مقالات

الملكية الفكرية وأهميتها في حماية الإبداع: بين الحقوق والسطو الفني

بقلم : أ. أمل أصلان
المحامية بالاستئاف العالي ومجلس الدولة

في عصر تتسارع فيه وتيرة الإبداع البصري والفني، تبرز قضية الملكية الفكرية كأحد أعمدة حماية الحقوق الأدبية والمعنوية للمبدعين، خاصة في ظل انتشار ظاهرة الاقتباس غير المشروع أو النسخ المباشر للأعمال الفنية دون إذن أصحابها أو نسب الفضل إليهم.

أحد الأمثلة المثيرة للجدل مؤخرًا كانت مها الصغير، مصممة الأزياء، التي وُجهت إليها اتهامات بتقليد لوحات فنية عالمية وعرضها ضمن تصميمات دون الإشارة إلى الفنانين الأصليين أو الحصول على تراخيص، مما فتح نقاشًا واسعًا حول احترام الإبداع الفني وحدود الاقتباس في الأعمال التجارية.

ما هي الملكية الفكرية ولماذا هي مهمة؟

الملكية الفكرية هي مجموعة الحقوق التي تمنح للمبدعين والمخترعين والمصممين لحماية نتاجهم العقلي، سواء كان في مجال الأدب أو الفن أو التكنولوجيا. وتشمل:
• حقوق النشر (Copyright): لحماية الكتب، اللوحات، الموسيقى، الأفلام، التصاميم، إلخ.
• العلامات التجارية (Trademarks): لحماية الشعارات والهوية التجارية.
• براءات الاختراع (Patents): لحماية الاختراعات التقنية.
• الرسوم والنماذج الصناعية: لحماية التصميمات الإبداعية للمنتجات.

أهمية حماية الملكية الفكرية لا تقتصر على حفظ الحقوق فقط، بل تضمن أيضًا تشجيع الإبداع والابتكار، وتمنع الاستغلال التجاري غير المشروع لأعمال الفنانين والمصممين، وتحافظ على الثقة بين المبدع والجمهور.

بين الإلهام والسطو

في عالم الموضة والفن، من الطبيعي أن يستلهم المصممون من أعمال فنية أو ثقافية، لكن هناك خيطًا رفيعًا يفصل بين الإلهام والنسخ أو التعدي. وعندما يتم استخدام لوحة لفنان معروف داخل تصميم أو مشروع تجاري دون تصريح، يُعد ذلك انتهاكًا واضحًا للقانون، ويستوجب المساءلة القانونية والتعويض.

وفي حالة مها الصغير، لم تكن المشكلة في استخدام لوحات فنية فحسب، بل في إغفال نسب الأعمال إلى أصحابها، وهو ما اعتبره كثيرون نوعًا من التعدي الصارخ على حقوق الفنانين، خاصة أن تلك الأعمال بيعت في سياق تجاري بمقابل مادي.

ما الذي يجب أن يعرفه الفنانون والمصممون؟

من المهم لكل فنان أو مصمم أن يكون ملمًّا بحقوقه القانونية، وكذلك بحدود استخدام أعمال الغير. وفي حال اكتشاف تعدٍ على أعماله، يمكنه اتخاذ الخطوات التالية:
1. توثيق التعدي بالصور والتواريخ.
2. إرسال إنذار قانوني رسمي للمعتدي.
3. رفع دعوى تعويض أمام المحكمة المختصة (غالبًا المحكمة الاقتصادية).
4. المطالبة بوقف النشر أو البيع أو الاستخدام التجاري للأعمال المنسوخة.
5. التعاون مع نقابات أو جمعيات الملكية الفكرية لحماية حقوقه دوليًا ومحليًا.

خاتمة

الملكية الفكرية ليست رفاهية، بل هي ركيزة أساسية لحماية هوية الفنان وجهده. والمجتمعات التي تحترم الإبداع تفرض قوانين صارمة على كل من يحاول التعدي على حقوق الغير. وما حدث في حالة مها الصغير ليس إلا جرس إنذار لضرورة إرساء معايير صارمة لاحترام الحقوق الفكرية في كل المجالات، خاصة مع تحول الفن إلى سلعة تجارية مربحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى