مقالات

الإكتآب مرض العصر

بقلم / علاء عبد المنعم

كم نسمع مؤخرا عن أحداث انتحار فجائيه لشباب فى عمر الزهور
شباب متعلم وليس جاهل شباب مستقيم فى حياته فهو ليس متعاطى مخدر ما او يسلك طريقا ملتو فى حياته
بل منهم المهندس والدكتور والصيدلى والباحث عن الشهره ……….
كثير من حوادث الإنتحار لن أسمى حادثا بعينه
ولكن دعونى أئخذكم لما حدث وما قالوه قبل انتحارهم
أحدهم يسجل رساله طالبا فيها ان لايستلم اهله جثته
وأخرى تبكى لساعات بعد محادثه تليفونيه مع أهلها
وآخر يوثق انتحاره صوتا وصوره بالفيديوا
ألا نجد جميعا أن مشاكل هؤلاء الشباب غير واضحه لنا
بل وكثير منا سيقول ماتلك التفاهات اينتحرون لمثل تلك المشاكل
سأقول لك سيدى لنتوقف لحظه ونفكر ماهى الضغوط اللتى تعرضوا لها وما مقدار استيعابهم النفسى لتلك الضغوط
وهل ظهر عليهم اعراض اكتآب قبل ذالك بوقت طويل ام لا
هل نحن ندرك ماهو الإكتآب
هل من يتكلم ويحكم ويقول كلاما كثيرا مستنكرا مايحدث
فكر لوهله ماالسبب
وكيف حدث ذالك وما اللذى يدفع شخص لإنهاء حياته
الآن لابد أن نعترف اننا لاندرى شئ عن ذالك المرض
بل الكثير منا يقابله بإستهزاء وسخريه
هل سبق وأن جلست مع صديق واشتكى لك من ضيق فى نفسه وانه لايطيق الحياه وانه يراها غير مهمه
هل سبق وأن جلست مع أبنائك واشتكى لك أحدهم عن مشكله ولو صغيره تأرق حياته
نعم كلنا مررنا بتلك الأحاديث ولكن للأسف نقابلها بوابل من كلمة معلش او الضحك فى وجه من يتحدث والرد بمنتهى البساطه
(وايه ياعم مالك كبر وعدى كله بيعدى منا اهه عدى عليا كتير وعايش)
وكم من أب يقابل حديث ابنه بقول
(هى دى مشكلتك يعنى زميلك مدايقك
او مثلا انت عاوز تقولى انك يعنى بتحب انت سايب دراستك وفاضى تحب ويديله درس فى الواجب ويعنفه)
كثير من تلك الأحداث تمر بنا ونتجاهلها
والنتيجه اننا نشاهد الشخص المشتكى ممابه ينعزل ويتقوقع على مابصدره من أحداث
او بعضهم يتغير للعدوانيه فى تصرفاته مع الآخرين
وبعضهم يلجأ للسكوت والإنطواء والبكاء بدون سبب واضح
كلنا نشاهد تلك الأعراض ولا ننتبه ابدا
ونقول مقولتنا الشهيره
الدنيا لازم تعلمه ازاى يبقى راجل ويشيل المسؤوليه
ودون ان نشعر نحن نقذف بهم إلى الهاويه
[هنا لابد أن ندق ناقوس الخطر ليستفيق الناس]
نعم
ناقوس الخطر
نحن جاهلون تماما بنفسية ابنائنا
بل نحن لانعلم شئ عن كيفية تكوين نفسية طفل ومتابعته فى مرحلة المراهقه وبعد ذالك فى مرحلة الشباب
كلنا يعتقد ان التربيه ان نذهب به للمدرسه ليتعلم الحروف والقراءه والكتابه
ليصير مايصير بعد ذالك
دون أن ننتبه لنفسية ابنائنا من وهم فى مراحلهم الأولى
ايها الساده كم منا ذهب لدكتور نفسانى
وهنا نخلط دائما بين دكتور النفسيه والعصبيه
اللذى يعالج بالمهدآت والمنومات وبين الطب النفسى
وهو ما نتحدث عنه
البعض يحتاج إلى شخص فاهم لما يفعل ومايقول
ويقبل ان تتحدث معه بكامل حريتك عن كل مايجول بداخلك سواء مهما ام لا
ويأخذ بيدك ليرشدك إلى طريق السلام الداخلى والهدوء النفسى
يبصرك كيف تتعامل مع حماقات الحياه وكيف تتخطاها
هذا هو الطب النفسى
وهذا مانستهين به نحن
واستهانتنا به تؤدى إلى تراكمات داخلنا وفى النهايه تؤدى إلى انك تجد كل مايحيط بك هو اسود وقاتم وفى النهايه تجد ان لاحل الا ان تقتل نفسك فحياتك ليست مهمه لأحد ولا يهتم بما يحدث لك أحد
فلما الحياه وسط أناس لايرونى ولا يشعرون بى
وهنا تدق النهايه ويلجأ الشخص للإنتحار
بعد كل ماقلت
استطيع الآن أن أقول اننا للأسف جهله بل وفى منتهى الجهل
وجهلنا بحياة ابنائنا أدى إلى اننا تسببنا فى مقتلهم نعم نحن السبب بتهاوننا وسلبيتنا وتفكيرنا المحدود
فى مشاكلهم
نعم نحن انانيين جدا
لأننا ننتبه لمشاكل حياتنا وهى كيف نوفر المأكل والملبس والرفاهيه ونعتقد ان ذالك قمة الإهتمام بأبنائنا
ونعتقد ان تلك هى فقط مشاكلهم
ونغرقهم فى مستنقع
(انا موفرلك كل حاجه انت ايه مبتحسش انا شقيان علشانك انت لازم تحس بده)
آسف ايها الأب وايتها الأم انت تزوجت لتنجب وانجبت لتعتنى بهم فهذا ليس تفضلا منك على أبنائك بل هو دورك فى الحياه
انت لا تتفضل عليهم ولا تمن عليهم بذالك
ولذالك لا تحملهم ماهو واجب عليك تجاههم
ولكن لابد أن تكون لينا معهم
رقيق المشاعر والأحاسيس متفهما لما يقولون متحدثا لبقا فى كثير من الأحيان
بل وسياسيا بارع ولبق فى كثير من الأوقات
وايضا حازما وصارما فى الكثير
وكذالك ان تكون صديقا لهم بل ان تشعر بمشاكلهم اللتى هى تفاهات بما يمر بك
ولكنها أحداث كبيره بالنسبه لهم
لابد أن نعترف بالطب النفسى او المرشد النفسى او الكوتش النفسى
كمعالج اساسى
وليس معنى اننا نذهب لطبيب نفسى اننا مجانين او معاقين ذهنيا
ولكن الطب النفسى اساسى فى حياتنا
سواء كنا كبارا او صغارا
مشاكل حياتنا تجبرنا ان نذهب لطبيب نفسى بإنتظام لكى يقوم لنا افعالنا وتصرفاتنا حتى مع ازواجنا او زوجاتنا
كم من علاقه تهدمت بسبب تفاهات ادت لخلافات مميته ينتج عنها هدم منزل واسره
ايها الساده سأقولها ثانيا
نحن جهله بنفسنا وما يجول بها
نحن لابد أن نستوعب اننا يلزمنا ان نتفهم المعالج النفسى واهميته لحياتنا اليوميه
و نستوعب اننا نحتاجه فى حياتنا اليوميه كإحتياجنا للأكل والشرب والملبس
لابد أن نفيق من ثباتنا العميق وجهلنا
مجتمعنا وحياتنا الآن بها ضغوطات كثيره لابد أن نتخطاها بالعلاج النفسى
وإن نحمى ابنائنا من السقوط فى الهاويه
هاوية الإنتحار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى