الجزء ٢٨ “هناك في شيكاغو”
بقلم / هناء عبيد
اكتملت اللّوحة الحزينة حينما أتى والدي من العمل، كان مرهقًا ووجهه شاحب، لم يستطع الكلام. جعلناه أنا و أمّي يرتكز على يدينا حتّى وصل إلى مقعده، لم يتحدّث، كان يجوب بنظره حولنا، أنا ووالدتي ونور. اتّصلت بالطّبيب الّذي أتى مسرعًا تلبية لنبرات صوتي المرتعشة، والخوف الّذي يلفّ مشاعري. أجرى كلّ الفحوصات الأوليّة اللّازمة. كنا نحدّق في ملامح وجهه بخوف وقلق وتوتر، لنقرأ منها ما حلّ بصحّة والدي.
لا بدّ من ذهابه إلى المستشفى سريعًا، حتّى يتمّ عمل الفحوصات اللّازمة له بدقّة أكبر، وحتّى يتلقّى الرّعاية المناسبة. عبارة الطّبيب جعلت دقّات قلبي
تتسارع بشدّة، كنت أخال قلبي سيخرج من مكانه من شدّة الهلع الّذي أصابني.
ارتسمت علامات الخوف والقلق على وجه أمّي ونور. تلك هي المرّة الأولى الّتي نرى فيها أبي بهذا الضّعف والوهن. نقلناه إلى المستشفى بأقصى سرعة ممكنة. تمّ قياس ضغطه، كما تمّ عمل فحوصات سريعة للسّكّر والكولسترول. النتائج كلّها كانت سيّئة لا تبعث على التفاؤل. كانت القراءات جميعها مرتفعة عن المعدّل الطّبيعيّ. حاول الطّبيب طمأنتنا بقوله: لا تقلقوا، سيكون بخير إن شاء الله. ملامح والدي تفضح تدهور صحّته، لهذا لم تكن لكلمات الطبيب وقعها في قلوبنا.