عبثية تقييم الإنسان
بقلم / محمد زهران
مجبرون نحن علي ما نشعر به وعلي ما نختار وحتي علي ما نكون
دائما ما تسائلنا عن أصل أفعال الإنسان من الخير والشروهذا التنوع الفج بين سلوك إنسان وآخربدءا من إنسان بقلب رحيم إلي سفاح لا يعرف الرحمة.
إن لكل عقل ( المكون الرئيسي للشخصية وأبعادها والمسؤل عن سلوك الإنسان ) نصيب من كل الصفات والسمات وتورث هذه الصفات مثل توارث صفات البدن تماما من جيل لأخر وتخضع لنفس نظرية الإحتمالات فإذا كان الأبوين يحملون بعض السمات فعلي الأرجح ستورث هذه السمات لأجيالهم دون أن نهمل الإحتمال الأقل من طفرات الجينية والتي قد تحيد عن هذه السمات.
ومن السمات .. العاطفة .. الرحمة .. القسوة .. الذكاء .. التفهم .. المرونة .. الإيثار .. الطمع . الي آخره مما يشكل ويحتم صفات الفرد. فلكل عقل نصيب من إستيعاب هذه الصفات التي وجد بها ولم يكن له سطوة في إختيارها أو حتي التحكم بها والتي ستتسبب في تحديد مصيره بعد ان تتشابك مع الحياه ويعاد هيكلتها ولكن أيضا تبعا لطبيعة كل عقل.
فدائما ما افتعلت هذه التجربة داخل معملي الخاص والذي يقطن في عقلي…
فقد جمعت مائة طفل بعمر يوم واحد وقد وحدت وثبت جميع المعطيات والمدخلات عليهم من الغذاء والتربية الموحدة والتي قد تؤثر علي ردود أفعالهم حتي لا يتعرض بعضهم بعضهم لمؤثرات مختلفة من النشأة عن غيره. وها قد بدأت الإختبار بعد ثلاث سنوات فقد عزلت كل طفلين سويا في غرفة واحدة وحرمتهم من الطعام حتي إشتد جوعهم فأعطيت لكل طفلين تفاحة واحدة في يد أحدهم وقد بدأت أجمع نتائج التجربة .
خمسون تجربة بخمسين نتيجة مختلفة فرأيت من تقاسم التفاحة مع صديقه ومن طمع بها إلي من وهبها لصديقه ورأيت ممن لم يعطو التفاحة من إبتسم فرحا لصديقه ومن تذلل من أجل الطعام إلي من سرق الطعام وضرب صديقه بكل جحود.
هل تشك بأن هناك إختلاف بين نتائج التجربة من ردود الأفعال !! بالنسبة لي لا شك في هذا فأنا أثق تماما بمعملي.
والسؤال الآن من أين أتي هذا التنوع في ردود الأفعال والذي حتم علينا حتي إنعدام إحتمالية تماثل ردة فعلتين للإنسان علي الأقل !!
حتماً إنها صفات قد ورثناها وقد نورثها وليس لنا يد في إختيارها قد فرضت علينا.
والصادم هنا هو أن حتي قابلية وإستعداد الإنسان للتغيير والتطوير من نفسه هي صفات وقدرات مورثة وتكون محكومة بقدرات العقل من إمكانيات تغيير وتطوير نفسه فنجد من الأطفال الذين يخضعون لتعديل السلوك قابلية متفاوتة للتطوير فمن أين أتي هذا التفاوت !!
وعليه فإن حتي قابلية الإنسان للتأثر والتعلم من تجاربه .. إستيعابه لما يدور حوله وفهمه للأمور هي قدرات متفاوتة قد وهبت لعقل كل فرد علي حدي بدون سيطره منه علي ذلك .
فإذا تتبعنا كل ما يتسبب في ردة فعل الإنسان تجاه الحياه من صفات عقلية او شخصية سنجدها في آخر الأمر ترجع الي نسيج من مئات السمات العقلية المتشابكة والتي قد فرضت عليه.
أما عن حياه تملؤها الأحداث العشوائية يقع تأثيرها علي محمل الإنسان بدون رحمة من ألم ولذه .. أمل وخيبات .. ثقة وخزلان .. صدمات تلوي الآخري علي الإنسان بما أوتي من سمات لم يحددها والتي وحدها تحدد ردة فعله ولا يزال الإنسان يود الحكم علي غيره !! إن الإنسان لم يتميز عن باقي المخلوقات إلا بالغرور.
فلو كان للإنسان عقل لما حكم علي غيره .. فمجبرون نحن علي إيقاع ردود أفعالنا المساوية لأفعال الحياه بنا تحت سطوة سمات عقولنا التي فرضت علينا.