بقلم / نسرين عبد المجيد
تتسلل لخبايا الذاكرة بعض من تفاصيل الماضي السحيق …. كانت تتجنبه زمنا طويلا … وتحاول الإبتعاد عن تفاصيله الدفينة ..فتظهر ما بين الفينة والأخرى …وسأخرجها من كبتها المؤلم قصه طويلة … عنوانها /متاهة الحياة…((.الجزء الثاني ))
جزء/2/
من المؤلم أن تتحول أحلامك إلى رماد تذروه الرياح ….. أتذكر بدقه لا متناهيه تفاصيل وجه والدي … الذي خطته السنين تجاعيد تروي قصة كفاح طويلة مع الزمن المنصرم …..وبذاك الوجه المهيب اعلنها لي أن لا دراسة بعد اليوم …ولا آمال مخملية … …لماذا يا والدي …من أجل العمل في الارض … فنحن مجتمع ريفي يقتات بالزراعة وما تنتجه الارض وخيراتها …. في ذاك المكان البعيد حيث تربينا كلام الأب مقدس ولا مكان للنقاش أبدا إلى السكوت أمام هيبته اللامتناهيه أو جبروته ……..فأمتعت أقلامي ودفاتري ليس أملا بالرجوع للدراسة فهذه القرارات قد صدرت وما علينا الا التنفيذ بصمت …بل خبئت اقلامي ودفاتري ..من أجل أن أفرغ بعض من الكبت الدفين في العقل الباطن .. ببعض القصائد ..ونصوص النثر التي كنت متأكدا أنها ستبقى حبيسه الأدراج …….وإنطلقت برحله الشقاء طفلا يعمل ليل نهار دون كلل أو ملل ..فقط ليرى إبتسامه الرضى من والده تقديرا لما يصنع … وتعاقبت الأيام … هل تعرفون ما معنى ..شاب بمقتبل العمر ..لا يعيش فرحة العمر الربيعي … وفي ليلة لم اعد اذكر تفاصيل أفكارها..قررت الهروب ..الهروب من كل ما أصبح يمثل واقعا مؤلما … ولم أجد سبيلا لذلك سوى السفر نحو غياهب المجهول … وفعلا أقدمت على تلك الخطوة رغم صعوبتها على شاب لم يكمل سن السادسة عشرة بعد … حملت حقيبتي ذات الأمتعة المتواضعة … وصرت أجول بين المدن العريقه أعمل بأي شئ يصادف طرقي ..وأفترش الأبنيه الخاويه منزلا ..وأحيانا السماء لحافا ….أرأيت هاربا مثلي من ألم وبؤس ….إلى بؤس وألم … أكثر من ثلاث سنوات ..صقلت شخصية طفلا أصبح رجلا بغير أوانه … ولم أدري أهو الحنين لمرابع الطفولة أم للمسه أم حنونه …أو لمسكن دافئ بين عائله كبيرة …قررت الرجوع …وبالفعل هذا ما حدث … ولم أدرى أن الامور ستأخذ منحنى آخر وكأن القدر قد جهز لي مخططاته حسب أهوائه …..
يتبع …………