900
900
مقالات

علاءشبل يكتب: فين سبحتك يا معلم خميس

900
900

التدين الشكلي أصبح من أخطر ما نعاني به على الإطلاق ويطل علينا بين الحين والآخر وعاظ باعتبارهم قد حصلوا على توكيل المغفرة والرضوان ناهيك عن البالوعة المسماه بالفيس والتي تخرج لنا كل دقيقة أناسا بوجه أبي بكر وبقلب أبي لهب ويجعلون أنفسهم أوصياء على المجتمع فمنهم من يتولى رئيس مباحث الصلاة والآخر مأمور قسم الصيام وثالث مفتش جمارك الزكاة والغريب أنك تقرأ لأناس تعرفهم جيدا وتتجنب الحديث معهم لسوء سلوكهم وهم يكتبون واتقوا يوما ترجعون فيه الي الله وكأنهم لن يرجعوا معنا بظلمهم وسوء أدبهم وتجرؤهم على حقوق العباد ولذلك ظهر تجار الدين وأصبح ربحهم وافرا وعندما ترى أوتسمع أحدهم تتذكر في الحال العبارة الشهيرة ( هي فين سبحتك يا معلم خميس) وأوصياء الدين هؤلاء مهمتهم ان ينقبوا عن عيوب الناس لا من أجل الإصلاح ولكن لإثبات المثالية لأنفسهم أولا ولمن يعرفونهم حتى تحول الدين إلى بضاعة مزجاة غير رائجة وهو ما شجع من يطلقون على أنفسهم دعاة لامؤاخذة التنوير أن يظهروا على طريقة اشمعنا احنا ما الكل يتكلم في الدين ومن ثم توجه السهام للعلماء المتخصصين بحق ومن لهم حق التحدث في الدين في ظل انتشار الغثاء وتصدر الرويبضة للمشهد دون حساب أو عقاب وأغلب أصحاب التدين الشكلي يحملون جهلا تنوء عن حمله الجبال ولا يعرفون أبسط أدوات الفتوى أو التفسير وهم يفعلون ذلك اعتمادا على مقولة بتعمل إيه يا با قاله بكتب جواب لعمك قاله هو انت بتعرف تكتب فرد وهو عمك بيعرف يقرا

قد أعاد وعاظ معاصرون وخصوصا تيار الدعاة الجدد ووعاظ “تجزئة الدين” من خلال تسجيلاتهم وصفحاتهم وبرامجهم التلفزيونية إنتاج هذا الخطاب، فبنوا مفهوما للتدين في أذهان الناس، يباين المفهوم الصحيح للتدين، فهو إما “تدين لذيذ” لا يعرف أصحابه للجهاد مكانة ولا للإصلاح منزلة ولا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كبير مزية .
أو هو تدين شكلي ملفق من مجموعة من القضايا الخلافية والطقوس والرسوم، تخدر حس الناس وتشوه وعيهم، فتقصير الثوب وإطلاق اللحية و … كليات في مقابل مقارعة الظلمة ورفض البغي وتخليص الناس من أكل الربا ، ومن ثم تسرب فهم شكلي للدين ومفهوم مرتعش للتدين.
ويصف الشيخ محمد الغزالي رحمه الله مصيبة هؤلاء العلمية والخُلقية بقوله : ” (إنهم) يسمعون أن شُعَب الإيمان بضع وسبعون شعبة ، بيد أنهم لا يعرفون فيها رأسا من ذنب ، ولا فريضة من نافلة ، والتطبيق الذى يعرفون هو وحده الذى يُقرون. إفراط . . وتفريط، والخلاف الفقهي لا يوهى بين المؤمنين أُخوّة ، ولا يُحدث وقيعة! وهؤلاء يجعلون من الحبة قبة، ومن الخلاف الفرعي أزمة. والخلاف إذا نشب يكون لأسباب علمية وجيهة، وهؤلاء تكمن وراء خلافاتهم علل تستحق الكشف!” (كتاب : مشكلات في طريق الحياة الإسلامية).
ويقول الغزالي أيصا: التدين المغشوش قد يكون أنكى بالأمم من الإلحاد الصارخ
ويصف الدكتور مصطفى محمود الأمر بقوله: أغلب التدين الذي نراه حولنا شكلي ولهذا مايلبث أن يتحول الى جدل ثم شجار ثم تناحر ثم يفعل بأصحابه ما فعل اليسار بأصحابه لأنه ليس تدينا حقيقيا بل هو زخرف شكلي وشعارات جوفاء وتلك ظواهر تخلف وعلامات طفولة حضارية
وهو ما عبر عنه الكاتب الساخر جلال عامر بقوله : في ظل التدين الشكلي الذي نعيش فيه أصبح لا أحد يخاف من النار إلا من يعمل بالمطافي
ويقول الدكتور محمد عمارة : في المثل الشعبي : فلان يصلي الفرض وينقب الأرض تعبيرا عن من يؤدي طقوس الصلوات ويسرق أرض الجيران للتعبير عن التدين الشكلي المغشوش
.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى