شريف سعيد يكتب : « بكالوريا » .. مع سبق الإصرار والترصد !!

تلقيت أمس دعوة من مدرسة ابنتي لاجتماع طارئ للتوقيع على استمارة البكالوريا (وليس لمناقشة أولياء الأمور والطلاب ومساعدتهم في حق الاختيار بين النظامين القديم والحديث) بحجة أن هناك إقبالا تاريخيا من الطلبة على الالتحاق بـ البكالوريا (النظام الجديد) لذا قررت المدرسة اعتماد البكالوريا في المدرسة دون غيرها وعلى المتضرر اللجوء لـ «السماء ».
جلست أستمع بعناية غير مصدق لتلك الادعاءات، خاصة أن جروبات أولياء الأمور تعج برفض سياسة الأمر الواقع في ظل إدعاء الوزارة أن للطلبة والأهالي حق الاختيار.
دعونا نناقش الأمر بشكل أكبر ومن زاوية أوسع، خلال السنة الأخيرة برزت “البكالوريا” كبديل شرعي لنظام الثانوية العامة التقليدية، وتحاول وزارة التعليم بكل ما أوتيت من جهد الدفع بها، بإعتبارها نموذجاً جديداً يضمن تطور العملية التعليمية، ورغم الصورة البراقة التي يُسوَّق بها هذا النظام، إلا أن الواقع يكشف عن أبعاد سلبية متعددة، سواء على مستوى الطلاب أو أولياء الأمور أو حتى مستقبل التعليم داخل المجتمع في ظل نظام جديد وفي ظل تقليل مواد وإلغاء مواد وتنحية وإهمال مواد أخرى قد يبدو للوهلة الأولى أنها محاولة تخفيف عن كاهل ولي الأمر وإعطاء فرص لتصحيح المسار والمجموع ليحصل كل طالب على المجموع الذي يرغب به، ولكن في ظل توافر الفرص والتحسين تزداد بالطبع نسب النجاح وارتفاع المجموع مما يجعل فرص الالتحاق بالجامعات نفسها في النظام القديم لأنها تخضع لإعداد مكتب التنسيق حتي لو كل الطلاب حصلت على مجموع فوق ٩٥٪ لن يلتحق جميعهم بالطب والهندسة وتبقى كلمة مكتب التنسيق وفقاً لأعداد الناجحين ومجاميعهم هي الفيصل، أضف إلى ذلك فكرة تحمل الأسرة عبء الثانوية العامة بضغوطها النفسية والمالية لعامين متتاليين الأمر الذي يرفضه الجميع، في ظل واقع نعيشه من ارتفاع معدلات التوتر والقلق والاكتئاب للأهل والطلاب .
لن أتحدث عن أهمية المواد التي تم حذفها أو ما تم تجنيبها أو بدلا من دراستها ٣ سنوات أصبحت سنتين ومدى احتياج الطالب لها للتأهيل الجامعي، وليس لدى أية معلومة هل تم التنسيق مع الجامعات حول أهمية تلك المواد في المرحلة الجامعية؟
لكن المؤكد أن الضغط غير المباشر الذي تمارسه وزارة التعليم على المدارس وأولياء الأمور لاعتماد نظام البكالوريا، يضع الأسر في موقف ضعيف، حيث تُسلب منهم حرية الاختيار بين الأنظمة التعليمية، ويُفرض عليهم نظام قد لا يتوافق مع قدراتهم الاقتصادية أو تطلعاتهم الأكاديمية،وتشويه متعمد لمفهوم الإصلاح التعليمي، حيث يُربط التطوير بالضغط على الأسر بدلًا من توفير بدائل متعددة، مما يؤدى بالطبع إلى تراجع الثقة بين الوزارة وأولياء الأمور بسبب سياسات الإلزام بدلًا من الحوار، لكن فرض البكالوريا كخيار وحيد قد يزيد من الأعباء المالية، ويُرهق الطلاب نفسياً، ويضع الأسر في مأزق صعب، ويُعمق الفجوة التعليمية، أما الإصلاح الحقيقي فيجب أن يقوم على الحرية، والتنوع، والعدالة.







