900
900
مقالات

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه المحاماة

900
900


بقلم / المفكر العربى الدكتورخالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين

المحاماة: وكالة مخصوصة، تندرج تحت باب الوكالة، ويحسُن بنا أن نتعرف على الوكالة والمراد بها.
فالوكالة – بالفتح والكسر – في اللغة: الحفظ، ومنه: الوكيل، في أسماء الله تعالى بمعنى: الحافظ، ومنه: التوكل، يقال: على الله توكلنا؛ أي: فوَّضنا أمورنا.
والتوكيل: تفويض التصرف إلى الغير، وسمي الوكيل وكيلًا؛ لأن موكله قد فوض إليه القيام بأمره؛ فهو موكول إليه الأمر.
وعرَّف الحنابلة الوكالة بأنها: (استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة، من حقوق الله تعالى، وحقوق الآدميين).
فالوكالة إذًا إنابةٌ من أحد الأشخاص لشخص آخر، في تصرفٍ تدخله النيابة، سواء كان من حقوق الله تعالى؛ كتحصيل الزكاة ودفعها، والنيابة في الحج، أو كان من حقوق الآدميين؛ كالبيع، والشراء، والمخاصمة، ونحو ذلك.
ومن صور الوكالة: التوكيل في الخصومة، والخصومة لغة: الجدل والمنازعة، والوكالة على الخصومة: (استنابة جائز التصرف مثلَه في مدافعة غيره عن حقه الذي تدخله النيابة حال الحياة لدى قاضٍ)، كما عرَّفها معالي شيخنا عبدالله بن خنين.
والأصل في مهنة المحاماة: الجواز؛ لأنها من صور الوكالة.
ودور المحامي: المطالبةُ بحق الموكل، أو الدفاعُ عن موكله أمام القضاء، وبذل الجهد في إبراز موقف موكله، واستحقاق ما يدعيه أو يطالب برده، وهي وظيفة هامة، لها خطرها، وفيها خطورتها.
قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: “المحاماة لها خطر عظيم، وهي وكالة في المخاصمة عن الشخص الموكِّل، فإن كان الوكيل – وهو المحامي – يتحرى الحق، ويطلب الحق، ويحرص على إيصال الحق إلى مستحقه، ولا يحمله كونُه محاميًا على نصر الظالم، وعلى التلبيس على الحكام والقضاة ونحوهم – فإنه لا حرج عليه؛ لأنه وكيل، أما إذا كانت المحاماة تجره إلى نصر الظالم، وإعانته على المظلوم، أو على تلبيس الدعوى، أو على طلب شهود الزور، أو ما أشبه ذلك من الباطل – فهي محرَّمة، وصاحبها داخل في عِداد المُعِينين على الإثم والعدوان، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((انصُرْ أخاك ظالِمًا أو مظلومًا))، قالوا: يا رسول الله، نصرته مظلومًا، فيكف أنصره ظالِمًا؟ قال: ((تحجزه عن الظلم – يعني: تمنعه من الظلم – فذلك نصرُك إياه))، فهذا هو نصر الظالم؛ أن يمنَعَ من الظلم، وألا يعان على الظلم، فإذا كان المحامي يُعِينه على الظلم، فهو شريك له في الإثم، وعمله منكَر، وهو متعرِّض لغضب الله وعقابه، نسأل الله العافية، وهكذا كل وكيل، وإن لم يسمَّ محاميًا، ولو سمي وكيلًا إذا كان يعين موكله على الظلم والعدوان، وعلى أخذ حق الناس بالباطل، فهو شريك له في الإثم، وهو ظالم مثل صاحبه، نسأل الله للجميع العافية والهداية والسلامة. .. ثم قال – رحمه الله -: أنصح بعدم الاشتغال بها إلا لمن وثق من نفسه بأنه يتحرى الشرع، ويعين على تحقيق الشرع، وينصر المظلوم، ولا يعين الظالم، أما إذا كانت نفسه تميل إلى أخذ المال بحق وبغير حق، وإلى مناصرة مَن وكله وجعله محاميًا عنه، فهذا لا يجوز له، بل يجب الحذر”؛ انتهى.
وقد عرَّف نظام المحاماة في المادة الأولى المحاماة بأنها: (الترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم، واللجان المشكلة، بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصها، ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية، ويسمى مَن يزاول هذه المهنة محاميًا)، وأكدت اللائحة التنفيذية للمادة أن الترافع عن النفس حق شرعي لكل شخص، وهذا مما يتميز به النظام القضائي السعودي عن كثير من الأنظمة القضائية التي تشترط في الترافع أمام المحاكم وجود محامٍ.
على أن في توكيل المحامي في الترافع فوائدَ لا تخفى، فمنها: أن توفُّر الخبرة في المترافع مُعِينٌ في تيسير التقاضي؛ فصاحب الخبرة والعلم يعرف أصول المرافعات، وما يؤثر في القضية سلبًا أو إيجابًا، ويعرف درجات البينات والقرائن، ويستطيع مناقشةَ ما يبرزه الخصم من دفوع وبينات، كما أنه يستطيع التفاهم مع القضاة في وقت يسير؛ لمعرفته بإجراءات التقاضي، ومصطلحات القضاة، وعمل المحاكم؛ كما أن المحامي متفرغ للتقاضي وجلسات المحاكمة، مما يوفر على الموكل الوقت والجهد، وذلك كله فيما لو وُفق الموكل في اختيار محامٍ أمين بأجرة معقولة.
وهناك صورٌ لا يمكن لصاحب الحق أن يترافع فيها؛ وذلك فيما لو كان صاحب الحق قاصرًا لا يملِك التصرف؛ كالصغير، وفاقد الأهلية، فهنا لا بد من وجود ولي أو وصي يتولى الترافع والمدافعة عنه.
وتوضح اللائحة التنفيذية للمادة الأولى من نظام المحاماة أن للمحامي الدفاع عن موكله في مرحلة التحقيق حسب المادة (4) من نظام الإجراءات الجزائية.
وللمحامي أيضًا الدفاع عن المتهم في الجرائم الكبيرة، بشرط حضوره، وله الدفاع عن المتهم في الجرائم الأخرى ولو لم يحضر، ما لم تأمر المحكمة بحضوره شخصيًّا أمامها في أي حال كان حسب المادة (140) من نظام الإجراءات الجزائية.
وأما المادة الثانية من نظام المحاماة فتوضح أن وزارة العدل هي المسؤولة عن المحامين، وأنها تعد جدولًا عامًّا لقيد أسماء المحامين المعتمدين.
وأما المادة الثالثة من نظام المحاماة، فتوضح الشروط التي يلزم توفرها فيمن يُرخص له بالعمل في مهنة المحاماة.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى