معهد المخطوطات العربية يختار ” الشذور الذهبية” في الألفاظ الطبية كتاب العام التراثي
كتب – رضا صبحى
أعلن معهد المخطوطات العربية التابع لجامعة الدول العربية -المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( ألكسو)- اختيار كتاب الشذور الذهبية في الألفاظ الطبية لمحمد بن عمر التونسي المتوفى سنة 1274هـ / 1857م، والصادر عن مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بتحقيق الدكتور محمود مهدي بدوي كتابَ العام للبحث التراثي بالوطن العربي لعام 2023م.
قال الدكتور أنس عطية الفقي، مدير مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا في تصديره لهذا الكتاب: “إن موسوعة الشذور الذهبية في الألفاظ الطبية، تُعد من أهم وأشمل المعاجم الطبية التراثية؛ لكونها تمثل حلقة الوصل بين الطب القديم والطب الحديث، فقد كتبت في مرحلة مفصلية من تاريخ الحضارة الإنسانية، مرحلة التداول الحضاري بين الشرق والغرب، وهي تلك المرحلة التي تسلم فيها الغرب مقاليد الزعامة من الحضارة الإسلامية”.
أشار إلى أن هذه أول نشرة محققة متكاملة للكتاب بعد أن كان حبيسا في المكتبة الوطنية الفرنسية، ولم يكن قبل ذلك متاحا منه إلا صورة ضوئية أودعت بدار الكتب المصرية لم يُقْدِمْ أحد على تحقيقها ونشرها،لافتًا إلى أن كتاب الشذور الذهبية في الألفاظ الطبية يحكي قصة فريق من الأطباء واللغويين المصريين والعرب -في عهد محمد علي باشا- حملوا على عواتقهم مسئولية إحياء العلوم الطبية الحديثة بلغتهم القومية (العربية) وذلك من خلال ترجمة المصطلحات الطبية الناشئة والمتجددة التي كانت أوروبا قد بلغت فيها شأوا عظيما بعدما استفادت من علماء المسلمين في العصور الوسطى، ودرست مؤلفاتهم وإنجازاتهم الطبية، ككتاب “القانون” في الطب لابن سينا الذي ظل يدرس في جامعات أوروبا حتى أوائل القرن الثامن عشر.
أوضح “الفقي” أن أفراد هذا الفريق المصري كانوا معلمين في مدرسة الطب بأبي زعبل – أول مدرسة للطب الحديث في الشرق- وقد بذلوا جهدا كبيرا في هذا المعجم؛ حيث لم ينقلوا نقلا حرفيا من القاموس الطبي الفرنسي الذي تم تكليفهم بترجمته إلى اللغة العربية من قِبَل “كلوت بك”، الطبيب الفرنسي الخبير، بل حرصوا على أن يكون معجمهم تعليميًا أو ثقافيًا؛ يمثل بداية المتخصص، ونهاية المثقف العادي؛ مستفيدين في ذلك من خبراتهم التدريسية في مدرسة الطب، فكانوا نموذجا فريدا ومتميزا يمثل الطب المصري الذي يضرب بجذوره إلى عصور مصر القديمة.
يذكر أن معجم الشذور الذهبية قد حظى بمراجعات علمية جادة من قبل الدكتور محمد فوزي جاب الله -رحمه الله تعالى- أستاذ التشريح بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا؛ حيث شارك قبل وفاته مشاركة قيمة في هذا العمل وقدَّم له بمقدمة ضافية؛ بما يؤكد ما سبقت الإشارة إليه من الجمع بين التراث والمعاصرة.
وبهذه المناسبة، تستضيف وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية الحفل الرئيس ليوم المخطوط العربي في العاشر من مايو المقبل بالعاصمة العراقية بغداد، وذلك بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومعهد المخطوطات العربية.
وستشهد فعاليات الحفل تكريم الدكتور محمود مهدي بدوي محقق كتاب الشذور الذهبية في الألفاظ الطبية والدكتور أنس عطية الفقي، مدير مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا.
يُذكر أن مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا -الذي أسسه ورعاه خالد الطوخي، رئيس مجلس أمناء الجامعة- صاحب باع طويل في تحقيق التراث العربي بصفة عامة، والتراث العلمي للحضارة العربية بصفة خاصة، فقد سبق وأصدر مجموعة متنوعة من الإصدارات التراثية القيمة، من معاجم علمية تراثية، وكتب مترجمة من لغات أخري عن التراث العربي ككتاب تاريخ الطب العربي للمستشرق الفرنسي لوسيان لوكلير، وموسوعات علمية محققة يأتي في مقدمتها كتاب “القانون” لابن سينا، و”الجامع” لابن البيطار، و”المغني” لابن البيطار، و”المختار في الطب” لابن هُبل البغدادي، وقد كان للدكتور محمود مهدي بدوي محقق “الشذور الذهبية في الألفاظ الطبية” الإسهام الأكبر في هذه الإصدارات.
ويمتاز مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا باحتوائه على مجموعة من الأساتذة الخبراء في التخصصات العلمية المتعددة سواء من الجامعة أو من خارجها، وتتميز إصداراته بالجمع بين التراث والمعاصرة، ليحقق المعادلة المستهدفة من كل طامح يريد أن يبني تطورا علميا حقيقيا ينطلق من الجذور الأصيلة للعلوم ويتناول مستجداتها بحكمة وبصيرة حتى لا يكون أسيرًا للمستجدات الوافدة دون وعي حقيقي.