صاحب الذكري العطرة صلَّ الله عليه وسلم
بقلم / محمد جمال موسي
بعد أن تفاقم الباطل وساد الضلال وباتت الدنيا لاتعرف للنور طريقاً، ولا للحق سبيلاً ولا للعدل منهجاً، وكان الناس يعيشون في جاهلية تلاشت أمام سطوتها القيم الإنسانية، واستسلمت العقول عن التفكير وزاغت للهوي، حتي سقط الإنسان من عليائه وسجد للحجر والشجر، ظل الناس يتمادون في جهلهم، حتي ظهر النور الذي بدد الظلام وأضاء الكون بنوره، ودعا إلي عبادة الله الواحد الأحد، مخرج البشرية من الظلمات إلي النور، وخاتم الأنبياء والمرسلين وصاحب الدين الخاتم وصاحب الخُلق العظيم كما الله تعالي “وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ”. سيدنا محمد صلَّ الله عليه وسلم، الذي أضاء الكون بمولده في يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول عام ٥٧١م.
محبه سيدنا رسول الله صلَّ الله عليه وسلم فرض علي كل مسلم ومسلمة، وأن يكون الرسول أحب إليه من جميع من في الدنيا، بما فيها نفسه محبه قلبية خالصة لله قال الله تعالي بسم الله الرحمن الرحيم، “قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”.. (٣١)سورة آل عمران..، فدليل محبه الله سبحانه وتعالي هو إتباع سيدنا محمد صلَّ الله عليه وسلم، فمحبه سيدنا النبي أمر من الله سبحانه وهي شرط من صحة الإيمان لقوله عليه الصلاه والسلام” ثلاث من كُن فيه وجد حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما” أو كما قال صلَّ الله عليه وسلم ، فالإطلاع علي سيرته وصفاته وشمائله وأخلاقه الكريمة، وحرصه علي هداية أمته وإنقاذها من السوء ورحمته بنا، توجب محبته صلَّ الله عليه وسلم.
احتفالنا بمولد سيدنا محمد صلَّ الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأفضل القربات إلي الله سبحانه وتعالي، فكان رسول الله يحتفل بيوم مولده، فحينما سُئل عن صيام يوم الإثنين قال ذاك يوم ولدت فيه، فحتفي به النبي بأعظم الإعمال إلي الله وهو الصيام شكر لله علي نعمه التي لا تعد ولا تحصي، فالإحتفال بمولد رسول الله مهم وأفضل العبادات، ولكن خير احتفاء وترحيب بمولده صلَّ الله عليه وسلم هو الإمتثال والإقتداء بسنته المطهرة وإتباع ما جاء به من تعاليم وتشريعات لديننا الحنيف.
ذكري مباركة تعيش فيها الأمة الإسلامية في شهر ربيع الأول، والأجمل ما تفعله إذاعة القرآن الكريم بالإحتفال بمولده صلَّ الله عليه وسلم، من خطة محكمة تتمثل في بث خارجي يومياً طوال هذا الشهر المبارك بالإضافه إلي الأمسيات واللقاءات مع علماء الأزهر الشريف للتحدث عنه وسرد سيرته العطرة وإبتهالات ومدح بين فواصل البرامج، فتجعلنا دائما نرطب ألسنتنا وأفئدتنا بذكر الله وذكر رسول الله، حقاً إذاعة القرآن الكريم صديقة للإنسان في البيوت والسيارات والمحلات التجارية، فنجد أن هدف الإذاعة يتمثل في نشر وتوصيل رسالة الإسلام الوسطي الذي يتبناه الأزهر الشريف، ونشر سنته، فتحية إجلال وتقدير وإحترام لكل القائمين علي هذه الإذاعة العريقة.
إن ذكري المولد النبوي الشريف لا ينبغي أن تكون يوماً واحداً أو ليلة واحدة، ولكن الأفضل هو أن تلازمنا سيرته ومحبته في كل أيام عمرنا إلي أن نلقي رسولنا صلَّ الله عليه وسلم غير مبدلين ولا مغيرين وذلك أمر ممكن وفي المستطاع ويسير علينا أن نتبع هدية لأنه محفوظ ومشروح وفي المتناول بأفصح الكلام وأبلغه، فلم يترك صغيرة ولا كبيرة ولا أي أمر من أمور الدنيا إلا أحاطنا بها فسنته ثروه لنا ولا نجد لها مثيل لتقربنا إلي الله سبحانه وتعالي.
وقال حسان بن ثابت : أغَرُّ، عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّة خَاتَم.. مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ.. وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمه،.. إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ.. وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليجلهُ.. فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمَّدُ صلَّ الله عليه وسلم.