بسمه ثروت تكتب : الصرصار يتعذب
كان الشارع صامتا و لم يكن به سوى محل تجارى واحد و قلة قليلة من البشر يراقبون بعضهم البعض بدافع الملل.. حيث انه لم يكن هناك ثمة شىء للمشاهدة سوى التطلع بوجوه الآخرين ..
أما أنا أحرص دائما على انتهاز تلك الأجواء الصامته في التطلع إلى الأرض و التفكير فى أمور حياتية كثيرة تُحزننى ( فى جميع الخطايا التى ارتكبتها و هل كانت خطايا بالفعل؟ أم أنا من أشعر بالفادحة و أحب جلد الذات لدرجة إلصاق التهم لنفسى ؟ .. كم عدد الأشخاص الذين تخلوا عنى و لم يخالجهم أى تأنيب ضمير تجاهى ؟ هل يجب أن أجد لهم مبررات حتى لا أكرههم ؟ .. لمتى يستمر هذا العذاب الذي يعتريني و العجز عن استرداد روحي التى فقدتها ؟ )..
بينما أفكر لفت نظرى صرصار ملقى على ظهره بإحدى الجوانب تتتحرك أرجله و شواربه بشكل بطىء ينازع الروح فى لحظاته الأخيرة و من المؤكد موته بعد دقائق عدة..
نظرت له نظرة نعى حزينه و استمررت فى السير لخطوات ، فوجئت بحديث الرسول ص يقفز إلى ذهنى :”فإذا قتلتُم فأحسِنوا القِتلةَ”..
فتوقفت عن السير لأفكر في سحقه بالحذاء لإنهاء عذابه.. أنه بالطبع ألم نفسى كبير بالنسبة لي أن أقدم على قتله إلا أن ذلك الفعل سيكون راحة أبديه له من العذاب الذي يعانيه الآن ..
(هل أتركه يتعذب أم أضع حداً لمعاناته و تألمه ؟)
اتخذت قرارى المؤلم بالنسبة لي و المريح بالنسبة له و عدت للوراء و هممت بسحقه إلا أننى في اللحظة الأخيره تراجعت و فكرت مجددا ..
هل هو يموت بالفعل أم قد وقع بالخطأ على ظهره و عجز عن إسترداد وضع جسده الطبيعى بسبب ثقل وزنه .. ظللت اركز فى حركة أرجله .. هل هى حركة منازعه للروح أم حركة محاولة للتغلب على أمر ما ؟؟
الإحتمال الثانى وشيك.. و إذا كان هناك أمل فى بقائه على قيد الحياة فلماذا لا أسعى إليه فى البدايه قبل تنفيذ قرار القتل ؟
وجدت آداة المساعدة إلى جواره.. قطعة خبز جافه يابسه .. و بدون تردد التقطتها و قمت بقلبه على وضعه الطبيعى بواسطتها لأرى النتيجة .. يا إلهى.. يا رب العالمين .. لقد تحرك فى لحظتها و جرى من فوره و بمنتهى السرعه نحو شق مظلم ليختفى داخله إلى الأبد و كأنه عاهد نفسه على عدم الخروج مرة أخرى ..
يا إلهى .. إنها فرحة تقتحم قلبى مثل الوغزة البسيطة .. لقد إستطعت إنقاذ روحاً تتألم و إعادتها للحياة من جديد ..كان كل شىء معد من عند الله : ( أن أراه .. أن أفكر فى قتله .. أن أتراجع.. أن أجد وسيلة المساعدة إلى جواره.. )
إنها رحمة الله بالروح العاجزة ..روحه و روحى العاجزتان ..قد كان فى حاجة إلى المساعدة و قد كنت فى حاجة إلى تلك الفرحة الصغيره التى جعلتنى أشعر أن الله معى .