لو قُدِر لي أن أختار حياة غير هذي، لاخترت أن أكون أما لعشرة أطفال، أسهر من أجلهم، أربط رأسي بمنديل عقب ضوضائهم، أضحك لفرحتهم وأحمل عنهم أحزانهم، أقص عليهم خرفاتي كل ليلة، وسيكونون جمهوري العظيم.
لكنّ رحمي لم يسع غير طفل واحد، واكتفى بالأمر.
ربما لو كنت ولادة مثل باقي النساء لقرر زوجي البقاء معي، لكنه رآني أرضا بور فحمل فأسه وذهب يحرث أرضا أخرى.
ربما لو كنت بيضاء البشرة، هيفاء، بشعر أصفر ولثغة بلساني، لأحبني رجل يقرض الشعر، وكتب في قصائدا لا تحصى، لكنني لم أنل ولو قدرا ضئيلا من الجمال، فزهدني حتى البائع المتجول.
ربما لو كنت فصيحة اللسان، حسنة البيان، وقرأت كتابين، لاختاروني لألقي خطبة في الصغار؛ عن نظافة الأسنان، وغسل اليدين، لكنهم أجلسوني بين الصغار ومنعوني من الكلام.
ربما لو لم أركب القطار ذلك اليوم وأسافر إلى تلك المدينة البعيدة، لما قابلتك يا صاحب الابتسامة البيضاء، ولما تحولت حياتي من امرأة عادية، لامرأة تكتب من أجل عينيك أجمل الكلمات.
أتراك تعرف أنك المعني بالأمر؟ هل سألت نفسك يوما أين ومتى تعرفت إلى صاحب الابتسامة البيضاء؟
أنظر بمرآتك، إنه أنت بعدما يغسل البحر سواد قلبك.