرنا نُنادِى بِأعلى صُوتٍ مسّنَا… بِأنْ يرضَى الرحمنُ عنا فنعُود، وكأننا وُلِدنا بِغيرِ ذنبٍ مِن جدِيدْ
كنا نبتهِل ساعة تهجُدْ، بِأنْ يُدِيمُ نِعمه علينا فِى دارِ الخِلُودْ… وبأنْ يُقرِبُ اللهُ شملُ المُسلِمِين مِنْ بعدِ فُرقة فِى كُلِ الوِجُودْ
لِذا راودنِى نفسُ الشِعُور، بِأنكَ لن تقترِبْ أو تبتعِدْ… بعد أن زادَ الجفاءُ بيننَا، فباتَ منقُوشاً مُتجذِراً فِى الورِيدْ
والنفسُ عافتْ هجرُكَ كُلّ عِيدٍ، مُخيرةَ بينَ عِندٍ وإحتِياجٍ شدِيدْ… وكأنْكَ تُراهِنْ فِى كُلِ أضحى، بِأنْ أعُود بِلا إِباءٍ مِنِى أو جِحُودْ
ورُغمّ أنِى كُنتُ لا أُبالِى بِأى شئٍ حولنَا فِى بِرُودْ… إلا أنِى صِرتُ أدعُو بِأنْ يُغير الله القدرْ فيدنُوكَ مِنِى، بعد أن يحدُثْ لِقلبِكَ أمرٌ فرِيدْ
ومضيِتُ وقتِى ألحظُ شِرُودكْ فِى كُلِ عِيد، وكُلِى يقينْ… أُريدُ أنْ تقترِبُ مِنى فِى تعهُدْ، فأفِرُ نحوكَ وأستزِيدْ
لمْ أدّعِى الغيبَ يوماً أو أعلمُه، إلا أنِى مُؤمِنة بِمنطِقِى… بِأنّ الدُعاءَ هُو الطريقُ لِبِلُوغِى حُلمِى فِى إجتِذابِكْ، والأملِ المنشُودْ
أصبِرُ حالِى بِأنْ تدنُو مِنى بِغيرِ قُدرة فى تعلُق وضعفٍ أكيدْ… وكأنِى صلبة فِى هواك لا أُرِيدْ، إلا أنِى أمضِى نحوِكَ وأستعيدْ
لم أُصدِقْ يومُها أنكَ قدِ إنتويتَ الرحِيل فِى هِدُوءْ… فصِرتُ أدعُو فِى كُلِ مُناسبةِ أضحَى، بِأن أنالَ مُرادِى مِنكَ عِندَ السِجُودْ
لمُ أعُدْ ألتفِتْ نحوَ الوراءِ بِغير هدىٍ أو دليلْ… ولكِنى أسألُ فِى كُلِ حِينْ: كمْ لبِثتَ ومتى وعدتَ أنْ تعُودْ؟
وإيمانِى أقوى بِأنِى أمضِى وحدِى فِى طريقِك كى أستعيدكْ… قد حذرُونِى بِأنِى أخبُو لِتفكيرِى بِكْ، إلا أنِى لا أُبالِى بإنتِقادْ
كما نبهُونِى بِأنِى أنطفأ، بعد إعتِيادِى على التوهُجْ بِلا تشتُتْ… فجاء ردِى بِأنه لا يد لى فِى ورطتِى، أقترِبُ أكثر رُغمّ الشدائِدِ والمكائِد
فالأمرُ يشبهِ شئٌ يعيشُ معى بِداخِلى مُنذُ الطِفُولة… ينمُو معِى فِى توحُد وإتِساقْ، مُستوطِناً أضلُعِى فِى إعتِيادْ
وزادَ الوِضُوحُ بِداخِلِى حدَ اليقِينْ، وأنا أفُسِر فِى تجرُدْ… بِأنّ كُلُ الأشياءِ التِى نُريدُها، تُريدُنا أيضاً فِى تعوُد وإِفتِقادْ
فصحوتُ على صوتِ الآذانِ مُكبراً عِندَ الأضاحِى… أُردٍدُ التكبِيراتِ فِى ثباتٍ وإنفِعالٍ، بِأن أحيا بِقُربِكَ إلى الأبدْ
يلُوجُ قلبِى بِذِكرِكَ، يهفُو الحياةَ فِى جِوارِكْ… بِأنْ هذا العيدُ ليسَ كغِيرهِ، فهُو خطُ البِداية لِلحياةِ معك فِى وجدْ
وُرغمّ التعلُقَ بِكَ ودعوتِى فِى كُلِ عيدٍ يفصِلْ بيننَا… تحملتُ المشقةَ وأنا أُقاوِمُ كُلَ الضِغُوط، ورُغمّ ضيقِ الحالِ أبذِلُ الجِهُودْ
فأخترتُ صمتِى وقتاً طويلاً دُونَ الكلامْ… لم يعُدْ يُكلِفُنِى الأمرُ شيئاً، سِوى إنتِظارِكْ فِى ألمٍ وإقتِيادْ
فصنعتُ مِنْ حُزنِى فِى بِعادِكَ قُوةً تأبَى الهزيمة… وتمنيتُ أن أظلُ طِفلةَ مدى الحياةِ حتى المشيبْ، فتقترِبُ مِنى بِلا حُدُودْ
قد كُنتَ تمسِكُ يدى عِندَ الطِفُولة فِى كُلِ عيدٍ… ويدى كانتْ تمِيلُ وقتها نحو التحرُر مِن قبضتِكْ، وإطلاقِ الزِنادْ
كفِى الصغِير كان يرقُبُ وقتِها فِى إِرتِباكٍ عينُكَ… وفِى كُلِ وقتٍ يُباغِتُكَ سُؤال، حتى يسقُط لِتوهِ مُستسلِماً فِى إِجهادْ
لمسةُ يديكَ قد راودتنِى، فأمتلأتُ شِعُورَاً بِالأمانِْ… ورُغم سِنِى وقتُها، حاولتُ دوماً أن أُثيرَ الإنتِباهِ وأنا أتوكأُ عليكَ وأستنِدْ
ولكنِى قد أعدتُ الكرةَ هذا العيد، كى يكُون إحتِفالِى بِقُربِكَ هذا العامِ عيدين… فإقتربْتُ مِنكَ دُونَ خوفٍ مِثلَ الطِفُولة، كى أُذكِرُكَ وِعُوداً بحياةٍ رغيدْ
فإندهشتُ لِبهجتِى وأنتَ تقِفُ إِحتِراماً لِى فِى شِمُوخ… وأحتفلنا سوِياً بِعيدُنَا مع الأضاحِى كمثلِ أيامِ الطِفُولة، وتجديدُ العِهُودْ