“غيروا ما بنفوسكم حتى يغير الله ما بكم وانهضوا للعمل حتى يجرى عليكم القلم بما يرضيكم واحبو بعضكم بعضا حتى يجرى القضاء بما ينصركم وهبوا من رقدة القبور فقد طال بكم النوم واوشكتم على خسران دنياكم واخرتكم ”
كانو يعتبرونه صوفيا زاهدا عالما مستنيرا او فيلسوف مبدعا وضيفا ياسر القلوب ومفكر يسلب العقول بشرحة السليم ومنطقه القوى وغرازة علمة ومعلوماته فكان صوته ينتظره المصريون فى برنامجة الشهير (العلم والايمان )لياخدهم فى رحلة نحو عظمة الكون وابداع الخالق ويسرح بيهم فى رحلة نورانية روحانية نحو الصفاء والنقاء والتامل والتدبر والتفكير فى الله وملكوته انه الفيلسوف مصطفى محمود رحل تاركاً خلفه ميراثاً عريضاً من المعرفة، كونه الكاتب الأول الذى طوّع أدواته وثقافته لتبسيط العلوم والقضايا الفلسفية حتى أُطلق عليه (فيلسوف العامة) لأنه بسّط هذه القضايا والمفاهيم المعقدة لرجل الشارع العادى
البحث عن العلوم فى الطب وفى العلوم والفلسفة فى الفن والادب كان ولا يزال شغلة الشاغل فى حياته طفلا وشابا يتنازعه العلم والفن ثم طبيعيا يعيش الام الانسان بقلمة وشخصيات قصصه و مسرحياته فدارون يقول البقاء للاقوى وهو يقول البقاء للاجمل فهو مؤمن بالتطور ولكن تطور الحياة لتصبح افضل
ولد مصطفى محمود في 27 ديسمبر 1921 في شبين الكوم بمحافظة المنوفية بدلتا مصر وكان له شقيق توأم توفي وبقي مصطفى على قيد الحياة لم يتجاوز الطفل الذي ولد عام 1921، عشرات الأعوام إلا وكان عقله ينشغل بما يدور حوله في الكون الواسع، حيث كان يجلس لساعات كثيرة أمام البحر ويردد قوله تعالى “وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى”، فلم يكن يعلم وقتها أن هذه الأية سوف ترسم مشواره ملامح مشواره في البحث الطويل عن أصل الحياة، بدأت علامات النبوغ في الظهور على الطفل عندما أنشأ معملاً صغيرًا يصنع فيه الصابون والمبيدات الحشرية ليقتل بها الحشر كان مصطفى محمود – رحمه الله – متفوقا في دراسته ، لكنه توقف عن الدراسة ثلاث سنوات حين ضربه معلم اللغة العربية ، ثم عاد للدراسة في مدرسة اخرى ، ودخل كلية الطب ، واشتهر فيها باسم «المشرحجي» لوقوفه طوال اليوم امام اجساد الموتى يتأمل فيها ، لكنه مغرما بالفلك الى جانب الطب ، فقد اشترى تلسكوبا ظل من خلاله يتابع اخبار الفضاء ، كما تعود على الانقطاع للكتابة اياما وشهورا عديدة على سريره الذي بقي التجويف فيه شاهدا على انقطاعه للبحث والكتابة.. بعيدا عن الجلوس على المكاتب و تزوج المفكر الراحل مرتين الأولى من السيدة سامية وقال عنها في مذكراته إنها نصفه الآخر الذي لازمه قرابة 10 سنوات، وكان أكثر ما يؤرق حياتهما أنها كانت غيورة رغم أنها كانت تصغره بـ15 عاما وأنجب منها ابنيه أمل وأدهم، ثم تزوج بعد ذلك من السيدة زينب حمدي التي استمرت معه 4 سنوات حيث كشفت عن تفاصيل عشق المفكر الراحل للغناء وعلاقته القوية بالمطرب والموسيقار محمد عبد الوهاب فمصطفى محمود يمتلك حنجرة ذهبية ويتمتع بصوت جميل وكان دائما يدندن على العود الذى يمتلكه
ولم يكن فيلسوفا فقط بل كان مفكر جرئ وخلال دراسته للطب دخل أزمة دفعته إلى مزيد من البحث المضنى، وهى المرحلة التى وصفها البعض بفترة الإلحاد، وأطلق عليها مرحلة الشك إلى أن استقرت روحه وقدم التجربة فى كتابه «رحلتى من الشك إلى اليقين»، ليبدأ تجربة جديدة ويطلق خلالها برنامجه الشهير «العلم والإيمان» ليلقى نسبة مشاهدة عالية فى مصر والوطن العربى، هذا بخلاف الكتب المنشورة.وعاش مصطفى محمود حياة حافلة بالعمل الخيرى فى الجمعية التى تحمل اسمه و قدم للمكتبة العربية نحو 80 كتابا في فروع الأدب والسياسة والفلسفة والعلوم، بالإضافة للقصص القصيرة والمسرحيات، ومن أشهر كتبه وقصصه: تأملات في دنيا الله، والإسلام في خندق، وزيارة للجنة والنار، وعظماء الدنيا وعظماء الآخرة، و”عنبر ٧، وشلة الأنس، والمستحيل، ورجل تحت الصفر و”حوار مع صديقي الملحد”، والعنكبوت، ورائحة الدم، وألاعيب السيرك السياسي”، وإسرائيل البداية والنهاية”، وأكل عيشرحل مصطفى محمود ، قبل ايام ، لكنه سيظل علامة بارزة لقرن عربي مضى «توفي عن عمر 88عاما» اشتبكت فيه الاحلام والاوهام بالحقائق ، والشك باليقين ، والهزيمة بالانتصار ، والخوف بالامل ، والكراهية بالحب ، ومن حسن حظنا ان الرجل جسّد كل هذه الثنائيات المشتبكة ، وقدّمت لنا سيرته صورة صادقة عنها.
اترك تعليقك ...