900
900
مقالات

حزمة كوتش .. (١)

قصة قصيرة

900
900

بقلم عبد الناصر العربان

خرج المصلون من المسجد
وكان د محمد يتباطئ في خطواته عند خروجه من المسجد محاولا الإنفراد بأبو محمود حتى يطمئن منه على أحوال ابنته
وصل القطار الذي كان يبدو للناظرين أنه ضخم المنظر يراه الناس كأنه تنين كلما اقترب منهم إزدادوا حذرا ورعبا ينزل من القطار بعض الناس وهم يسرعون الخطا من أجل الثبات على رصيف المحطه يحيط رجب بابنته راضيه من كل جانب وكأنه يحميها من كل الناس من حوله
فراضيه يراها ضعيفة نحيفة قصيرة الطول ترتدي ايشارب لبنى اللون وجلباب مشجر وحذاء بلاستيك قديم متهالك وبين يديها جعبة بها ما تبقى من احتياجاتها من جلباب قديم وبعض الأشياء المتهالكة القديمه حمل رجب ابنته راضيه بين ذراعيه ودخل من باب القطار محاولا الوصول إلى مقعد داخل عربة القطار المزدحمة بالركاب
أخذت خطوات رجب ابو محمود تتحرك بصعوبة وكأنه لا يملك القدره على رفع قدميه من ع الارض.
وصل عند البيت وطرق طرقات خفيفه ودخل البيت حيث الباب لم يكن محكم القفل.. وجد ام محمود تجلس مع راضيه تعطيها بعض النصائح والأحكام.. رجب يطلب من راضيه الاستعداد
وأن تأخذ معها غياراتها معها والموضوع داخل قطعة قماش قديمه
يمسك رجب بيد راضيه اليمني
وخلقات راضيه بيده اليسرى.. وبدأ التحرك خارج البيت
تسرع ام محمود خلف راضيه خلي بالك من نفسك كويس
إنتي احسن بنت.
تزرف الدموع وتبكي راضية عندما ألقت برأسها في أحضان امها
يالا يلا يا راضيه..
يحاول رجب أن يسرع في خطواته حتى يبتعد عن الطريق محاولا الاختفاء عن أنظار امها..
كان يبدوا انه يسرع في خطواته وراضيه تبدوا وكأنها لا تريد المشي
خطوات رجب كانت للأمام وخطوات راضيه تجذبها التفاف رأسها تجاه أمها وكأنها لا تريد مفارقتها..
حتى غابت عن عيناها عن ملاحقة امها التي اخذتها خطواتها حتى بداية الطريق..
اعتلي رجب عربية كاروا بعد أن رفع ابنته راضيه فوقها
وأخذ عم صلاح صاحب الكارو في التحرك معطيا الأذن للحمار بالتحرك
حتى وصلا إلى محطة القطار
اخذ بيد راضيه وأخذ يقطع تذكرة القطار واتجها إلى الرصيف الخاص بقطار المتجه للقاهرة..
أخذ المصلون يسلم كل منهم على الآخر داعيا له بقبول الصلاة
وكان بعضهم يحدث بعض مطمئنا على أحوال كل منهم
خرج ابو محمود من المسجد وأخذ يلبس حذاؤه المتواضع
والذي لا يكثر من استعماله إلا قليل في بعض المناسبات
عند ذهابه للبندر أو عند حضور تهنئة في الأفراح أو عند ذهابه للعزاء
وكل هذا كان قليل..
فهو ليس من أهل الحظوه أو له مكانة في بلدته
فقد كان يعمل بالأجر ويكسب قوته وقوت عياله من هذا القليل من الأعمال..
كانت خطواته اليوميه ذهابه للمسجد للصلاة.. لم يكن يمتلك شبرا من الأرض وليس عنده بقرة أو جاموسه أو حتى عنزه
حتى أن بيته ليس به إلا القليل من الدجاج تاكل فضلات طعامهم إن كان هناك طعام..
الفرن اللبني هو مصدر لبعض اللقيمات.. والكانون قليل الاستعمال
لقلة استعماله في الطهي..
بلاص المش كان معتقا لحرصهم على تواجده بالدار
فهو مصدر الطعام الأساسي لتلك الدار
يقترب د. محمد من ابو محمود ويربط على كتفه برفق
وكأنه يعطية جرعة من الرحمه والحنان مخرجا من جيبه بعض النقود القليلة ملتف حولها ورقة بيضاء بها عنوان الباشا ضابط الجيش الذي سيذهب إليه بابنته راضيه لتلحق بالعمل لديه في بيته
يطاطا ابو محمود راسه في خجل خيرك سابق يا دكتور..
يبتسم دكتور محمد ابتسامة ممتلئه بالأحزان دول مواصلاتك حتى تصل براضيه إلى منزل أحمد بيك والا انت ناوي تأخذها مشي حتى القاهره.
يزداد انحناء ابو محمود من شدة خجله مرددا
والله لولا الحوجه بنتي مش هاين على مرممطها دي
يربط د. محمد مره اخرى عليه قائلا بكره ح تفرج وتبقى آخر تمام
وبنتك متربيه كويس و تشرف في مكان.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى