900
900
مقالات

متاهة الحياة

الجزء الرابع

900
900

بقلم / نسرين عبد المجيد

تتسلل لخبايا الذاكرة بعض من تفاصيل الماضي السحيق …. كانت تتجنبه زمنا طويلا … وتحاول الإبتعاد عن تفاصيله الدفينة ..فتظهر ما بين الفينة والأخرى …وسأخرجها من كبتها المؤلم قصه طويلة … عنوانها /متاهة الحياة…الجزءالرابع.
قصة مستوحاة من الواقع …..
القدر …. أجل هو من يسيِّرنا حسب أهوائه غير آبه بأحلامنا وتطلعاتنا وأمانينا……قررت التقدم لخطبتها .. متناسيا فروق الثقافات المختلفة التي أنتجها تراكم الجهل الذي غزا أفكارنا ومعتقداتنا منذ قديم الأزل …… لم تكن ردة الفعل تجاه هذه الخطوة من قِبل مجتمعها كما كان حجم ما نتمنى …. فذلك المجتمع المتعصب لرأيه كما أي مجتمع عربي …لن يقبل تزويج إبنته لذلك الهارب من ذكرياته ومن نفسه … لسبب بسيط … إختلاف المذاهب والعقيده …. هناك راودني ذلك السؤال العميق والذي يتسائله كل من رضي لنفسه الإسلام دينا …. ألسنا جميعا نتبع ديانه واحدة ….. كان ومازال الواقع يقول عكس هذا …فنحن مجتمعات متفككه فكريا وعقائديا ..فهذا مسلم سني وذاك شيعي وذاك ……وذاك…..
هل لهذه الدرجة تناسينا متعمدين من نحن والى أين ننتمي ….
بعد عدة محاولات خاسرة بمساعدة بعض الأصدقاء ….كانت النتيجة الحتميه واحدة ..وهي الرفض القاطع لذلك الدخيل المغترب ……
عندما تحب شخصا بشدة …يجب أن تتمنى له الخير بكل جوانب حياته أيضا …وهذا ما قادني بعد عدة ليالي من التفكير المضني ..إلى أن أخرج من حياتها علها تجد مستقبلها وتطلعاتها مع من يرضاه لها القدر والنصيب …..أخبرتها أني مسافر في زيارة للوطن وسأعود …وإنزويت مراقبًا لها من بعيد… غيرت كل ما كان سيوصلها لبابي … هل تعلم ما مدى هشاشتك وأنت تراقب من تحب من بعيد دون أن تجرؤ على الإقتراب …لا خوفا على نفسك …بل خوفا عليها من الضياع …..
عاقبت نفسي بالعمل ليلا و نهارا …وغاب الفرح عن طرقاتي … وبدأت ملامحي تنسى شكل الابتسامة ….
في ذاك الوقت إشتدت رحى الحرب في الوطن ..وقسم إلى أشلاء وكأنه غنيمة كلا يريد الحصة الأكبر …. وإشتد حزني على ما آلت اليه ملايين النفوس التي سكنت تلك البقعه الجغرافيه الصغيرة … سكنوا مخيمات الشتات في مختلف قطاع الأرض وتاهوا بأحلامهم إلى المجهول ….
اردت رؤية وطني من جديد…. وان أرتوي من أنهاره اللامتناهيه …و أردت الإرتماء بأحضانه من آلام البعد والهجران … أن اغفو متناسيا تلك الدموع التي تنساب دون وعي من مخابئ الأوجاع …..
كانت ليلة شتوية ذات هواء له عواء صاخب ..وأمطار غزيرة تنهمر علها تغسل ما استباح حرمات التراب المقدس …
حملت حقيبتي الوحيدة التي أتعبتها المحطات … وإنطلقت وكانت تسابقني أشواقي نحو الذكريات الدفينة … والأفكار تجتاحني هل سأقف هناك ..وأقول هذه مدرستي …وهذا منزلي وذاك مكان الأحلام المستقبلية الممزقه ….
راكبا حافلة المحطات ..وأداعب بنظري تفاصيل الدمار والخراب الذي حول المدن والقرى ..إلى ساحات خردة خالية من أية حياة….إلى ذكريات من كانوا قد عاشوا هنا قبل أن يهدم أزيز الرصا*ص وأصوات المدا*فع قصور البهجه والأحلام …
كنت أعتقد ساذجا أن قريتي الريفيه التي نستها كتب الجغرافيا قد سلمت بذاتها من طبول الحر*ب الهوجاء ….وكانت الصدمه التي حولت الشوق إلى ألم ….. كان الخراب قد حل بكل مكان … ولم يعد أحد هنا …وكأن هذا المكان هجر من آلاف السنين ….
وقفت حائرا أمام جنوني وأسئلتي من سأسأل عن أهلي ولم يبقى أحد يفترش هذا الخراب ….. ثم بدأت من جديد رحلة البحث عن بعض تراكمات الذكرى متمثلة …بأب …أم …أخ …أخت … أصدقاء الطفوله الضائعة ….
وقد تاهت طرقي من جديد …..
يتبع …………………

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى