900
900
مقالات

اللغز

الجزء الثاني

900
900

بقلم / محمد حسين

أعمارنا الطويله عباره عن سفينه كبيره وسط امواج عاتيه تتلاعب بها عاصفه هوجاء…اما ان تنجو لتصل لشواطئ الامان …او تسحبك الاعماق المظلمه نحو النهايه المطلقه …حيث ينتهي كل شئ …….
……كان خائر القوى لا يكاد يستطيع الكلام … لكنه استطاع ان يهمس بأذني اخر احرفه وهلوساته :بني اتبع اتجاه الشمس ولا تتوقف ….ثم اغمض عينيه مودعا حياه طويله لم اكن اعرف عنها الا ما قضيته معه ببضع سنوات … شق عباب الصمت صوتي الذي دوى كالرعد بين جنبات الوادي وانا اصرخ ..جدااااااااااه …
وبعد ان تمالكت نفسي واستعدت شتات نفسبي من هول الصدمه … واريته الثرى مودعا واستلقيت فوق قبره الطويل وغابت عيني في سبات تتقاذفني شواطئ الكوابيس والاحلام ولم اشتفق الى وضياء الشمس يداعب خدي ….
القيت على قبر جدي نضره الوداع الاخير …ثم عدت الى الكوخ وحملت ما استطيع من طعام بحقيبه مهترئه افرغتها من ادوات الجد لكي تستوعب ما اقتلت به بمسيرتي وانا اتبع غروب الشمس …
ثم بدأت رحلتي وانا اسلك الاوديه والهضاب بين كثافه الاشجار وهيبتها … وعندما يحل المساء ..كنت اتسلق الاشجار واصنع لنفسي مكانا استطيع النوم به … كما علمني جدي قديما ….
واستمرت رحلتي ايام طويله وليالي ..
بعد عشره ايام من الترحال المضني نحو الغرب …..كان طعامي على وشك النفاذ … وقواي قد انهكت …وبدأت ارى سرابا لجدي يناديني :تعال يا ولدي فأنا هنا …ثم اتبع سراب الصوت والامنيات ….
هناك في البعيد المغيب ..وصل من بين عمق السواد والاشجار صوت مهيب لم اكن اعرف ماهيته ..كان هادرا مخيفا …وبالنسبه لفتى لم يألف الا الغابات والحيوانات … حسبت انه حيوانا شرس سلتهمني لا محاله … ودون تفكير مسبق تسلقت احدى الاشجار العاليه خوفا مما هو قادم ….. وبدأ هديرها يقترب رويدا رويدا …الى ان ضهرت …. وقتها لم اكن اعرف ماهيه هذه الكتله ااحديديه العملاقه .. كانت تسير ببطئ لا متناهي ….. ثم توقفت …. وخرج من بين اركانها عده اشخاص …. ولاول مره اعرف انا هناك ما يشبهني مضهرا وشكلا …. وبدأو بنصب بعض الخيام وانا اراقبهم بدهشه واستغراب …. وبعد ان انتصف المساء وام اعد اسمع شيئا من ضوضائهم نزلت من مخبأي المتعالي بحذر شديد …ولكني لم استطع مقاومه رغبتي بالحصول على بعض الطعام الذي رأيتهم يتناولونه بشهيه بالغه …وكان الجوع قد اخذ مني مأخذا كبيرا …. تسللت من بين خيامهم متناسيا خوفي ونبضات قلبي المتسارعه حتى لكنت اكاد اسمعها خوفا عميقا …ويبدو ان احدهم كان يراني منبها اصدقائه من اللص الذي يقترب متسللا بين عتمه الليل وكثيف الاشجار …. ولم اشعر الا والجميع يحاصرني من كل الجهات ….. وامسكو بي مقيدين كلتا يدي … كانت لحضات مرعبه بالنسبه لطفل لم يفقه معامله احد..سوى جده الذي تركه جثه تحت الثرى …. اقترب احدهم وتكلم معي بنفس ما كنت اتحدث مع جدي …من انت ايها الصبي وماذا تفعل هنا لعل هذه الكلمات ما وجدت بها بعض الامان لكي اروي له قصتي العجيبه والغريبه على حد وصفه … ولكنه صدقني … كان رجلا وقورا يضع عدسات ام عينه ..وبمحياه بعض ما يعطي الامان والاطمئنان … وقال لي تذهب معنا في الصباح …. وبقي معي ساهرا الليل ويرمي علي بثقل أسئلته … حتى بزوق خيوك الفجر الاولى … وفي الصباح كان هذا ذاك الكائن الحديدي يحملنا جميعا بين منحيات الطرق وبعد عدة ساعات …. وجدت نفسي وسط زحام كبير من الكائنات الحديديه وسط طريق معبد ….. وأنا مذهول من هول ما أرى … والحيرة والإستغراب تكاد تمزق جسدي الصغير والمنهك ….. إلا أن وصلنا لمدينة كبيرة وغبنا وسط الذهول والزحام …. إلتفت إلي الرجل الوقور وقال لي سآخذك أولا لتلقي العلاج من الجروح التي ملأت جسدك واقدامك …. ثم إستطرق قليلا وبعد تفكير عميق قال لي :لن اتركك حتى تجد مبتغاك …وفي وقتها لم أعرف قصده لأني لم أكن أعرف مبتغاي ……..
يتبع..

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى