900
900
مقالات

الشيخ زايد .. صقر العرب

900
900

بقلم / أمنية الخولى

كما تتميز الصقور بالنظر الحاد
أمتلك الشيخ زايد أل نهيان بصيرة نافذة
مكنته من احتلال مكانة استثنائية بين الحكام العرب
وجعلته رمزا للوحدة والتضامن بين شعوب الضاد
من الخليج للمحيط
ومن رحم البادية حيث الكرم والعصبة وعزة القبيلة
ولد الشيخ زايد فى مايو عام 1918
بقصر الحصن فى أبو ظبي
حاملا اسم جده الشيخ زايد بن خليفة حاكم الإمارة
التى انطلقت منها فيما بعد مآثره
ليكمل الحفيد مسيرة أجداده وأبائه
وينجح فى توحيد دولة الإمارات
ويؤسس نهضتها الحديثة.
دائما ما تكون البدايات سر الوهج
وفى إمارة العين انتقل زايد الصغير
مع والده الشيخ سلطان للعيش فيها
فنشأ بين أوديتها وجبالها وصحاريها
وكان لها تأثير كبير في تكوين شخصيته
حيث انخرط مبكرا فى حياة البدو
ونهل من عاداتهم وتقاليدهم الأصيلة
بجلوسه إلى كبار المشايخ للتعرف على تاريخ الأجداد
من رموز شبه الجزيرة العربية
فتولدت فى نفسه روح الفارس الشجاع
الغيور على أهله ووطنه
واكتسب حب واحترام القبائل
الذين لم يترددوا في دعمه
حين شرع فى إتمام الوحدة الإماراتية
ومع حفظه للقرآن وتعلم أمور الدين
كانت له العديد من الهوايات
فبرع فى الصيد والرماية وركوب الخيل
ومن فرط حبه للشعر كتب عددا من القصائد
قام بغنائها بعض المطربين العرب
أمثال محمد عبده وراشد الماجد وحسين الجسمى
وألف الشيخ زايد بنفسه كتابا عن رياضته المفضلة
“الصيد بالصقور” ويعده الباحثون مرجعا
للرياضة التاريخية عند أهل الجزيرة العربية
مضيفا تجربته الشخصية وخبرته العميقة فيها.
فى سن مبكرة تولى إدارة منطقة العين
التي كانت تتكون من تسع قرى عام 1946
وكما يقوم الصقر بالصيد لعائلته
قام بتعديل ملكية الموارد المائية
وتوزيعها بالتساوي على جميع المناطق
ما أدى إلى زيادة الإنتاج
وتحقيق ازدهار ملحوظ فى الزراعة والتعليم والصحة
رغم قلة الإمكانيات قبل اكتشاف النفط
لتصبح العين جنة خضراء
خلال عشرين عاماً قضاها زايد حاكماً لها
ورغم مسئولياته حرص على السفر
إلى معظم بلدان العالم
لصقل خبراته السياسية
بالإطلاع على تجارب الحكم المختلفة
فتولد حلمه الأكبر بالوحدة العربية
سبيلا لتقدم وقوة أمته
وبرزت مهاراته فى الإدارة
مبشرة بميلاد زعيم وقائد عظيم.
من أبرز صفات الصقر
عدم ترك فريسته لغيره
وإن فلتت منه لا يستسلم أبدا
ويعاود البحث عنها حتى يجدها
وبالمثل تجلت براعة الشيخ زايد
فى المحافظة على ثروات بلاده
مع اكتشاف النفط في إمارة أبوظبي
أواخر خمسينيات القرن العشرين
على يد الشركات الإنجليزية
حيث كانت الإمارات تخضع للانتداب البريطانى
بموجب اتفاقية مع الشيوخ وقعت عام 1891
تقضى بمسئولية بريطانبا عن العلاقات الخارجية
فيما تترك للمشايخ مسئولية الشئون الداخلية
وعندما صَدَّرت أبوظبي أول شحنة نفط عام 1962
باتت التحديات جلية لمرحلة جديدة
تستوجب إدارة ورؤية حكيمة
وتخطيطاً ناجحاً لاستغلال عوائد النفط
فجاء اختيار عائلة آل نهيان
للشيخ زايد ليكون حاكماً لإمارة أبوظبي عام 1966
خلفا لأخيه الأكبر الشيخ شخبوط
لتبدأ مرحلة البناء والتطور للدولة الجديدة
كما حلم بها زايد منذ صغره.
وكالصقر الحر بكبريائه وذكائه الحاد
آمن الشيخ زايد ببناء الإنسان
كركيزة لأى عملية حضارية وتنموية
ودائما ما كان يذكر لأبنائه
أن رأس المال الحقيقى لأى أمة هو ثروتها البشرية
فسخر زايد النفط في خدمة شعب الإمارات
وحرص على الاستثمار في المواطن
بتوفير سبل العلم والعمل والصحة
ولم يقتصر عطائه على أبناء بلده
وزخرت مسيرته بدعمه للشعوب الإسلامية
ومناصرة القضايا الإنسانية فى شتى بقاع الأرض
ولا عجب أن يطلق اسمه على عشرات المساجد
والمدارس والجامعات والمستشفيات والطرق والمدن
فى معظم البلاد العربية والإسلامية
وكذلك فى أقاصى المناطق بالدول الغربية
وفي استطلاع للرأي عام 1990
بمشاركة مائة ألف مواطن عربي
تم اختياره من ضمن عشر شخصيات عربية وعالمية
لها دور بارز في مجال الإنماء السياسي والاجتماعي.
وكما يتمتع الصقر بالصبر وتحمل العناء
كانت رؤية الشيخ زايد طموحة لبناء وطنه
وواجه تحديات صنعت المستحيل
لتطوير المدن ضمن برنامج ضخم فى عملية الإنماء
جعل من أبو ظبى درة بلدان الخليج
بمشاركة الطاقات الوطنية ممزوجة بالكفاءات الأجنبية
وبعد عامين من توليه حكم أبو ظبى
أعلنت بريطانيا انسحابها
من المنطقة الواقعة شرقي قناة السويس
ليبدأ الصقر فى خطته بتوحيد الإمارات
كانت انطلاقها مع الشيخ راشد آل مكتوم
حاكم إمارة دبي
وتم الاتفاق بين حكام الإمارات الست ” أبوظبي ، دبي ، الشارقة، عجمان ، أم القيوين ، الفجيرة ”
على إعلان الاتحاد بينهم
في 2 ديسمبر عام 1971م
وبالإجماع أصبح الشيخ زايد أول حاكم للدولة
وفي العام التالي انضمت”رأس الخيمة للاتحاد
واتفق حكام الإمارات على وضع دستور
تُحدّدت فيه سلطات المؤسسات الاتحادية
في دولة تأخذ بأساليب الإدارة الحديثة
ليضع منطومة متكاملة فى إدارة دفة الحكم
لكنه بحكمة الرجل البدوى الأصيل
ظل متمسكا بقيم ومبادئ العشيرة
ليصفه الرحالة البريطاني الشهير “ولفرد ثيسيجر”
فى كتابه “الرمال العربية”
قائلا: “زايد رب أسرة كبيرة يجلس دائماً للإنصات
لمشاكل الناس ويحلها
فيخرج المتخاصمون من عنده بهدوء
وكلهم رضى عن أحكامه
التي تتميز بالذكاء والحكمة والعدل.
رفرف الصقر بجناحيه
وامتدت طموحات الشيخ زايد لوحدة دول الخليج
واعتبرها تحديا ثابر حتى تحقيقه عام 1981
ليعلن عن تشكيل مجلس التعاون الخليجي
وانتُخب كأول رئيسٍ لمجلسه الأعلى
بعدها تعددت مساهماته الإنسانية
كمشاركته فى عملية استعادة الأمل
فى الصومال تحت مظلة الأمم المتحدة
والوساطة في الحرب الأهلية في اليمن
وعملية حفظ السلام في كوسوفو
وجهوده لإنقاذ لبنان من الحرب الأهلية
فجاء اختياره الشخصية الإنمائية لعام 1995
والوثيقة الذهبية من المنظمة الدولية للأجانب
في جنيف عام 1985
وحصد جائزة أبطال الأرض
الممنوحة من برنامج الأمم المتحدة للبيئة عام 2005
وبعنفوان الصقر ونبله
لم يتردد الشيخ زايد
فى مساندة مصر وسوريا
أثتاء حرب أكتوبر 1973
داعيا الحكام العرب بحظر النفط
على دول العالم الداعمة لاسرائيل
بل وأرسل ولي عهده الشيخ خليفة
ليشارك في المعركة مع الجنود المصريين
وكانت مقولته الخالدة
“النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي”.
أغمض الصقر عيونه
في التاسع عشر من رمضان
الثانى من نوفمبر عام 2004
تاركا إرثا لازال يرفرف فى قلب كل عربى
وسيرة ملهمة لكل باحث عن النجاح والتميز.
المراجع
1. الأرشيف الوطنى الإماراتى
https://www.na.ae/ar/ourtresure/ff_zayed.aspx
2. https://www.arageek.com/bio/zayed-bin-sultan-al-nahyan
3. الإمارات بين الماضى والحاضر
https://sites.google.com/site/schoolehistory/po3
4- موقع ديوان ولى العهد
https://www.cpc.gov.ae/ar-ae/theuae/Pages/LateSheikhZayed.aspx
5- موقع bbc
https://www.bbc.com/arabic/middleeast-59476252

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى