تلتئم الجراح على حوافها
بقلم /ناريمان حسن – سوريا
تُرى من يستطع أن يداري كل هذا الصمت؟
من بإمكانه أن يمحي كل هذا الحزن؟
مَن يستطيع أن يخرس هذه العصافير التي تزقزق في صدري؟
هذا الليل الشاحب المكلل بالأرق من يبعثره؟
كيف أعثر على ضالتي في العمر؟
ومن أين يبدأ طريق الحياة؟ أيّ من هذه الاتجاهات تؤدي إلى الطرف الأقل انحداراً في الألم؟
لم هذا اليوم أيضاً؟
أجدني أخاف من المطاردة
هذا الشبح المطارد ومنذ أن كنت طفلة صغيرة بعمر زهرة تفتّحت لتوّها، كان يطاردني في حلمي ولم أستطع أن أنجو يوماً.
كنت أتعفّن رهباً في أركان العمر!!
كان لتلك المطاردات بريق حزين جدّاً، يدبّ في أركان قلبي الصغير..
هل كان قلبي ضريراً منذ البداية، ولم يميّز يوماً إلا السواد؟
عند خروجي من كل منحدر جزء مني كان مغتالاً، كعادتي لم أبكِ يوماً..
ابتسامتي التي كانت ترتسم من تلقاء نفسها، جعلت من وجهي مسالما بالنسبة لهم.
قبل أربعة أعوام من الآن حكمت على نفسي بالأمل، وأنا غارقة في الحلم على ترّاس منزلنا القديم، وغفت تلك الليلة، على وجه الأخص طاردني شبح ضخم جدّاً.
حاولت أن أدفن رأسي في كل شيء، الأشياء التي أصادفها وأنا أحاول النجاة.
كل الأبواب الموصّدة حاولت أن أدخل منها..
صوتي كان يرتجف، داب الخوف في أركاني، واستيقظت..
ولكن لم أنجُ.
ظننت أنه كان شبح الموت والاغتراب،
دفنت رأسي في الوسادة وبكيت كثيراً للمرة الأولى.
لاحظت أن لبكائي لم يكن له صوت..
جاهدت أن أبدو على هيئة إنسان طبيعي بإمكانه أن يحادث ويشعر بالجميع.
جاهدت أن أبدو أكثر اتزاناً، رميت باحباطي ويأسي إلى مناجل المجهول، تطلّب الأمر مني الكثير من الجهد والحذر.. ولكنني فشلت!!
صليت في عتمتي بصمت، اكتشفت أنه لصلاتي أيضاً لم تمتلك صوتاً.
طالبت الله أن تنمو لي آذاناً جديدة، وقلب جديد، ذاكرة فارغة..
وتلتئم جراحي على حوافها
ولكنني كنت مفخخة بالذكريات، ودون أن أعلم وطأت قدمي على لغم، فانفجرت كل الجروح في صدري،
وظل مظهري كما هو، لم يتأثر، وبقي الصمت على حاله.
ومنذ مدة؛ طاردني الشبح ذاته
اتجهت في كل الممرات الضيقة
الأزقة المهجورة
منزلي اليتيم
في قلوب هؤلاء الذين احتويتهم ذات لحظة، حاولت أن أنجو من الشبح مجدداً، ولم أنجُ.
وحال استيقاظي..
أدركت أنه كان صوت الروح الذي أخرسته
يطارد هيكلي.