خصال النفس وأسئلة الإخلاص
بقلم / عزت سمير
رئيس محكمة الجنايات
تلك الوجوه المستبشرة والقلوب المطمئنة والعقول الراجحة والنفوس الواثقة هي المقصد والسبيل في تلك الملحمة،، ملحمة الحياة ورحاياها ، ملحمة المعاملات وخباياها ، ملحمة التربية وثناياها ،،، ومن هنا نبدأ :
نبدأ لنقول وبحق بأن كل من تربي ، كل من قام ، كل من تقوى ، كل من تأسس بنيانه علي دعائم الإستبشار والطمأنينة والرجاحة والثقه ، إنما هو ذلك القوي الأمين الواثق من ذاته والمؤمن بقدراته ومقوماته.. وهو بذلك يكون قد تأسس منذ الصغر وترمم بنيانه عند الكبر.. تأسس بدعائم القيم وأسس المبادئ ومفاهيم التعلم ثم انطلق عقبها نحو الكبر فصار في ترميم ذاته وتأهيل بنيانه مما أصابه خلال مرحلة الإنطلاق فيما بين مهده وكهولته ، فأصبح في دوام الترميم مستعيناً بتلك الأسس التي قام عليها ذلك البنيان لكي يواجه بها ما أصابه من جراء معاملاته لكي يسير علي نفس النهج الذي ابتغاه منذ صباه ، نهج الثقة والأمانة والإقتدار ،، الثقة التي تملأ نفسه والأمانة التي تحتوي صفاته والإقتدار الذي هو منبت تصرفاته.
ومن هنا يكون الزاد والكفايه ، زاد السير وكفاية السعي بين طرقات الحياة ودروبها ، بين معاملات النفوس وخبايها ، بين مقدرات العقول ورجاحتها ،، فيكون الملتقي مع الآخر والذي قد يثريك وقد يعسرك ،،، يثريك بفكره وثقته وعلمه ، ويعسرك بنواقصه وضعفه وقلة خبرته.
ومن هنا تنبت لحظة القرار ، قرار الإستمرار أو الإعتزال ، فإما من إستمرار نحو الأمام أمام تلك العقول الواهيه ، وإما إنعزال عن تلك النفوس المغرضة ،، ومن هنا يأتي مفهوم القوة والإقتدار ، القوة والقدرة علي إتخاذ القرار والتي لن ينالها إلا كل واثق من نفسه ، علمه ، مقدراته ، وكل من هو يطمئن لحاله وإرتاح باله بأنه القادر علي وضع الأمور حيز نصابها الصحيح ومن ثم يكون المصير نحو إرتياح الضمير ،، فالواثق الأمين ، والواضح الصريح ، والمطمئن القدير ، إنما هو ذلك الناجح نحو إدراك الأمور وإستيعاب المقادير لكونه يبصر شتي مناحيها من كل زاوية فيها ، وذلك علي العكس ممن أصابه العوار وإنتابته النواقص فصار منعدم الثقة في الذات ومهلهل البنيان في العقل والحال ،،
ولعل مقصدي من ذلك السرد ، هو أنه لكي يستطيع المرء مواصلة الحياة في ظل صعوباتها وما اعتري البعض فيها من آفات ، فإنه يجب عليه أن يزن الأمور بموازينها الدقيقة الخالصة الإنضباط ، وذلك كله لن يكون إلا إذا كان المرء مؤمناً بذاته ، واثقاً بقدراته وليس مهتزاً مصاباً بنواقصه ،،
ولعل خاتمتي في تلك القصاصة تشير إلي أن المعاملات والعلاقات إنما يجب أن تكون علي شاكلتها لتدوم ، فالواثق للواثق بنيان ، والقادر للقادر عون و إطمئنان ، فلا يستوي النقيضان إذا ما أرادا السعي نحو قدرة الإستمرار ،،
رزقنا الله وإياكم صحبة الأخيار ولقاء الأبرار من أصحاب العلم والثقة والإقتدار .