أقول لكم «الرئيس بعد وصول جزء من قيمة صفقة رأس الحكمة » : «شكراً الشيخ محمد بن زايد»
بقلم / أحمد الشامي
من لا يشكرالناس لا يشكر الله، ومصرالكبيرة لا تنسى أبداً من يقدمون لها يد العون والمساعدة في الظروف الصعبة التي تمر بها، تقدم لهم الشكروتحرص على تنمية العلاقات مع من يمدون لها أيادي العون، ولذا تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي، من القلب مشيداً بالعلاقات المصرية الإماراتية التاريخية، مؤكداً أن «جزءاً من المبالغ المعلن عنها في صفقة تطويرمنطقة رأس الحكمة وصلت إلى البنك المركزي وسيصل جزءآخرخلال ساعات، وده من فضل ربنا سبحانه وتعالي».
وأضاف الرئيس السيسي، في كلمته بختام إحتفالية النسخة الخامسة من «قادرون باختلاف»، «لازم أوجه الشكر لأشقائنا في الإمارات وعلى رأسهم فخامة رئيس الدولة أخي الشيخ محمد بن زايد، ومش سهل جداً في العالم دولة تمول أخرى بـ 35 ملياردولارفي شهرين، والقرار تم إتخاذه في ثانية وبدون إحراج، ولذا أسجل موقف خاص للإمارات لأن الظرف الاقتصادي لمصر صعب منذ أزمة كورونا»، ويقيني أن الرئيس السيسي الذي يقدرالإمارات قيادة وشعباً يدورفي خلده العلاقات المتينة التي تربط الدولتين وما قدمته الإمارات لمصرمنذ إعلان الاتحاد عام 1971 حتى الاًن والذي لم يعد خافياً على أحد خصوصاً أثناء حرب أكتوبر عام 1973،وأراد أن يوجه عدداً من الرسائل لدولة الإمارات تؤكد أن مصرتقول لكل من يساندها «شكراًعلى دعمكم»، ستظل علاقتنا قوية وعميقة وراسخة للبناء عليها من أجل شراكة إستراتيجية تستهدف تحقيق النمو الاقتصادى للدولتين رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العديد من دول العالم منذ تفشي جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وأخيراً الحرب في غزة التي أشعلت النيران في منطقة الشرق الاوسط.
كان من الطبيعي أن تشيد مؤسسات مالية دولية بصفقة الاستثمار الكبرى التى وقّعتها مصروالإمارات تحت عنوان «رأس الحكمة.. تعاون من أجل التنمية» وتصدرت تفاصيلها عناوين الصحف العالمية، مؤكدة أنها الأكبر من نوعها، وأن مصر دولة أكبرمن أن تسقط، وهوما أكدنا عليه خلال السنوات الماضية في وقت أطلق كثيرون الشائعات عن الوضع الاقتصادي في مصروأنها على وشك الإنهيار، فيما قال بنك مورجان ستانلى، إن صفقة الاستثمارالإماراتية بقيمة 35 ملياردولار خطوة ستكون الأخيرة قبل إتمام اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولى ببرنامج تمويل تتخطى قيمته 10 مليارات دولار قبل شهررمضان، فيما أكدت كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، أن إعلان مصرعن استثمار حجمه 35 مليار دولارمن الإمارات لتطويررأس الحكمة «علامة إيجابية للغاية»، مشيرة إلى أنه تم حل القضايا الأساسية فيما ما يخص مراجعة برنامج قرض الصندوق مع مصر، متوقعة الاتفاق في غضون أسابيع، إذ إن الصندوق سيزيد على الأرجح حجم البرنامج لمصربسبب الصدمات الخارجية، واصفة المحادثات مع الحكومة المصرية بأنها«بناءة للغاية»، خصوصاً أن الحرب في غزة أدت إلى خفض حركة المرورفي قناة السويس بنسبة 60%، إذ إن استقرارمصرمهم للشرق الأوسط بأسره،إن صفحات التاريخ تسجل عمق العلاقات المصرية الإماراتية، متى بدأت وكيف تطورت، ولماذا وصلت لهذا المستوى من الشراكة الإستراتيجية.
«نهضة مصرنهضة للعرب كلهم،أوصيكم بأن تكونوا دائماً إلى جانبها،هذه وصيتي، أكررها أمامكم، بأن تكونوا دائماً إلى جانب مصر، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب،مصر بالنسبة للعرب هي القلب، وإذا توقف القلب فلن تكتب للعرب الحياة»، بهذه الكلمات أوصى الوالد المؤسس لدولة الإمارات المغفورله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ابنائه لتكون بمثابة خريطة طريق يرسم ملامح الأخوة التي تربط بين البلدين على الدوام منذ إعلان الاتحاد سنة 1971، إذ جمعت بين الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصروأنور السادات، والمغفورله الشيخ زايد،علاقة تتسم بالتعاون والشراكة المتبادلة انعكست على عمق العلاقات بين الشعبين الشقيقين كما تؤكد على المكانة الخاصة التي كانت تحظى بها مصرفي فؤاده،إنها وصية من القلب سارعلى دربها الأبناء وواصلوا دعمهم لمصرقيادة وشعباً، ولا ينسى أحد مقولة «النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي»، التي رددها المغفورله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتي تعكس موقف الإمارات الداعم بقوة لمصروسوريا، خلال حرب أكتوبر، وتعتبر درساً تاريخياً يسيرعلى نهجه الأبناء والأحفاد ولذا حفرت اسم الشيخ زايد في قلب كل مصري وعربي حتى الاًن، وبعد رحيل الشيخ زايدعام 2004، وتولي نجله الشيخ خليفة الحكم، سارعلى درب الوالد المؤسس، إذ حرص على تنفيذ وصية الوالد الشيخ زايد بضرورة الحفاظ على علاقة الأخوة والود التي تجمع مصربالإمارات وتقديم الدعم والمساندة لمصر لتصبح شراكة من أجل تحقيق التنمية للشعبين الشقيقين اللذين يربطهما مصيرواحد.
على نفس الدرب سارالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولا ينسى المصريون الوقفة التاريخية للإمارات إلى جانب مصر في أعقاب ثورة 30 يونيوعام 2013،إذ قدمت القيادة الإماراتية لمصردعماً سياسياً واقتصادياً في ظروف بالغة الصعوبة ليست خافية على أحد من ابناء مصر، إذ أكد الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، أَنذاك أن دولة الإمارات العربية لن تتخلى عن مصر، وأنها تقدرموقف الشعب المصري البطولي في القضاء على حكم الإرهاب والظلام، واصفاً إياه بالشعب العبقري،ومضيفاً أنه لو كانت هناك«لقمة حاف» لاقتسمتها الإمارات مع مصر، مؤكداً«أن وقفة الإمارات مع مصر وقفة أخ مع أخيه، وهي نابعة من محبتنا لمصروليس كرهاً في أحد، مصر غالية علينا، مصر مهمة لنا جميعاً وهي نقطة اتزان في العالم العربي ومهمتنا ومهمة إخواننا وأشقائنا بل ومهمة العاقل في العالم العربي هي الحفاظ على هذا البلد»، وعقب تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم مصرعام 2014، وصلت العلاقات بين القاهرة والإمارات إلى أعلى مستوياتها إذ شهدت تطوراً كبيراً ونوعياً في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية ولا يزال المصريون يتذكرون الكلمة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال لقائه الرئيس السيسي عقب توليه رئاسة مصر بأن «الإمارات ستظل على عهدها وفية لمصر وسنداُ قوياً لها»، حتى استطاعت أرض الكنانة أن تعبرهذه الأزمة بنجاح والتي كادت أن تعصف بمصرومستقبلها إلى الهاوية بعد أن خطفتها عصابة الإخوان الإرهابية، لتدفع بها إلى الفوضى والإقتتال على السلطة، ومنذ تولي صاحب السموالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات مقاليد الحكم في 14 مايو 2022، بعد انتخابه من قبل المجلس الأعلى للاتحاد جمعته مع نظيره الرئيس عبدالفتاح السيسي،العديد من اللقاءات التي تؤكد على عمق قوة العلاقات بين البلدين، ورغبتهما المشتركة في إقامة شراكة استراتيجية بين الدولنين لتحقيق التنمية والرفاهية للشعبين الشقيقين، ومن وحي الشعار المستلهم من وصية الشيخ زايد نظمت مصروالإمارات احتفالية كبرى تحت عنوان «مصر والإمارات قلب واحد»، قبل أشهرإحتفاءً بمرور 50 عاماً على العلاقات الإماراتية المصرية التي أرسى دعائمها مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لتظل العلاقة بين الدولتين نموذجاً يحتذى به بين دول المنطقة في البناء والتنمية لتحقيق الرفاهية للشعبين الساعيين لرفعة الأمة العربية وحمايتها من محاولات الاستعمارالجديد للسيطرة على ثرواته والتي بدأت قبل سنوات ولازالت مستمرة حتى الاًن ولذا يمكن اعتبارالتعاون بين القاهرة وأبوطبي ركيزة أساسية لتعزيزالتنمية في جميع الدول العربية.
لم يكن إحتفال مصروالإمارات، بمرور50 عاماً على تأسيس العلاقات بينهما، قبل أشهر تحت شعار«مصروالإمارات قلب واحد»، مجرد مناسبة للتأكيد على عمق العلاقات بين الدولتين فقط، بل إعلان عن الشراكة الإستراتيجية التي تربطهما والمصيرالواحد، ولذا كان من الطبيعي أن تنتقل هذه العلاقة من الشراكة إلى التنمية الشاملة وتحقيق المكاسب للشعبين الشقيقين التي تستهدف تحقيق التقدّم في المجالات كافة من خلال تفجيرالطاقات الكامنة في وفتح أفق الابداع والابتكارأمام المواطنين في مصرخصوصاً الشباب من خلال التخاص من البطالة وتوفيرفرص العمل، وجاء التوقيع على أكبرصفقة استثمارمباشربين الحكومة المصرية وكيانات اقتصادية كبرى بقيادة الإمارات تتويجاً للتكامل بين القاهرة وأبوظبي إذ إن إقامة مشروع رأس الحكمة يلبي طموحات الدولتين للاستقادة المشتركة من الأصول وليس بيعها ودليل على نجاح مصرفي جذب استثمارات أجنبية مباشرة ترجمة لإطلاق وثيقة سياسة الدولة في تخارج الحكومة من الاقتصاد وإفساح المجال أمام القطاع الخاص والاستثمار العربي والاجنبي، خصوصاً أن مصرتحتاج كل عام إلى مليون فرصة عمل جديدة وتالياً تحتاج هذه المشروعات الكبرى، ويمكن وصفة رأس الحكمة بأنها «أكبرصفقة استثمارية في تاريخ مصر»، وتعتبرنقلة نوعية في الاستثمارالمباشربمصرولن تكون النهاية بل بداية مشروعات اسثتمارية أخرى لتنفيذ مخطط التنمية العمرانية 2052 الذي يتضمن تنمية جميع مدن الساحل الشمالي من العلمين حتى مطروح والسلوم.
تسهم هذه الصفقة في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لزيادة موارد مصرمن النقد الأجنبي، ولولا الجهود التي بذلتها مصر خلال السنوات العشرالماضية لتنمية الساحل الشمالي وإقامة بني تحتية قادرة على استيعاب هذه المشروعات الكبرى، لما كنا اليوم نحتفل بهذه الصفقة العملاقة التي ستدرعلى مصر35 ملياردولاروتأتي في إطارمخطط التنمية العمرانية لمصروبناء الجمهورية الجديدة، والذي حدد الساحل الشمالي ليكون المنطقة الواعدة الأولى التي تستطيع أن تستوعب القدرالأكبرمن الزيادة السكانية لمصرلما لها من إمكانيات، وجاء التوقيع على الصفقة التي يمثل مصر فيها الدكتورعاصم الجزاروزيرالإسكان والمرافق بصفته رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والجانب الإماراتي شركة أبوظبي التنموية القابضة، والتي يتولى مجلس إدارتها والرئيس التنفيذي محمد السويدي وزير الاستثمار، وتبلغ مساحة مشروع رأس الحكمة الجديدة 170.8 مليون متر مربع، أي ما يزيد على 40600 فدان وسيتضمن أحياء سكنية لكل المستويات، وفنادق عالمية ومنتجعات سياحية، ومشروعات ترفيهية ويستهدف جذب 8 ملايين سائح سنوياً، كما يتضمن المشروع خدمات عمرانية عبارة عن مدارس وجامعات ومستشفيات علاوة على منطقة حرة خدمية خاصة تتضمن صناعات تكنولوجية وخفيفة وخدمات لوجستية وحيّاً مركزياً للمال والأعمال لاستقطاب الشركات العالمية الراغبة في التواجد بالمدينة ومارينا دولية كبيرة لليخوت والسفن السياحية.
إن قيمة استثمارات المشروع أكثرمن 150 ملياردولاروسيوفرملايين فرص العمل وسيسهم الاستثمارفي رأس الحكمة في وضع المنطقة على خريطة السياحة العالمية لتكون مصدرمستدام للعملة الأجنبية خصوصاً أن مصر ستحصل على إجمالي 35 مليار دولارعلى دفعتين الأولى خلال أسبوع بإجمالي 15 مليار دولار، والثانية بعد شهرين من الدفعة الأولى بإجمالي 20 مليار دولار، وتحصل مصر على 24 ملياردولار كاش إضافة إلى 11 ملياردولاروديعة إماراتية في البنك ما يعني خصمها من المديونية الإجمالية على مصرعلى أن تحصل مصرعلى 35% من أرباح المشروع طوال مدة تنفيذه لمصر، وتم الاتفاق على تطويروإنشاء مطار دولي جنوب المدينة، وتخصيص أرض لوزارة الطيران المصرية، والتعاقد مع شركة أبوظبي التنموية لتنمية المطاروسيكون للدولة المصرية حصة من عوائد المطار، فضلاً عن إتاحة ملايين فرص العمل للشباب، إضافة إلى استفادة الشركات والمصانع المصرية التي ستعمل على تنفيذ المشروع والصفقة بداية لعدة صفقات استثمارية، تعمل الحكومة عليها حالياً، لزيادة موارد الدولة من العملة الصعبة وسوف تساعد قيمة الصفقة الحكومة علي مواجهة الأزمة الاقتصادية والقضاء على وجود سعرين للعملات في السوق المصرفية ما ينتج عنه انفراجة كبري علي مختلف مجالات الاقتصاد وانتعاش الاستثمار المحلي والأجنبي، خصوصاً أن هذه الصفقة سوف يعقبها صفقات أخرى كثيرة ستقود مصرلتحقيق التنمية الشاملة.
وأقول لكم، إن جماعة الإخوان الإرهابية وأبواقها الإعلامية أصيبت بالصدمة بمجرد الإعلان عن الصفقة والعائد الضحم منها وهم الذين ينشرون الشائعات منذ أشهرأن مصرفي طريقها للسقوط والانهيار واعتادوا التشكيك في قيادة الدولة ومؤسساتها وقدرتها على الخروج من الأزمة الاقتصادية وتوفير العملات الأجنبية خصوصاً الدولار، ونسوا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أكد في شهر ابريل 2023 عندما كان يزورسيناء وخلال تفقده لأحد التمركزات الأمنية تحدث مع الجنود بتلقائية عن الأزمات اللى تمر بها مصر قائلاً إن أزمة الدولارسوف تصبح من التاريخ، وها هو الاًن ينفذ ما وعد به، إذ إن العائد من صفقة رأس الحكمة يبلغ 35 ملياردولار خلال 60 يوماً فقط وسوف تتبعها صفقات أخرى ما يؤكد أن السياحة مستقبل مصر الواعد إذ حققت خلال الربع الأخير من عام 2023 ثاني أعلى معدل حققته مصر في أعداد الحركة السياحية الوافدة لمصر منذ عام2010 والذي يعتبرعام الذروة السياحية، إذ بلغ عدد السائحين خلال هذا الربع 3.6 مليون سائح فيما حققت الـ 19 يوم الأوائل في عام 2024 نسبة زيادة في أعداد السياحة الوافدة لمصر قدرها 9 % عن مثيلتها في 2023.
أحمد الشامي
[email protected]