900
900
مقالات

شكرا لساعي البريد

بقلم / سلوى مرجان

900
900

لا بأس بالبريد السريع…. هو هبة السماء لمن يطول عليهم الانتظار
شكراً ساعي اليريد
الغالية فاكهة نوفمبر / تحية برائحة المطر، وجمال الغيوم.
أرجو أن يصلك خطابي في بدايات تشرين الثاني(نوفمبر)، فأكون أول من دق باب الخريف؛ قبل أن تدقه الرياح وتحتل أرضه الأمطار.
بداية أود إخبارك بأن كلبة جاري أنجبت ستة جراء، وهذا حدث هام للغاية هنا، إن الجراء الصغيرة تلقى عناية واهتمام لا تتلقاه المرأة المكافحة في بلادنا، لقد أخذ جاري وزوجته إجازة لمدة يوم للاعتناء بالجراء والأم.
اليوم هو الخامس والعشرون من شهر أكتوبر(تشرين الأول)، درجات الحرارة معقولة لحد كبير، فالعظمى عشر درجات، وأعتقد أنه مع دخول نوفمبر سيصعب إيجاد هذا الرقم مرة أخرى، بالنسبة للرياح فحدث ولا حرج؛ فسرعتها تزيد عن سبعة وعشرين كيلو مترا في الساعة، أما النهار فلا نلقاه سوى عشر ساعات في اليوم.
شاهدت أخيرا فيلمك المفضل (you have got a mail)، كنت أبتسم طوال الوقت ليس فقط لأنه حقا فيلم راق وجميل؛ ولكن لأني كنت أعلم مدى سعادتك عندما تشاهدين الفيلم (على حد قولك) أكثر من خمسة عشر مرة.
صديقتي/ قضيت إجازة الأسبوع الماضي في (هاملتون)، والمسافة بين ترونتو وهاملتون ليست كبيرة، فهي أقل من تسع وستين كيلو مترا، نزلت بفندق(waterfront hotel) لأكون قريباً من قلعة(dundurn castle)، وهي عبارة عن قصر تاريخي حديث على الطراز الكلاسيكي، استغرق بناؤه ثلاث سنوات، ويضم أربعين غرفة، يحتاج الأمر للتفرغ لمشاهدة كل التفاصيل البسيطة الجميلة به.
قابلت هناك فتاة مصرية مهاجرة تدعى(دينا داود)، وهي طبيبة نفسية متزوجة من زميل لنا، من المؤكد أنك تذكرتها، بالطبع هي التي مرت بذاكرتك الآن، فقد دعتني وزوجها على الغداء ببيتهم في هاملتون، وبعد أحاديث مختلفة ذكرت اسمك، فطلبت رؤية صورتك وعرفتك، أخبرتني أنكم تعارفتم منذ أكثر من عشرين عاما بمطروح، وأنكم تراسلتم لفترة، ثم انقطعت الأخبار بينكم، سأرسل لك عنوانها بناء على طلبها.
أخيرا أود إخبارك أن الموضوع الذي حدثتني عنه في رسالتك الخاصة وأوضحتي أنها مجرد ثرثرة في مسألة فارغة (على حد قولك)، أقول أن هذا الأمر لو كان بسيطا كما ذكرتي، لما ذكرتيه من الأساس، لكنها مسألة تؤرقك، وأمر ينهش ذاكرتك ويسبب لك الألم، وتحقيرك للأمر لن يجعله فارغا كما تعتقدين، ونصيحتي كطبيب بأن تصارحي نفسك بأن الأمر كبير ويقض مضجعك، ولكنك قادرة على تجاوزه وستتبعين خطوات عقلك. أما نصيحتي لك كصديق لا يتمنى سوى سعادتك أن تحتفظي بالحبوب التي أرسلتها لك، وكلما شعرت بالغضب قومي بزرع حبة منهم وانتظري دون تفكير بالأمر حتى تكبر الزرعة، وسترين أجمل الزهور التي لم تشاهديها بحياتك. هكذا هي الأزمات والصدمات تُزهر بعدها زهورا لم نرها من قبل.
أنا أيضاً بعد موت صديقي تخيلت أن الحياة رحلت معه، ولكنه ترك لي أثرا من العطر أشمه في كل خطواتي بالحياة.
غاليتي/ كل عام وأنت بخير، تنضجين ولا تذبلين، تعلين فوق أحزانك ولا يعلو عليك ضي، تغمرك الحياة ولا تغرك، تشيب خصلاتك ولا يشيب قلبك.
وفي النهاية / أتمنى أن تتذكري دوماً أن هناك من يحملك في القلب، ويراكِ قبيلته.
صاحب الابتسامة البيضاء

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى