900
900
مقالات

دردشة

900
900

القناعة كنز .. والطموح إلتزام
بقلم / أحمد عبد الحليم

هناك فرق كبير بين القناعة بالرضا بالمقسوم والطموح، ولكن بعض الأفراد يخلطون بين الأمرين، فعندما نريد أن نحقق الطموح لابد أن يكون لدينا قناعة أولاً بالمتاح، حيث أن الرضا بالمقسوم أمر ضروري لسعادة الإنسان في حياته يستطيع من خلاله تحقيق طموحاته، ورغم ذلك إلا أن بعض الأشخاص ليس لديهم الإيمان الكافي بأن الرزق بيد الله وحده، ويريدون طلوع درجات السلم بخطوة واحدة إلى القمة على أمل تتحقق كل أمانيهم في وقت قصير وبدون جهد مبذول منهم واهمين أن ما يفعلوه هو الطموح، ولكنه لا يُعد كذلك بل هو طموع للوصول إلى القمة بدون مشقة.
نعم إن القناة كنز لا يفنى وأمر ضروري ومطلوب للوصول للهدف، أما الطموع يُعد خصلة يتبعها أصحاب المفاهيم الخاطئة ولن تؤدي إلا للفشل، حيث أن معنى القناعة هو الرضا بما أعطى الله أو الرضا بالمقسوم .. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس » صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبلا شك أن القناعة تُعـبر عن الرضا النابع من الإيمان بما قسمه الله للفرد، والتسليم بوجود العـدل بالحياة، فهذا بالطبع لا يحد من الطموح ولا يعـني أن نتوقف عن السعي وتطور أنفسنا في الحياة، لأن الإنسان القنوع قليل التذمر ويمتلك الطاقة الايجابية ويحب الخير للجميع، ومتفاءل بما يصادفه في حياته ممتناً بما يملكه، ويتمتع أصحاب العقلية الممتنة بالقناعة التي تجعلهم يمتلكون سعادة داخلية ورضا بالقليل والمتاح بصرف النظر عن أحداث الحياة الخارجة والتطورات الحديثة.
من المؤكد أن تدريب الذهن على الشعــور اليومي بالامتنان، وذلك بالوصول إلى الرضا والقناعة والراحة النفسية التي تكمن في تقييم الوضع الشخصي من أجل إظهار الامتنان، فإذا كان الفرد ممتنّاً لكل ما يملك، فإنه سيفهم بأن الأشياء ليست بذلك السوء كما كان يعتقد، لذا يجب عليه تدوين كل ما يُشعِره بالسعادة، وقد يشمل ذلك حب الأصدقاء، أو حب العائلة، أو الوظيفة التي يعمل فيها، أو الفرص الثمينة الأخرى التي حصل عليها، أو حتى الأشياء البسيطة التي يملكها في المنزل.
وقتها سيعلم المرء كيف يتمتع بالقناعة التي تؤثر إيجابياً على كل مناحي حياته، ويستقطب الطاقات الإيجابية إلى نفسه التي تدعمه من مواصلة أمور حياته بكل بساطة.
كما أن أول خطوة تساعد الإنسان على الشعور بالقناعة وحب الحياة، أن يعـترف أمام نفسه بعيوبه وألا يتباهى بمثاليته أمام الآخرين، وفي نفس الوقت أن يكون لديه رغبة شديدة في السير قدماً في الحياة، لأن القناعة ترسخ في الذهن من خلال التربية وإعداد وتقويم النفس، والتوعية بأهميتها في الحياة، وأنها باب للسعادة والراحة النفسية للفرد، وأن يكون الفرد منتجاً ونافعاً ومحترماً بين الناس، ومقنعاً في كلامك أثناء حواره مع الآخرين، وشديد الملاحظة لديه قدر من الفراسة والذكاء وان يستطيع أن تميز بين الأمور الإيجابية والسلبية التي يختارها في حياته.
ويأتي دور الإنسان في تحديد الأهداف بالسعي وبذل الجهد ومشورة أهل العلم لتحقيق السعادة والقناعة، فأولئك الذين يسعـون لتحقيق تطَّلعاتهم وأهدافهم وطموحهم يكونوا أكثر سعادةً من غيرهم، لان تحقيق هذه الأهداف يعزز من الثقة بالنفس خاصة مع تنظيم أنشطته اليومية بحيث تتناسب مع أهدافه، وذلك بالتزامن مع تعزيز العلاقات الاجتماعية الهادفة التي تساعده على تحقيقها، والأهم أن يحدد هذه الأهداف من خلال كل الإنجازات التي يطمح إليها، مع أن يتحلى الفرد بالتفاؤل حتى يصبح قنوعاً، وذلك بالتركيز على رؤية الجانب المُشرق في كل الأمور من غير مبالغة وأن يستمد الطاقة الإيجابية لذاته من إيمانه بالله ويبتعـد عن أي طاقة سلبية تجرفه إلى التشاؤم لا سمح الله، وعدم ترك المجال للأفكار السلبية بأن تسيطر على كل التوقعات، أما إذا كان الشخص متشائماً بطبيعته فإنه قد يحتاج وقتاً طويلاً لتغيير أفكاره السلبية، ولتحقيق ذلك فإن عليه أن يبدأ بالاعتراف بوجود تلك الأفكار، ومحاولة تقييم الوضع الحاصل والنظر إلى كل جوانبه، وتحديد الدروس والعـبر المستفادة من هذه التجارب، والتي قد يُستفاد منها مستقبلاً.
وكذلك لابد أن يكون لدى الفرد قدر كافي من التوازن الذي يتطلب السعي لتحقيق السعادة الداخلية بحياة متوازنة، حيث أن الحالة المتوازنة عقلياً وبدنياً تجعل الفرد لديه شعـور بالسعادة والسلام الداخلي، وأن يُدرك بأنه إنسان وليس بطلاً خارقاً حتى لا يصبح بطلاً من ورق ويندم، وأن يبذل الجهد لحل مشاكله تدريجياً على أن يكون الحل لمشكلة تلو الأخرى، والتخلص من المثالية المجردة، كل هذه الأمور بالتعامل بحسن النية مع الآخرين وتجاه نفسه أيضاً، هذا إلى جانب التجرد من المادية أو وجود المزيد من الأموال أو المُقتنيات المادية، حيث أن الفرد يحتاج إلى القليل أو المتاح حتى يكون قانعاً، كالإحساس بالأمان وغذاؤه كافي ولديه عمل مفيد ومقتنع به، وأن يتواصل مع الآخرين، وعلى الفرد يقنع بما لديه من المتاح وألا يتطلع بالنظر لما يمتلكه غيره ومقارنته بما يملكه من القليل.
يجب على الإنسان أن يقدر الظروف المتاحة ويصبر ويحسن النية وأن يقنع بما قسمه الله له حتى إذا كان من القليل أو المتاح، لأن القناعة بداية للوصول إلى قمة الطموح، فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وبالإلتزام والإصرار ومشورة أهل العلم والخبرة سيحقق الفرد طموحه كل ما يتمناه، حيث أن الفرد إذا أراد أن يصل إلى هدفه من الطموح الذي يسعى إليه، فإنه بحاجة إلى اتخاذ خطوات لدفعه إلى نقطة البداية ومنها تدريجياً إلى نقطة القمة، فلن يكون هناك أي أساس للعمل المثمر بالإيجابيات من غير نقطة البداية فهي التي تسهل الخطوات المتتالية في الرحلة للوصول للهدف الرئيسي وقمة الطموح.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى