خنجري في كبدي
بقلم /يوسف مصطفى حسن علي
مازالت القضية الفلسطينية مصدرٍ لتلاحم الشعوب الاسلامية والعربية ومنطلقا لتنحية أي خلاف وباعث للالتفاف , ولكن على المسار الاخر خلقت هذه القضية تباين شديد في مواقف وتصرفات الدول فسمعنا أصوات الدائنين وشَعرنا بقلق القلقين و رأينا المستنكرين , إلا ان التاريخ قص لنا عن المناصرين و المدافعين عن القضية الحقيقيين ,الذين لم تكن هذه القضية لهم شعارات تطلق للتصفيق في المجالس , ولا مجال لبيع الوهم للشعوب ولا فرصة لتلميع الحكام .
ما فَتِئَت الى اليوم توضع القضية الفلسطينية في شعارات غير واقعية التنفيذ محالة التمام معلقة الشروع , فالفوز على الاحتلال غير واقعي و الاعتراف به معلق الشروع و الاستسلام له محال التمام . وهذا لا يعني ان نوهن الإرادة ونعتزل الهمة ونبلغ اليأس بل يجب علينا معرفة معوقات هذه القضية التي قد تكون مفاتيحها معنا ونحن غافلون . فهذه الحالة مرت بها مصر من بعد النكسة فكان الجيش منهزم وكانت الأرض مغتصبة وكان الشعب مشدوه إلا ان هذه الحالة لم تدم طويلا , فكانت إرادة المصريين وعلو همتهم وتسلحهم بالأيمان لا بالشعارات و الامل لا باليأس و بالتوحد لا بالتفرق جعلهم يحققوا نصر إكتوبر فانتَصر الجيش واستُردت الأرض وانجُبرت حالت الشعب من الخيبة الى التباهي و الافتخار بما حققته مصر .
ان مفاتيح حل القضية الفلسطينية لا تنطلق من اعلان الحرب على الاحتلال أو قصفه بالصواريخ البدائية , بل تنطلق من توحيد الفصائل الفلسطينية لتكون الظهير السياسي وكذلك الامر مع الجماعات المسلحة الفلسطينية لتكون الظهير العسكري للدولة وهذا مما سيكسب الدولة شرعية اكثر في المجتمع الدولي , وهذا ما اجتهدت فيه مصر حيث عقدت اكثر من قمة لتشيع الصلح وتوحيد هذه الفصائل الا ان للمصالح المتضادة بينهم اقوالٌ أخرى . أيضا قامت السعودية بجهود لتوحيد الفصائل بل إن الفصائل عقدت الصلح في مكة وفور رجوعهم لقطاعاتهم نقدو العهود التي تعهدوا عليها تجاه بعض امام الكعبة ! إذا للمصالح أقوالٌ أخرى .
من الطبيعي ان تقيم هذه الفصائل علاقة مع إسرائيل غير رسمية بحكم الحدود و الحصار الا ان هذه العلاقة قد تطورت كثيرا وأصبحت مصالح غير رسمية وغير مباشرة ,وهذا معلوم عند كل أجهزة الدول العربية , فتسهيل إسرائيل دخول الأموال من دولة خليجية الى حماس مقابل التزامات تقوم بها حماس تجاه إسرائيل هي احد أوجه هذه العلاقة ولكن اليوم يبدو ان هذه المصالح تناقضت سبلها فحدث ما حدث يوم 7 أكتوبر.
ان الدور المصري اليوم وتحديدا في هذه الازمة هو دور عاقلٌ رشيد لا تحكمه الشعارات ولا تأخذه الحماسة فتحركاته واضحة وتحذيراته صلبة ومبادئه لا تتجزأ, فكان مبدأ الوقف عن قتل المدنيين مبدا لا يتجزأ لدى الدولة ولا يخضع للازدواجية في المعايير التي نشاهدها في كثير من الدول اليوم , وكانت تحركاته للعب دور إيجابي في إظهار جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة للمجتمع الدولي واضحة ,و كان تحذيره لتهجير سكان القطاع الى سيناء صلب وغير قابل للتنازل .
ومن منطلق هذا الدور المتوازن الأنف ذكره حظيت مصر بثقة كبيرة من دول العالم فتعددت الاتصالات و كثرة اللقاءات وتنوعت الزيارات . وهذا نابع من أن الدور المصري في المنطقة هو مركز ثقل يستطيع ان يقوم بالتزاماته تجاه المنطقة ولا غنى عنه , وإن أراد البعض ان ينافس مصر على هذه الدور فقد كانت الازمة الأخير خير دليل على ان مصر هي الاجدر و الأكفأ في إدارة ملفات المنطقة وان عاصمتها القاهرة هي عاصمة القرار العربي .
واختم المقال بهذه الأبيات من تأليف الشاعر حافظ إبراهيم
نحن نجتاز موقفاً تعثر الآراء فيه وعثرة الـرأي تُردى فقفوا فيه وقفة الحزم وارموا جانبيــــه بـــــعزمة المســـــــتعد