ثريا بشيري تكتب : تهت من جديد
هذه الليلة استوطن الشتاء دروب المدينة
و أسقط على أسوارها مطرا حادا و باردا
كمقعد إسمنت في باحة مخفر
.
لم أعرف أية رغبة قذفت بي إلى الخارج
أمامي كانت الطرقات تتلوى و بعض العجلات تلسع الطريق
وتقتحم رأسي نظراتك إبتسامتك همساتك
كانت كالمد و الجزر و الطوفان
نهر غامض الإنسياب جارف حتى الموت
أشد على معطفي المتشرب بالبرودة
و تشرد خطاي.
و في كل خطوة يدق ناقوس الإنتظار
احتميت في عرائي أنبش الليل و الطرقات
كأني أعري التراب لأنتشل جثتي
فظلك قادم كي يستتر تحت الجسد
جلست على الرصيف و بدأت أعد أصابعي
كم هي تلك الرسائل؟
وكم هو الإحتراق في أدغال الغياب؟
كم كانت أحلامنا طرية و كم شاخت
حين كتبناها و ظلت طي الدفاتر؟
كم وخز الدماغ عنيف
وكم هو حلو نزيفه
داهمني طيفك، فقمت أسير لا ألوي على شيء
لا زال الدم تسكنه الرغبة في الإنتشار
و نسيت أن أذكر بأن دمي عالق برمل قدميك
تهت من جديد لأنسف هذا التذكر.