مقالات

موظف بدرجة إبتلاء

بقلم / د. محمد كامل الباز

كما أن معظم أحداث الحياة تتبلور فى وصفين لا ثالث لهما إما نعمة وثواب أو نقمة وبلاء الحياة الروتينية أيضاً ينطبق عليها ذلك التصنيف، أخص بالذكر جزء هام من تلك الحياة وهو الموظف الروتينى ( العقدة ) الرزل كما يطلق عليه، يأتى فى طريقك وكأن الله يعطيك أجر وثواب نظير هذا البلاء الذى ستواجهه، تشعر كأنك مطالب عند الوقوف أمامه بتذكر كل ذنوبك واثامك كل هفواتك وغفلاتك، ياتى ليجعلك تكره العيشة واللى عايشنها، تريد إنهاء اجراءات اجازتك يعترض ويجعلك تسافر الجمهورية كلها من أجل تدرج غير واضح فى لون الختم، من الممكن أن يجعلك تصعد للدور السابع من أجل ورقة ثانوية، بل من الممكن أن يجعلك تخرج من المصلحة نفسها لتحضر له صورة بطاقة بدونها ستغرق الأرض واليابس، موظف لا يملك أدواته ولا يفهم طبيعة شغله لذلك يعوض ذلك النقص بعجرفة وتعالى على المواطنين، دائم التجهم قليل الضحك يشعرك بحجم المسئولية عليه كأنك تجلس مع قائد حلف الناتو، موظف أسهل مايفعله ليوقف حالك، الامضاء غير واضحة، حاجة العمل لا تسمح، يجب إحضار موافقة من اليابان…هكذا وغيرها من التعقيدات،
وفى النهاية حفظ أو رفض لطلبك وينظر لك كأنه كبير الجراحين الذى واجه عملية استئصال ورم فى المخ، للأسف هذا الموظف سيعرف مدى حب وتقدير الناس له بعد خروجه من الخدمة، وهو يجد التكبر والتعالى حيث كان يواجه بها المواطنين ومستخدميه قد رُدت إليه الطاق طاقين، عندما يزور المصلحة التى كان يعمل بها لا يعتنى احد بوجوده وربما حتى لايجد كوب من الماء ليشربه، أصبحت نكته البايخة ومزاحة الثقيل لا يضحك أحد، قديما كان الكل يضحك له تملقا ورياء، الأن عرف قيمته الحقيقة وعرف مدى تقدير الناس له، الأن يواجه افعاله، تجده بعد فترة من الزمن وهو على اسوء حال لا يوجد تقدم فى حياته عاش موظف وخرج من المعاش ولم يفعل شىء وذلك نتيجة طبيعية لوقوفه عقبة فى وجه المواطنين، كم تسبب فى ترك هذا لوظيفته أو حرمان ذلك من فرصة سفره، كم عانى موظفيه من تحكمه وشراسته، أخذ دعوات تكفى خراب مالطة من كل المواطنين الذين ظلمهم وتجنى عليهم، ليس فقط دعاء الناس من فعل فيه ذلك بل لقد دعا عليه أفضل وأجل الخلق،
عن السيدة عائشة رضي الله عنها قال صلى الله عليه وسلم
(اللهم من ولى من أمر امتى شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولى من أمر امتى شيئا فرفق بهم فارفق به ).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى