الشرق والصراع الروسي الغربي الراهن
بقلم / منجي على بدر
الوزير المفوض والمفكر الإقتصادي
أنا إبن الشرق .. حيث الوضوح والصراحة والوجه الواحد وليس الأقنعة التي تتبدل وفق المصالح ، وبشأن الصراع العالمي الراهن أقول :-
إن الصراع الروسي الغربي علي الأراضي الأوكرانية كان كاشفا لنظام عالمي جديد ولم يكن منشئا له ، وسوف تتغير مراكز القوة والحضارة من الغرب الي الشرق مرورًا بالشرق الأوسط حيث أثر الصراع حتي الآن علي كل شعوب العالم بدرجات متفاوتة وزاد أنين الشعوب وظهر كذب النخب السياسية في الغرب و بدأت مرحلة الانكفاء على الذات ، وقد يعني ذلك أن الإتحاد الاوروبي قد لايستمر بشكله الحالي ، فقد سبقت بريطانيا الجميع وقفزت من القارب تمهيدًا لاغراقه بالتنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية ، كما طلبت بولندا من ألمانيا يوم ١ سبتمبر ٢٠٢٢ تعويضات عن الحرب العالمية الثانية بقيمة ١،٣ تريليون دولار وقد يكون ذلك هدفًا لبولندا أو وسيلة للضغط علي ألمانيا لزيادة دعمها لأوكرانيا ، وقد رفضت ألمانيا الابتزاز البولندي.
وعلي الجانب الآخر ، هل تطالب روسيا بميراث الاتحاد السوفيتي السابق في الدول التي استقلت بعد تفككه في تسعينات القرن الماضي ، في مشروعات أقامها الاتحاد السوفيتي ومازالت تعمل حتي الآن ومنها أوكرانيا ؟
ونعرض لعوامل بدء الضعف في الدول الغربية وآلتي قد تسرع من خطوات نقل مركز القوي شرقًا منها :-
⁃ حاله الرفاهية التي يعيشها المجتمع الغربي وعدم قدرته علي تحمل أي حرمان طويل الأجل .
⁃ حاله خفه السكان حتي أصبحت أوربا مجتمع الشيخوخة.
⁃ اعتماد الآقتصاد الغربي علي الخدمات بشكل أساسي بجانب الانتاج وهي توليفه لا تصمد أمام صراع طويل الأجل .
⁃ اعتماد الغرب علي إستمرارية الهيمنة على العالم والاستفادة من ذلك دون وعي كاف للتغيرات التي تحدث في الشرق .
⁃ أفرزت الديمقراطيات الغربية زعماء من طراز ضعيف غير قادر علي اتخاذ القرار المناسب لصالح شعوبهم واستمروا في التبعية للولايات المتحدة الامريكية .
⁃ تنوع الاقتصاد الروسي ساعد علي الصمود أمام العقوبات الاقتصادية الغربية والتي أصبحت سجنًا كبيرًا للاقتصاد الغربي والعالمي وشبه جنه للاقتصاد الروسي الذي حقق وفورات مالية كبيرة من ارتفاع أسعار البترول والغاز الطبيعي والحبوب .
⁃ نجاح روسيا في ايجاد بديل لصادراتها لدي الصين والهند وبعض الدول في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.
⁃ التفوق العسكري للسلاح الروسي علي الغربي حتي تاريخه.
وعليه ، فان إستمرار الصراع قد يبدو حتى الآن في صالح روسيا ، في حين أنه دمار للغرب ، والولايات المتحدة الامريكية ومعها بريطانيا تهمها مصلحتها وعن تقديم سلاح أمريكي لأوكرانيا انما هو ضريبة لاستمرار الهيمنة الأمريكية علي العالم وتثبيت دعائم الدولار كمخزن للقيمة ووسيلة لتسوية المدفوعات الدولية واستنزاف روسيا وتعطيل الصين فترة من الزمن ، ولكن يبدو أن هدف الولايات المتحدة الامريكية قد لا يتحقق اذا استفاقت كل من روسيا والصين وقد استفاقت بالفعل ، وخرجت أوربا من العباءة الأمريكية.
أما الشرق الأوسط فهو الكاسب الخاسر من الصراع الروسي الغربي في الوقت الراهن ، حيث حققت الدول النفطية فوائض مالية ضخمة من إرتفاع أسعار الطاقة وبرزت أهمية تحقيق الأمن الغذائي والدوائي والمعلوماتي بغض النظر عن قوانين وقواعد الاقتصاد ، في حين تمثلت الخسارة لبعض الدول في التضخم وخفض إيرادات السياحة والبطالة وارتفاع فاتورة الواردات ،
أما في المدي المتوسط والطويل فان انتقال مركز القوه والحضارة للشرق سيعود بالنفع علي دول الشرق الأوسط أقتصاديا وسياسيًا وحضاريا ، بشرط التعامل الذكي مع المتغيرات العالمية والاستفادة منها.