محور الممانعة
بقلم /د. محمد كامل الباز
عام ١٩١٨ انتهت الحرب العالمية الأولى، بدأ يلوح فى الأفق نظام عالمي جديد، معطيات تغيرت وامبراطوريات تحطمت، من تلك الامبراطوريات، الدولة العثمانية التي تم دق أخر مسمار فى نعشها مع تقسيم تركتها وهزيمتها فى الحرب، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل بدأت تُغير عليها الدول ومنها انجلترا واليونان وايطاليا، ظل الوضع متأزم حتي جاء لتركيا زعيم وقائد أُعد له سلفاً، رجل كان مُمهد له أن يتقلد موازين الأمور فى بلد الخلافة السابق وهو كمال اتاتورك، استطاع كمال اتاتورك أن يهزم ثلاثة دول مجتمعة وهى اليونان، إيطاليا وبريطانيا العظمى أقوي قوة عسكرية آنذاك !!
تركيا التى قسمت أراضيها وممتلكاتها بين فرنسا وانجلترا استطاعت هزيمة ثلاثة دول مجتمعة فى حرب اطلق عليها الإستقلال والغريب أن كمال اتاتورك الذى هزم بريطانيا كما قيل هو نفسه الذي انسحب أمامهم منذ أقل من عام فى فلسطين تاركاً أرض الزيتون لقمة سائغة للانجليز عام ١٩١٨، الغريب فى الأمر أن تلك الحرب كانت تقريبا بلا ضحايا، لم يمت أحد فيها، لو أنك شاهدت مشاجرة عنيفة فى أحد المناطق الشعبية ربما يسقط ضحايا ولكن أن تتابع حرب بين أربعة دول لا يصاب أحد فيها بنزلة برد فذلك شيء محير، لكن الحيرة بدأت تزول بعد نتائج تلك الحرب التي أفرزت قائد للأتراك قام بتغيير كل معالم الدولة العثمانية رأسا على عقب والمدهش أن من أول الدول التى اعترفت برئاسته للجمهورية التركية هى عدوه بريطانيا!!
فى الواقع أن أحداث التاريخ لا تختلف كثيرا، غالباً من يتغير هم الأشخاص لكن الفكرة غالباً واحدة والمنهج ثابت؛
نسمع فى وسائل الأخبار يومياً ومنذ عقود عن محور الممانعة،
ممانعة لمن ؟ يتساءل صديق!!
ممانعة للكيان الصهيوني بالطبع
عظيم وماذا فعل محور الممانعة هذا؟
يجاوب أخر : يكفي شعار الموت لأمريكا وإسرائيل!!
هذا ليس دليل يا صديقي إذ أنه من الممكن أن أكّن كل الحب لليهود و يومياً أخرج أقول الموت لإسرائيل.
يرد أخر: لا، حيث أن حزب الله وجماعة الحوثي دخلت فى مواجهات مباشرة مع إسرائيل عقب السابع من أكتوبر،
أخذت أفكر فى كلام الأصدقاء ولكن لم اقتنع بصراحة، لم يكن مقنع بالنسبة لي أن يترك الكيان الصهيوني أى فئة تسبب له ضرر ومشاكل هكذا دون الصدام المباشر معها، وإلا لتركت غزة منذ سنين دون حصار، لو كان الخوميني، ونصر الله، عبد الملك الحوثي أعداء يشكلوا خطر لهم لماذا لم يكن مصيرهم مثل الشيخ أحمد ياسين والرانتيسي وقبلهم عز الدين القسام، الغريب فى الأمر أن قيادات الممانعة التي تلعن فى إسرائيل جهارا نهاراً تتحرك بحرية واريحية دون أى خطر، المدهش أن منذ أيام كان يذاع لنا أن ميليشيات الحوثي تهدد السفن الإسرائيلية عند مضيق باب المندب بل والأمريكية، دون ردة فعل واضحة، اللافت للنظر أن وزير دفاع الحوثي تم تصويره من قبل وكالات الأنباء منذ فترة وهو يتجول داخل سفينة إسرائيلية تم الإستيلاء عليها من قبل جماعة أنصار حزب الله حسب ما تم إذاعته دون أى مسّيرة أو صاروخ يهاجمه وموقعه واضح على المحيط، تجد معارك ضارية بين اسرائيل والمقاومة فى غزة، حرب حقيقية وشهداء حقيقيين، ثم تسمع عن ضحية كل يومين بين حزب الله واسرائيل على الحدود الشمالية، تُرصد الملايين مكافأة لرأس السنوار وقادة المقاومة فى حين أن قادة محور الممانعة تحركاتهم واضحة للقاصي قبل الداني.
أتمني أن أكون مخطئ فى تحليلاتي وألا يكون هناك مخطط جديد، أتمني أن يكون هناك محور ممانعة حقيقى وليس اتاتورك جديد يا صديقي، أدعي بشدة ان يكون محور الممانعة فى معركة حقيقة وساحة قتال واخشي بشدة أن يكون كل هذا نسخة جديدة من حرب الإستقلال.