بقلم / عزت سمير
رئيس محكمة الاستئناف
يظن الكثير من الناس بأن الجهل سبه وأنه إذا ما كان فيه فإنه يكون عيباً لابد عليه أن يداريه ، في حين أن الجهل في حقيقته إنما هو حاله ، حالة يعيش فيها المرء ويحيا ويصاب بها دون أن يدري وبعد أن يدري ،، ولكن كيف ذلك وما علاقته بما تم عنونة القصاصة به حول تلك الحالة بالتجارة ، وكيف يحيا البعض من الناس ويصاب بتلك الحالة من الجهل دون أن يدري ومن بعد درايته ،،، فمن هنا يذهب الفكر وينطلق اللسان بما هو آت في ذلك الآت :
ففي ثقة ويقين أقول بأن الجهل حالة تعبر عن حال المرء وطبيعة حياته أفكاره ومعاملاته ومدى عمق ثقافته وخبراته ، فكلما كان المرء هادئ النفس سوي السريرة متزن الفكر ، كلما كان علي مقدرة من التعلم والإستنارة والإدراك لما يحيط به من أوساط وقدرته علي إستيعابها للتألق فيها ، بينما إذا ما كان المرء هائج النفس معوج السريرة مضطرب الفكر ، كلما كان على مقربة من فقدان العلم والإستزادة والمعرفة بما يحيط به من أطياف مما يؤثر علي قدرته الإستيعابية بما آل إليه من حال ليصل به إلى تلك الحالة من الجهل الذي يكون قد أحاط به دون أن يدري ،،
ومن بعد تلك الثقة وذلك اليقين حول ذلك المفهوم من وصف حالة الجهل الذي يصاب به المرء دون أن يدري ، فإنه يأتي الدور لبيان كيفية إصابته بهذه الحالة وهو في كامل درايته وبكل إرادته ،، فحقاً إن كل متكبر جاهل ، وكل ناكر جاهل ، وكل ذو نقيصة جاهل ، وكل من أصابه الحقد من عوز ونقص فهو جاهل ،، ففي كل تلك المكاره من النقائص البشرية إنما يكتسبها المرء من جراء نفسه بصنيعة فعله ، وهو ما يؤدي بنا إلى إدراك كيفية أن يكون المرء في حالة الجهل بكامل درايته وكل إدراكه ،،،،
ولكن ما علاقة ذلك الجهل في تلك الصورة بالتجارة ، وما هي تلك الصلة الرابطة بينهما في تلك القصاصة الفكرية العميقة ؟
الإجابة عن ذلك السؤال سريعة وواضحة وجلية المفهوم والمعني ،، فالتاجر يحمل كل تلك الصفات الكريمة ونقائضها من مكاره ،، فهو يحمل الصدق والإخلاص والأمانة والقدرة على التعلم لمجاراة تسارع مقتضيات الحياة وصعابها ،، وهو ذاته من يملك الكذب والخداع والخيانة والقدرة على تحوير ملامح المعاملات وتغييرها لمجاراة تسارع مقتضيات دفين خبائث خباياه في ذات الحياة وشدائدها ،،، ومن هنا يبين بأن الجهل وكونه حاله ، فإنه يكون قد إكتسبها المرء من خلال تجارته في تلك الحياه ، ففي وجهيها يكون إما عالماً بجهله وإما جاهلاً به ،، وفي كلتا الصورتين من ذلك الجهل فإنه يصيب نفسه بالعديد من الأمراض والبلايا التي تظهر في واجهة كلماته ونبراته بل وسكناته كذلك ،، فيصير ذلك الجاهل محل إشفاق وترحم لما آل إليه من حال جاء بكل يقين بفعل يديه ،، فالمرء يعيش ويحيا وقد منحه المولى عز وجل كل النعم من سمع وبصر وقلب وعقل ليسمع ويرى ويشعر ويزن الأمور بميزان العلم والإدراك إن أراد ألا يوصم بتلك الحالة التي تجعله في محل المعطوف عليهم لما أحل بهم من مرض ، وذلك حتى يصل إلى حقيقة ما أمامه من أمور دون أن يضع نفسه فريسة لجهله الذي ينهش في قواه بما يفقده القدرة على مواصلة الحياه .
وقد تأتي تلك الحالة من الجهل والتي إرتبطت بتجارة الحياة لتصيب أكارم الناس عند معاملتهم ، ولكنها إصابة لا تشكل أي خطورة علي هؤلاء الأكارم لكونهم قد إتصفوا بالعلم والإدراك أمام ذلك الجاهل بكل إدراك ،،،
ولعل خير خاتمة وبيان قد يأتي في ذلك البيان :
فالرجال أربعة :
رجل عالم ويعلم أنه عالم فهو عالم فإتبعوه
ورجل عالم ولا يعلم أنه عالم فهو نائم فأوقظوه
ورجل جاهل ولا يعلم أنه جاهل فهو جاهل فعلموه
ورجل جاهل ويعلم أنه جاهل فهو أحمق فإجتنبوه
وأخيراً أدعو حامداً ربي على نعمة العلم والإدراك ومتعوذاً من بلية الجهل والحماقة ، بأن أقول اللهم لك الحمد اللهم لك الحمد اللهم لك الحمد ومنك الفضل والمنة راجياً المولى لي ولكم بدوام بقائها وعدم زوالها .