عادل القليعي يكتب : سيناء… عقيدة وإيمان
نعم إن ما جئتم به السحر فإن الله سببطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين.
سيناء أرض الفيروز ، أرض البطولات ، أرض الشهداء، مقبرة الغزاة الطامعين في موقعها الجغرافي المتميز الذي حباها به الله تعالى ، فهي مفرق البحرين ، البحر الأحمر والبحر المتوسط.
سيناء التي ذكرها الله تصريحا في القرآن الكريم ، الأرض المباركة (والطور وكتاب مسطور)
(وطور سينين ، وهذا البلد الأمين)، أنظروا كيف قدماها الله في قسمه بها قبل البلد الحرام لعظم مكانتها وعظم شأنها.
كذلك في قوله تعالى (وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين).
سيناء التي صلى على جبلها الطور رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ركعتين.
وكلم الله موسى تكليما (إنك بالواد المقدس طوى)، البقعة المباركة ، ومسرى سيدنا يعقوب في رحلته إلى مصر هو وأولاده بدعوة من سيدنا يوسف عليه السلام.
سيناء التي روت رمالها دماء الشهداء الزكية ، وشهدت على غدر الغادرين في نكسة أدمت القلوب لا على الهزيمة وإنما على الخيانة ، فالهزيمة والنصر من عند الله تعالى.
سيناء التي صرخت رمالها وجبالها مدوية حررونا يا نشامى من هذا المحتل الغاصب الذي أفسد وعاث في أرضي المقدسة ودنسها وأحرق الحرث والنسل.
وسمع الصوت جيوش الله الهادرة ولبوا النداء وجادوا بأرواحهم فداء لترابها ورملها وأهلها الطيبين فجاء النصر المبين
(إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).
وأتي النصر العزيز المؤزر من الله تعالي ، ودكت قواتنا المسلحة مسلحة بالإيمان بالله وبقضيتنا العادلة وبحقنا في استرداد أراضينا ، استرداد كرامتنا ، فأرضنا عرضنا ولا يمكن بحال من الأحوال أن نفرط به وتلك كانت عقيدة قواتنا المسلحة وكل أبناء الشعب المصري وكل بني عروبتنا الذين آمنوا بقضيتنا ، نعم سلاحنا الإيمان ، وسلاحنا العدة والعتاد ، واستعدنا أراضينا المحتلة وحطمنا ما كان يسمى بالجيش الذي لا يقهر.
واستعدنا ما تبقى من أراضينا التي كانت تحت سيطرة الإحتلال الصهيوني ونكست أعلامهم في طابا وخرجوا منها أذلاء صاغرين.
وبعد كل ذلك وكل هذه التضحيات وكل هذا التعمير والزحف العمراني ، يوجه هذا المحتل وجهته مرة أخرى ناحية سيناء ولكن هذه المرة في شكل جديد ، ألا لعنة الله على الأبالسة.
ضرب محكم وموجع ومركز على أهل غزة لإجبارهم على الفرار من أراضيهم وتهجيرهم إلى أين ؟!، إلى أين يا بني صهيون ؟!
إلى وجعكم القديم فلازلتم تتجرعون مرارة الهزيمة إلى سيناء ، لماذا سيناء ولماذا الآن ، سنوات طويلة وأنتم تدكون غزة وتصمد وتحاولون اجتياحها بريا وتفشلون ، لماذا كل هذا التصميمات هذه المرة ولماذا كل هذا الدعم الأمريكي والأوربي برا و جوا وبحرا.
لماذا؟!.
نعم أعينكم على سيناء ، والخطة الشيطانية خيام في سيناء إلى الإنتهاء من الحرب ضد حماس ، ثم تعودون إلى منازلكم في أمان.
ويحدث المطلوب ، ضرب من سيناء أو افتعال ضرب من سيناء ورد من الصهاينة وتوضع مصر بين المطرقة والسنديان ، بمعنى لن تسمح لأحد بضرب الفلسطينين على أرضها وفي نفس الوقت لن نستطيع ضرب إسرائيل بموجب كامب ديفيد إتفاقية السلام، ويبقى الوضع كما هو عليه.
لكن مخططكم الإبليسي لن يفلح لسببين مهمين ينبثق منهما أسباب كثيرة
السبب الأول.
عقيدة أهل غزة الراسخة في قلوبهم أرضنا عرضنا ولن نترك أراضينا لمحتل مغتصب قتل الأطفال وروع الآمنين وهدم البيوت العامرة بالخيرات فوق رؤوس أهلها.
السبب الثاني
من قال لكم أن قيادتنا الحكيمة ستفرط في شبر من أراضينا وخصوصا سيناء لما لها من خصوصية في نفوس المصريين من محبة وتضحية وفداء.
ليس هذا وحسب بل ولما لها من قدسية في كل الأديان.
فاياكم ثم إياكم وسيناء.
ابحثوا لكم عن مأوى آخر ، واذهبوا بمخططاتكم عنا فلن تنفعكم اغراءتكم المادية لن نساوم على حريتنا ، على أراضينا ، لن نأكل ولن نشرب “نجوع” ولا أن نفرط في شبر من أراضينا لأنها ليست ملكا لنا وحدنا بل هي تاريخ يدرس وسيدرس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فماذا سنقول لأبناءنا ولأحفادنا وماذا سيذكر التاريخ والتاريخ لا ينسى ولا يرحم، ماذا سيقول عنا إن فرطنا ، أفضل لنا أن نقبر فيها وفي ترابها من أن يكتب اسمنا مع الخائنين.
وأنتما أيها الشعبين البطلين
الشعب الفلسطيني المكافح المجاهد المناضل من أجل قضيته العادلة ، اسمعوها جيدا لن يتركم الله أعمالكم وحقوقكم ستعود لكم كاملة دون شروط لأنكم أصحاب حق ونحن معكم قلبا وقالبا ومرحبا بكم في مصر زائرين دارسين متعلمين ، ولا تجعلوا أحدا يجعلكم تزايدون على مصر فمصر هي التى دائما وأبدا حاملة لهمومكم ومعكم وجميع قادتها قالوا كلمتهم لا لتصفية القضية الفلسطينية ، جميعهم قالوا قولتهم السلام العادل منذ ناصر مرورا بالسادات ثم مبارك ثم مرسي ثم السيسي ، الجميع على قلب رجل واحد سلام لا استسلام.
وأنت أيها الشعب الحبيب ، جماهير الشعب المصري المحبة لعروبتها والتي راعها ما راعها من هول المشاهد من قتل وحرق ووأد للأطفال ، نعلم تمام العلم حميتكم وغيرتكم على أمتكم العربية والإسلامية وغيرتكم على إخوانكم الفلسطينين ، لكن المسألة أكبر من الشعارات الرنانة وفتح الحدود ، المسألة أخطر بكثير ، الغرض جر مصر إلى حرب لا يعلم نهايتها إلا الله تعالى ، فهل ما حققناه من تنمية مستدامة وإعمار وبنية تحتية ونمو في كل المجالات وتقدم ، هل نضع كل ذلك تحت وطأة آلة عسكريه لا تبقي ولا تذر ، هذا هو الغرض تدمير هذا المنجز الحضاري ، وهذه الطفرة والنقلة النوعية التي حققناها على المستوي الداخلي والخارجي على حد سواء.
تدريسوا واهدأوا واحتكموا إلى عقولكم واتركوا القادة يعملون في صمت فهم أعلم منا ببواطن الأمور.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها وقيادتها وحفظ أمتنا العربية من كيد الكائدين ومكر الماكرين وطمع الطامعين وكره الكارهين ، وستبقى مصر هي هي كما هي سيدة العرب الأم الرءؤم للعرب جميعا وستظل منارة للإسلام والمسلمين وخط الدفاع الأول لأمتنا العربية والإسلامية.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.