روح أكتوبر تُبث من جديد في البناء
بقلم / محمد جمال موسي
مع حلول شهر أكتوبر من كل عام ينتابني مثل كل المصريين شعور بالفخر والثقة والإعتزاز بأبناء الشعب المصري، الذي حارب في أصعب الظروف وتغلب علي كل المعوقات، وحقق معجزة تُدرس في الكليات العسكرية حول العالم، بسبب قوة وشجاعة الجندي المصري في تلك المعركة
يعد نصر أكتوبر أعظم انتصارات الأمة العربية في تاريخها الحديث، حيث جسدت أصاله شعب مصر وقواته المسلحة، وقوة ولائهم للوطن، ودائما نجد شعب مصر العظيم وراء جيشه بمثابة حائط صد منيع ضد جميع المؤامرات والمخططات في حرب أكتوبر وإلي هذه اللحظة، فنشاهد جميعاً تلاحم جميع أطياف الشعب علي قلب رجل واحد.
شعب مصر لا يقبل الهزيمة ولا يقبل امتهان الكرامة، فبعد حرب الإستنزاف فقد الجنود وأفراد الجيش عزيمتهم بسبب الهزيمة، ولكن بعد شهرين منها استطاع الجنود إستعادة عزيمتهم وقواتهم بتدريبات شاقة وقاسية ليلاً ونهاراً لإستعادة قواتهم البدنية، ومن المعروف أن الحرب خدعه، وخدعه أكتوبر هي عنصر المفاجأة من جيث الوقت واختيار اليوم أيضا، فقد ظن العدو الإسرائيلي أن المصريين صائمون ولا قِبل لهم في الحرب والهجوم بسبب الصيام، ولكن قوة الفرد المقاتل وتحمل كل المعوقات من الهزيمة التي حاقت بهم في حرب ١٩٦٧م، والعطش والجوع في نهار شهر رمضان المبارك، تمكنت قواتنا من العبور واجتياز مانع قناة السويس وتحويل الهزيمه إلي نصر عظيم واستعادة الكرامة والإعتزاز.
ومع الذكري ال 49 لنصر أكتوبر تحيطنا مشاعر الفخر بقواتنا المسلحة درع مصر الواقي، وسيفها القاطع الذي يبتر يد كل من تسول له نفسه محاولة العبث بأمن واستقرار الوطن، فتاريخ الجيش المصري ووطنيته لاتخفي علي أحد والمعارك التي خاضها من أجل الدفاع عن مصر سُطرت بحروف من نور في كتب التاريخ، فإسرئيل لم تضع في حسبانها كفاءة الجندي المصري والذي كان كلمة السر في انتصار أكتوبر.
كتب الرئيس الراحل محمد أنور السادات عن هذا الشعب العظيم في كتابة “البحث عن الذات” قائلاً : الشعب المصري يقبل الجوع والفقر والحرمان ولكنه لايقبل امتهان الكرامة، فكرامة الإنسان عند الشعب المصري هي أن تكون أو لا تكون، يخطئ من يظن أن شعب مصر يمكن أن يموت فهو عملاق دائما يتحمل أشد أنواع الأذي من الداخل والخارج ، ولكن هذا الأذي لا ينال منه أبداً فبمجرد ما ينكشف هذا الغبار تجده عملاقاً كما هو، قد تجده مجروحاً ينزف دماً، ولكنه يعلم أنه سيأتي الوقت الذي يقف فيه النزيف ويضمد جراحه، هذا الشعب الذي آمنت ومازلت أومن به وأدعو الله أن يزيل جميع المعوقات ويجعل الكلمة الأولي والأخيرة له، فأنا أعرف أنه عند ذاك سوف يحقق المعجزات”.
كلمات السادات عن الشعب المصري وضحت أنه هذا الشعب صامد وقوي، وكما استطاعت القوات المسلحة تحقيق الإنتصار في حرب أكتوبر منذ 49عاماً، فإنها وأبناء مصر.. أما اختبار آخر لايقل أهمية عن انتصار أكتوبر يتمثل في التعمير والبناء، فما نلمسه من تطور حقيقي بداية من الطرق والكباري وقناة السويس والمدن الصناعية والصوب الزارعية والمزارع السمكية والعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع حياة كريمة الذي يمس حياة المواطن المصري بصورة مباشرة، وكل ذلك واضح أمام أعين الجميع، فنسنطيع أن نقول أن مصر علي طريقها الصحيح نحو التنمية والتقدم الحقيقي، فهذا الشعب صنع المستحيل في حرب أكتوبر ويصنع المستحيل حالياً في بناء وتعمير مصر.
فتحية تقدير واحترام واعتزاز لكل قادة أكتوبر العظماء، وأتقدم للجندي المصري بأسمي آيات التقدير ولكل الأبطال البواسل من قواتنا المسلحة وشعب مصر العظيم خالص التهاني في يوم احتفالنا بيوم العزة والكرامة يوم السادس من أكتوبر ١٩٧٣.