حب الوطن يسري في العروق
بقلم / محمد نصيح
لم يعرف حب الوطن حكما مليكا يتبع الملك أو ثوريا خاص بالضباط الأحرار أو …أو .. إنما حب الوطن هو حالة خاصة بذاتها بعيدا عن أي شيء تجري في الجسم مجرى الدم .
بعد انتصار مصر العسكري على اسرائيل في 1973 ، يأتي انتصار دبلوماسي وطني قانوني في ملحمة وطنية لا تقل عن ملحمة العبور ، استردت مصر طابا وعادت لحضن الوطن في 19 مارس 1989قانونيا، لكن هناك جنودا كان حب مصر يجري في دمائهم، تطوعوا لخدمة الوطن بدون مقابل، منهم العقيد إسماعيل شيرين، آخر وزير حربية في عهد الملك فاروق.
لعب إسماعيل شيرين دورًا كبيرًا في استرداد مصر لطابا، فبعد استرداد مصر لسيناء من الاحتلال الإسرائيلي عام 1982، أثارت إسرائيل مشكلات حول وضع 14 علامة حدودية أهمها العلامة 91 في طابا؛ ما دفع مصر لإقامة دعوى لاستردادها أمام المحكمة الدولية في جنيف.. جهز الوفد المصري دفوعه وأوراقه وذهب للمحكمة الدولية.
علم إسماعيل شيرين بالتحكيم الدولي في أهم قضية مصرية آنذاك، وكان يعيش مع أسرته في جنيف، بعد خروجهم مع الملك فاروق من مصر، فقرر تلبية نداء الوطن، وتطوع للشهادة في القضية، بأن طابا أرض مصرية، وجمع الخطابات والمستندات والصور التي تدل على ذلك، فما كان لمثله، الذي عاش على أرض مصر وخدم في جيشها العريق، أن يتخلى عن شبر واحد من تراب الوطن، وهو يعلم جيدًا أن هذه الأرض مصرية رُويت بدماء أبنائها وعاش عليها أجداده المصريون.
وثائق وخطابات
لملم إسماعيل شيرين شتات ذكرياته وأرفقها بالوثائق والخطابات، وذهب للوفد المصري حيث إقامته في جنيف، وعرض عليه الشهادة لعودة جزء أصيل من تراب الوطن.. لم يكن الوفد المصري، آنذاك، يعلم شيئًا عن أوراق ووثائق آخر وزير حربية في عهد الملك فاروق، وأصيب الوفد بالدهشة.
كانت وثائقه عبارة عن خطابات رسمية بعث بها إلى زوجته الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق وأسرته من طابا، وبالرغم من خصوصية الخطابات إلا أنه لم يبخل بها على الوطن وعرضها على الفريق المصري.
وأكد شيرين للفريق أن لديه ردودا على تلك الخطابات التي أُرسلت إليه في طابا، كاشفًا عن أختام البريد والطوابع التي تؤكد ذلك.
ورحب الفريق المصري في التحكيم الدولي، بشهادة إسماعيل شيرين، كما قبلت المحكمة الدولية بشهادته، بل إن شهادته زادت من اقتناع المحكمة بأحقية مصر في “طابا”.
شهادة إسماعيل شيرين
اطمأن الفريق المصري بعد شهادة إسماعيل شيرين، وقدم ما لديه من وثائق وخرائط، فضلًا عن الحجج والدفوع والزيارات الميدانية إلى المنطقة، الأمر الذي دعم حق مصر في استرداد أرضها، لكن المحكمة الدولية لم تكتف بذلك، وفتحت الباب لشهادة الشهود.
ساهمت شهادة إسماعيل شيرين في أحقية مصر في طابا، وفي 29 سبتمبر 1988 تم الإعلان عن حكم هيئة التحكيم في جنيف بسويسرا في النزاع حول طابا، وجاء الحكم في صالح مصر، مؤكدًا أن طابا مصرية، وفي 19 مارس 1989 كان الاحتفال التاريخي برفع علم مصر معلنًا السيادة على طابا وإثبات حق مصر في أرضها.
يقول الدكتور مفيد شهاب في احدى لقاءته الحوارية :
وكان الدكتور وحيد رأفت، نائب رئيس حزب الوفد، عضواً باللجنة المكونة من 24 عضوا : تحت اسم «اللجنة القومية لاسترداد طابا»، وتساءل البعض كيف يكون معارضاً وينضم للجنة قومية؟، ورد هنا رئيس الجمهورية الاسبق : مبارك قائلاً: «فى القضايا القومية.. لا فرق بين أغلبية ومعارضة».. فقد كان الدكتور وحيد رأفت أكبرنا سنا، ويقود الفريق القانونى، لكن للأسف توفى بعد الجلسة الأولى، وانبثقت من هذه اللجنة هيئة الدفاع، وكانت برئاسة ممثل مصر، وهو مدير الإدارة القانونية نبيل العربى، وسبقه أحمد ماهر، وهو ممثل الخارجية.
– المراجع عدة مقالات عن عودة طابا .
– حوارات مع الدكتور مفيد شهاب .