900
900
مقالات

د. محمد كامل الباز يكتب : حفل إفتتاح للأولمبياد أم دعوة للبغي والإفساد ؟!

900
900

سمعت كلمة قديمة من جدي رحمه الله تعالى ( الشقق قِرف)
كنت أسمع الكلمة كثيراً ولكني عندما أقدمت على الزواج أيقنت ذلك المعني تماماً وعرفت فعلاً أن أماكن المعيشة والاستقرار تعتبر فعلا ( قِرف) ، كم من شقة قد دخلتها وهي فى غاية الأناقة والرقي ولكن انقبض قلبي بها ولم يسترح لها وعلى العكس من الممكن أن أجد نفسي فى مكان أقل رقي من الأول ولكن سبحان الله أشعر براحة غريبة بالوجود فيه، بعد فترة أخرى وجدت أن جدي كان رجل بعيد النظر، ليس فقط الشقق التي تتباين فيما بينها فى الراحة النفسية والهدوء ولكن أيضاً البلدان والمجتمعات، وكي أدخل فى الموضوع مباشرة سانتقل من مرحلة الشقق والعمارات لمرحلة الدول والحضارات فكما أنك من الممكن أن تستريح لشقة وتضيق باخري، وجدت نفس الموضوع فى البلدان والدول؛

لم يغب عن أحد مشهد افتتاح أولمبياد باريس منذ أيام، ذلك الحدث الأوليمبي الأهم على كوكب الأرض والذي أقيم فى عاصمة الفن والموضة، الشياكة والأناقة، باريس،
لكن الدهشة والصدمة بدأوا بمجرد بداية الحفل،
لم نشاهد حفل افتتاحي رياضي عالمي يجمع شباب دول العالم، لم أجد تواصل بين الدول ورسائل بنائة فى فوائد الرياضة والفنون بين المجتمعات ولكن وجدنا أشياء غريبة وحفل أغرب، شاهدنا اسقاطات ودلالات لأشياء أبعد ماتكون عن الرياضة، شعارات ولوحات غريبة، رموز سياسية ودينية وتاريخية ليس لها علاقة بتنافس اؤليمبى !؟
واحدة لفرسان المعبد وأخري للقتل والدمار، ثالثة لما ينتظر العالم من قتل وخراب !! ورابعة لحروب منتظرة !!

وجدنا فى حفل افتتاح دورة أؤلمبية تعتبر ميدان للرياضة، بدلاً من الدعوة لتكوين جسم وحياة سليمة لهؤلاء الأولاد فوجئنا بدعاية عامة للشذوذ وطمس الفطرة، وجدنا فى مجتمعات النور والحضارة والتقدم لأول مرة إظهار البيدو فيليا ووجود أطفال يرقصون مع هؤلاء المضطربون جنسياً فى تعدي صارخ على أى طفولة أو براءة،

ذلك العالم الذي من الممكن أن يأخذ منك إبنك لمجرد تعنيفه أو لومه بدأ ينشر فكرة التمتع بالأطفال فى تنصل علني من كل المباديء التي نادي بها هذا العالم الكاذب؛
أقسم بالله لم استطع أكمل الحفل وكل معلوماتي استمدتها من صور السوشيال ميديا والمقالات الموثقة، لم أستطع رؤية ذلك المسخ وتلك القاذروات التي أصبحت تحيط بنا من كل إتجاه، عندما رأيت هؤلاء ونظرت لكل من يتمنى العيش فى تلك الدول أشفقت عليه وتاكدت أنه مازال صغيراً ويفكر تحت قدميه، بلاد النور والحضارة لم يستطع عقلي ومن بعده عيني الاستمرار فى متابعتها ولو على شاشة التلفاز ما بالك فى العيش فى ذلك المجتمع المعاكس للفطرة، حاولت الهروب بالريموت لأى مكان آخر فوجدت على شاشة محطة أخري أهل غزة وسبحان الله تذكرت كلمات جدي الخالدة ( الشقق قِرف)!!
فى غزة وحدت عالم مختلف تماماً أطفال يعانون من الجوع، طوابير أمام المياه، أسر وعائلات مشردة تجتمع فى الخيام ( انعدمت مقومات الحياة تقريباً) لكن والله أخذت نبضات قلبي المضطربة من ذلك المسخ السابق فى الهدوء وبدأت أنفاسي السريعة فى الاستقرار والاطمئنان، كيف لا تطمئن وهي شاهدت الأن فئة من أطهر فئات الأرض!
كيف لا تهدأ وهي الأن أمام ذروة السنام ودرة التاج!؟
انقلب شعورى من الضيق والتوتر فى مشهد باريس إلي الهدوء والطمأنينة فى أرض الأبطال،

فى باريس كانت القصور والألوان، الطعام والشراب، الغناء والرقص، الرقي والتحضر ولكن كان معها الحزن وضيق الصدر أما فى غزة كان الفقر والجوع، العطش والبحث عن مأوى ولكن كانت هناك الراحة والسكينة،

هيهات هيهات أن نقارن هؤلاء المخنثون والمضطربون نفسياً باؤلئك المناضلون الذين يعيشون فى أنفاق منذ تسعة أشهر ليدافعوا عن أرضهم وعرضهم، لا أتخيل مجرد تخيل أن تحدث مقارنة بين ذكر كل همه فى حياته أن يعترف العالم بشذوذة ومرضه وبين رجل تعفرت قدماه فى النضال والكفاح من أجل دينه ووطنه، بالتاكيد ستكون المقارنة ظالمة لاشباه الرجال
لم تستريح عيناي فى برج ايفيل أو ضفاف السين ولكنها هدأت واستقرت عند هذا الشعب المتين،
بعد رؤية ماحدث فى باريس وما يحدث فى غزة ايقنت تماماً أن خيمة فى أرض الزيتون أفضل وابرك من قصر يسكنه الشواذ والمخنثون.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى