بكره أحلى
بقلم / رشا سعيد
فرصة ذهبية
أيام قليلة و يهل علينا شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار الذي ينتظره الجميع الصغير قبل الكبير لا من أجل لمة العيلة و أحاديث الأجداد التي أصبحت للكثير منا ذكرى حلوة.. والآن تحولت لمجرد رسالة أو مكالمة تليفونية أو فيديو عبر تطبيقات المحمول أو مواقع التواصل الاجتماعي .. رمضان شهر العبادات واغتنام الفرص العظيمة من أجل مرضاة الله عز وجل وعلينا بالتدبر و العودة لاقتناص العبادات في الشهر الكريم. مثلما كنا نفعل في السابق حتى نكون قدوة حسنة لأولادنا و يتمسكون بعباداتهم وسط صخب الحياة ، فللأسف تحول شهر رمضان خلال الأيام الأخيرة لماراثون الطعام والزينة والفوانيس واللعب وليالي رمضان دون النظر للعبرة من الهدف الأساسي من الشهر الفضيل وهو الصيام وهو الركن الثالث من أركان الإسلام و الصيام ليس الامتناع عن تناول الأكل والشرب فقط إنما الصوم عن كل الشهوات والشعور بالفقراء والمحتاجين ومساعدتهم سرا لا في العلن للتباهي و التفاخر ، فعلينا جميعاً أن نحذر الفيلة و بريقها كما فعل يحيي بن يحيي الليثي عندما جلس الإمام مالك رضي الله عنه في المسجد النبوي كعادته يروي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم… والطلاب حوله يستمعون… فصاح صائح: جاء للمدينة فيل عظيم… (ولم يكن أهل المدينة قد رأوا فيلا قبل ذلك… فالمدينة ليست موطناً للفيلة)…
فهرع الطلبة كلهم ليروْا الفيل وتركوا مالكاً إلَّا يحيى بن يحيى الليثي…
فقال له الإمام مالك: لِمَ لَمْ تخرج معهم؟ هل رأيت الفيل من قبل؟
قال يحيى: إنَّما قدمت المدينة لأرى مالكاً لا لأرى الفيل…
لو تأمَّلنا هذه القصة.. لوجدنا أنَّ واحداً فقط من الحضور هو من عَلِمَ لماذا أتى؟ وما هو هدفه؟
لذا لم يتشتت… ولم يبدد طاقاته يمنة ويسرة… أما الآخرون فخرجوا يتفرجون.. فانظر لعِظَمْ الفرق بينهم…
فكانت رواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي عن مالك هي المعتمد للموطأ…
أمَّا غيره من الطلبة المتفرجين فلم يذكرهم لنا التاريخ…
وفي زماننا هذا يتكرر الفيل.. ولكن بصور مختلفة… وطرائق شتَّى… وخصوصاً في رمضان…
فالناس في رمضان صنفان: صنف قد حدَّد هدفه.. فهو يعلم ماذا يريد من رمضان… وما هي الثمرة التي يرجو تحصيلها…
وصنف آخر غافل لها مفرِّط… تستهويه أنواع الفيلة المختلفة ، وعلينا بتعويد أولادنا على الصيام وتعريفهم بالعبرة منه و العودة للمة العيلة وصلة الرحم من أجل التراحم و وصل الأحباب ، فكم منا لا يزور والديه بالشهور بسبب ضغوط الحياة و الروتين اليومي السريع حتى أولادنا ربما لا نتكلم معهم بالأيام ، نحاول أن نكون مثل ٱبائنا و نفوز بنفحات الشهر الكريم و نضئ لياليه بإحياء عباداته .