مقالات

شيرين زين الدين تكتب: “الجميع يشيرون إليّ”

الجميع يشيرون إليّ .. يَصِفُونني بالمجنونة
بينما أجلس على المصطبة أشاهد العالم الصغير حولي
وأكتب أشياء أظنّها شعرًا.

ربما كان أخي الأصغر محقًا حين اقتنع بهذا الأمر
… وقال لأمي عنّي يومًا: “ابنتُك مجنونة”
قال “ابنتُك” ولم يقل “أختي”
وهكذا نجح أخي في شيء.. فقد أحرق قلبي تمامًا
… بعدما قال أبي عنه: “فاشل”

ما أدهشني..
أن أخي لم يحزن من تلك الكلمة العنيفة على عمره الصغير
بل لأنه قال: “ابنُك”
ولم يقل “ابني” .. فتألّم
… ولا أعلم
أين السعادة في أن ينتمي أحدُنا إلى أبٍ يمحو أبناءه
ويدفعهم نحو العدم.

لكنني أعلم أن أخي تألّم
إلى درجةٍ جعلَتهُ يقفز إلى الدنيا منذ زمن
واستحثّني أن أقفز مثله:
“أختي انزلي”.
وقد نجح أخيرًا في أن يجعلني أشعر بأن كلًّا منّا
… ينتمي إلى الآخر.

همس مجددًا:
“أختي.. انزلي”.
وكان قد ربط حبلًا قويًا بين النافذة والشارع
دون أن ينتبه إلى ما مر من الزمن
ولا إلى عجزي المعلّق بين مرضي وسِمنتي
سمنتي التي تضخمت مثل ورم هائل
يبتلعني بآحلامي وآمالي في التخلص من هذا الأب..
ومن القفز من النافذة
والتمسك بذلك الحبل…

الحبل نفسه الذي أُعدِمت به أمي
حين حاولت الخروج إلى الدنيا لتعود بأدويتي وطعامي.
وهكذا انتصر أبي في أن يفرّقنا جميعًا
فأخي الأكبر رحل
وأختي الكبرى تقف بجانب النافذة تنظر في فراغ
بعدما فقدت أملها من هذا البيت
ومن الحياة التي لم تمنحها شيئًا صغيرًا.
وهكذا… كبرنا فجأة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى