معادلة الحبّ
بقلم / فاتن يعقوب
تتفق الأديان على فكرة أنّ الزواج يجب أن يتأسّس على المودة والرحمة بهدف التكاثر واستمرار الإنسان. ولا نلحظ هناك كلاماً عن الرومانسية أو العشق والغرام. وقد تتفاجأ عندما تعلم أنّ العلم يعرّف الحبّ على أنّه تفاعل فيزيولوجي وهرموني، وهذا يذكّرني بفيلم “جري الوحوش” عندما حاول نور الشريف أن ينجب من امرأة أخرى غير زوجته العاقر، وفسّرت له تلك المرأة أنّ الحب هو عبارة عن تغيّر كيميائي ينتج بين رجل وامرأة. عندها لم يتحمّل نور الشريف الفكرة وقام بالتقيّؤ.
ولكن لنعود قليلا إلى وقتنا الحالي: أولسنا نستعمل عبارة كيمياء للحديث عن انجذاب يحصل بين الرجل والمرأة؟ وذلك الأمر علمي بحت. عندما ينجذب رجل ما إلى امرأة بعينها، قد يشعر بالتعرّق وبضربات قلب سريعة ولهذا لعصور وعصور نرسم القلب للتعبير عن الحب بينما الدماغ هو المسؤول عن هذه الأحاسيس.
يقسّم العلماء الحب الرومانسي إلى ثلاث مراحل: الرغبة، الانجذاب، والتعلّق. في مرحلة الرغبة، يكون التيستوستيرون (الهرمون الذكري) والإستروجين (الهرمون النسائي) مسؤولين عن الحاجة للتكاثر.
أما الانجذاب فهو ذلك الإحساس الذي يتملّكنا في بداية العلاقة وهنا يكون هرمون الدوبامين هو المسؤول عن الشعور بالنشوة. وهذا يشبه حصولنا على جائزة ما: هو ذلك الإحساس الناتج عن رؤيتنا الحبيب في الشهور الأولى للعلاقة أو انتظار مكالمة منه. هو إحساس الشبع والراحة بدون الحاجة إلى الطعام أو النوم. ولذلك تظهر الأبحاث أنّ في مرحلة الانجذاب، يكون معدل هرمون السيروتونين الذي يؤثر على الشهية وعلى المزاج منخفضاً.
ونأتي هنا إلى مرحلة التعلّق وهي المرحلة المسيطرة في العلاقات الطويلة الأمد. والتعلّق هو العنصر المشترك بين الصداقات وأفراد العائلة وطبعاً العلاقات الرومانسية. والهرمونان الغالبان في مرحلة التعلّق هما الأوكسيتوسين والڤاسوبريسين. وتعلو نسبة الأوكسيتوسين في حالات الحضن العميق، والرضاعة، والإنجاب. قد يبدو الموضوع غريباً ولكن فكرة التوحّد مع الآخر تبقى العنصر المشترك بين العمليات السابق ذكرها.
لذلك، نقول أحياناً أنّ الحبّ موجع فهو فعلياً عندما يمرّ بالمراحل الثلاث، يحصل نوع من الإعتماد العاطفي بين الطرفين، وهذا الإعتماد يشبه تعوّدنا على أمر ما يصعب الاستغناء عنه. عندما نبتعد عن من نحب ويتدهور مستوى الدوبامين أو الأوكسيتوسين، يكون ذلك الألم فعلياً وليس فقط كلاماً عابراً.
قد تكون معادلة الحب هذه صادمة للبعض ولكنها مبنية على دراسات علمية موثقة. ولكن طبعاً تخلو هذه النظرية من الإجابة على أسئلة كثيرة أولها: لماذا يختار الرجل امرأة بعينها وليس امرأة أخرى؟ أو لماذا تنجذب المرأة إلى رجل بعينه وليس رجلا آخر؟ يمكن لعلم الأنثروبولوجيا أن يحاول الإجابة عن ذلك السؤال ولكن لنترك الأمر إلى حلاوة البدايات التي تشدّنا في الأفلام والأغاني الرومانسية وإلى الفراشات التي ترفرف في قلبنا عند رؤيتنا من نحب وذلك خوفاً من أن يصيبني كيوبيد بسهم الانتقام لا الحب.